اخر الاخبار:
تحذيرات من "مادة وردية" تغطي لوس أنجلوس - الثلاثاء, 14 كانون2/يناير 2025 18:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

ثورة وشعارات// خديجة جعفر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

خديجة جعفر

 

عرض صفحة الكاتبة 

ثورة وشعارات ..

خديجة جعفر

 

ان سيطرة شعارات الاولوية، غالبا ما تضع حملتها في ثبات عند النقطة، حيث تبقى هذه الاولوية مكان قاصر عن ان يؤهل بثباته، القدرات التنافسية، لآمال الغلبة ...

تؤكد التجارب والتواريخ والاحداث على ان الثبات في الزمان وفي المكان، لم يكن في خلاصات التقييم والمحصلة الا خطوات نحو الوراء فكيف يمكن بحث التقدم مع هذا الكم من الثبات الذي تقرضه الشعارات ؟

 

سقوط الانظمة ليست اخر مطافات الحلول التنموية والتقدمية، بل ربما قد لا تتعدى الامل في تخطي الثبات، نحو الفعل الأولي من بداية تقبل التغيير والاعتراف به ، بحيث لا امكانية للتغيير مع الثبات..

 

ونحن شعوب في الوراء كثيرا جدا ...

في محادثة خاصة لي  مع صديق من الجنسية السورية، وسؤاله بالشخصي حول ما يجري في سوريا الان، احتياطا من الوقوع في زلات التصنيف الاعلامي المسبق والانزلاق في الاصطفاف الذي تفرضه مجريات الاحداث، لتكون منه بابسط الاجابات واكثرها اختصارا وشرحا ومصداقية وملامسة لبقايا انسانيتنا التي تغادرنا تباعا ودون انتباه منا، حيث قال بلهجته السورية القلقة، الحزينة الباكية كما دوما الا من انفعالية فرحة مستجدة  تظلل الحروف من نبرة الصوت ليقول:

" خدوووج ..

هدول ولادنا، هدوول ولاد البلد سوريا  " ...

 

ايقظتني النبرات المترجلة بين دمع وذاكرة، لتقلب امزجة الشكوك من اسئلة عودتنا عليها طروحات المرحلة من اولويات واعتبارات وتصنيفات ومصالحات وعداءات..

واهِمٌ من يعتقد ان مصير ومستقبل الشعوب لا سيما التي اتسمت بثبات للسلطة السياسية، بانها ربما تحقق نقلة نوعية بمجرد خطوة انقلابية ...

فأذا اعتبر التغيير تحولا شاملا على كافة المستويات فخطوة يتيمة دون ملحقاتها تباعا، لن تؤدي إلى هذه الشمولية لا سيما وان خطوات المعارضين المنقلبين بمثابة "الدعسة الناقصة" بالاغلب لانها تنطلق من افقية ما، اكثر منها انطلاقة البرامج الإصلاحية المبنية على الدراسات المتعلقة بجذور المشكلات والاحاطة بها حلولا وبرامج لقيادة وطن بدقة الظرف الذي تمر به سوريا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي لا سيما بعد ما اضافه  النزوح الى الذهنية السورية من معايير وقيم واولويات مستجدة ، قرأ عنها سرا ولم يعشها.

 

الثورة السورية، والتي تطرح العديد من اسئلة المشككين لكشف غموض ما حول  مشروعها القيادي للسلطة، ومرجعيتها، وانتماءاتها واهدافها لا سيما للاطراف المصنفة علمانية، والقلقة في شأن الخلفية التي تحملها هذه المعارضة، في الوقت الذي تحتاج البلاد للكثير من الجهود العلمية لتؤسس الدولة المدنية، ليحضر السؤال:

- هل ان الثورة السورية الحالية مؤهلة لتحقق هذا الهدف؟

- وفي حال تقررت احقيتها فأي سوريا ستولد؟

- واي سوريا سنشهد ، نحن البعيدين المراقبين ، القلقين على انهيار الشعارات؟

بداية لا بد من توصيف لهذه الثورة بأعين الشعب السوري نقسه، وليس من اعين الايديولوحيات والفلسفات التي تجعل من حكم الفشل اقرب طرق التقييم ..

 

لا تتنكر اعين السوري ونبرات صوته المرتجفة دوما، لذلك القمع الابدي على مرور خيبات ومراحل وسنوات، ولم يتغير، فلا بد لهذه الاعين وان تحلم بالمُخَلِص ، اكثر مما تحلم بالسياسات وتفكر بالايديولوجيات، فربما. بل والارجح، لم يتح لها فرصا جدية في رسم هذه السياسات واختبار فعالية الدور في رسمها، شعوب تريد وبالدرجة الاولى احساس الامان، الحماية، تريد ان تريد، في اقل التقديرات، تريد ان تكون ذاتها حتى وان تخطئ دون ضرورات الزيف والتنبيه والخوف المترتب على هذه الارادة والتمنيات فيما  تعيش .....

 

هي شعوب مغيبة عن كل مجدي من فعالية الاوطان، لطالما وجد من يتكلم عنها، من يتنفس عنها ،من يرسم مستقبلها دون اهمية رأيها الا انها رغم تهميشها تعاني ما تعانيه واقعا..

الحماية، والأمان مطلب انساني بالدرجة الاولى، قد لا ينتظر الاعتبارات المنطقية لاولويات المصالح الدولية التي ربما يحاسبها البعض عليها الان ....

 

ان متابعة بسيطة لفيديوهات ومنشورات رافقت تحركات الثوار او المعارضين كما يريح البعض في التسمية نجد نموذج متميز من ثورة تخاطب اولويات الناس، بحيث تتجه الخطى الاولى نحو فتح السجون، وتحرير المعتقلين وفي ذلك رمزية لا يمكن التغاضي عنها اختصارا لهموم الناس ما يطغى على اي مشروع سياسي، اول قوانينها المعلنة: "لا للثار" ..  فهي مُكوَن يفكر بطريقة الناس يتبنى قيمها وانماط عيشها، عاش تجربتها ويعرف همومها وماسيها كما يعرف ردود افعالها، فتكون قوانينه الوقائية الاولى ترسيخ الشعور بالامان، مستبعدا الثأر قيمة وسلوكا وردة فعل، على اي شعار آخر ، فشكل موضوعه اهمية تستلزم بواكير بياناته.

ان ثورة تفتح ابواب الحرية للمعتقلين قبل الشروع في تسلم مواقع السلطة وتشكيل الحكومات لا بد وان تكون ثورة الناس للناس...

تحمل ظلمهم على اكتاف أمييها، ومتعلميها، تمسح دمع امهات المعتقلين عند ابواب السجون، تعري المواقع فتجاور الناس احاديثها واهتماماتها وتمنع عنها الثأر وما سيتبعه من هدر المزيد من الدماء ...

هي ثورة الناس التي ارتكبت الصمت عند عسكرة الجغرافيا وانتشار السجون عند التلال لفرض ضمان الرؤية ثباتا في الذاكرة ، عند ابداعات الهندسة بناءً في نشر اصوات الرعب من اغنيات الحديد فيتحول الامان الى اسطورة تتطلب المُخَلِص من مارة تخاف ان تنظر فترى امتداد رعب يسكن ابنية السجون، تخاف ان تنصت فتسمع اصوات التعذيب الآدمي، تلتزم الحياد فتذوب في ورق المحاضر ارقاما في سجون...

 

نحن الذين نشاهد، نتكلم، نوجه النقد، نبدي استياءنا او حماسنا المحتمل من ثورة قد لا يصح اوانها بما يناسب توقيت مصالحنا، نبدي اراء التوافق او الاعتراض... بحيث قد لا يعني البعض من المشاهدين اهمية فكرة المُخلِص بقدر ما يعنيها التوقيت، المصلحة، الدور الاقليمي، فنشهد بذلك باصمين ، على موت الانسانية فينا وعلى تحولنا الى نسخ مكررة من انظمة تكرس تغولا اضافية على شعب يلتف بتلقائية وعفوية على حلم المُخَلِص الذي يسترجع بالوقائع جثث المعتقلين إحياء واموات الى ذويهم... فاي فرحة نسرقها من محروميها؟

وهل يلام الحزين على فرحة ولو بانت مستقطعة؟

 

اي أهمية لايديولوجيات العالم، عند اقدام عناق للأم التي استعادت ابنائها من قبور الفقد؟..

فلتسمها ما شئت من الاسماء. لكن لا تنس ان تطلق تسمياتك من ظلمة عمق البؤبؤ  للاعين السورية ...

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.