مقالات وآراء
حول وضع الامريكيين مكافأة على رأس الارهابي الشرع وإلغائها لاحقا// سعد السعيدي
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 07 كانون2/يناير 2025 19:50
- كتب بواسطة: سعد السعيدي
- الزيارات: 534
سعد السعيدي
حول وضع الامريكيين مكافأة على رأس الارهابي الشرع وإلغائها لاحقا
سعد السعيدي
... إذ لدينا ملاحظات حولها واسئلة نضعها في هذه المقالة. انه مما يثير الانتباه هذا الاهتمام الامريكي المفاجيء برفع المكافأة عن الارهابي الشرع وخلفيات التعامل مع حلفائهم. لننظر فيما حدث.
بتاريخ 9 كانون الاول الماضي اي يوم بعد سقوط نظام الاسد ظهر في الاعلام خبر يقول بقيام مسؤولين أمريكيين بمناقشة مزايا رفع مكافأة 10 ملايين دولار عن "الجولاني". هذا يعني ان الامريكيين كانوا يتوقعون حدوث تطورات في سوريا مع متابعتهم لتقدم الجولاني وشلته وانهم قد بدأوا من قبل سقوط الاسد يهيؤون انفسهم للنتائج وللقرارات الواجب اتخاذها. وإلا فبماذا تفسر هذه السرعة التي اعلنوا بها عن نواياهم في الخبر ؟
للتذكير فقد جرى تصنيف الجولاني كـ"إرهابي" من قبل الولايات المتحدة منذ عام 2013، بينما تم حظر هيئة تحرير الشام من قبل إدارة ترامب عام 2017 او 2018 ووضع مكافأة قدرها 10 ملايين دولار للحصول على معلومات تقود إلى اعتقاله. وادعى الامريكيون وقتها بان هذا القرار قد جاء في سياق استراتيجية بلدهم لمحاربة الإرهاب في الشرق الأوسط.
الاخبار المعروفة الاخرى تقول بان الجولاني - الشرع ومع تحول الثورة السورية إلى نزاع مسلح العام 2011، قد عاد إلى سوريا بتكليف من أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية لإنشاء فرع سوري للتنظيم، حيث أسس ما سُمي «جبهة النصرة» في كانون الثاني عام 2012. وفي تموز 2016 اعلن الجولاني قطع مجموعته لعلاقاتها بتنظيم القاعدة، وستُعرف باسم جبهة فتح الشام. بعدها أعاد هيكلة التنظيم ليصبح هيئة تحرير الشام في 2017. وهي ائتلاف من الفصائل الإسلامية بقيادته.
حول المكافأة الامريكية المخصصة للحصول على معلومات تؤدي إلى اعتقال الارهابي الشرع، نقول بان امر هذه المكافأة مضحك. فالامريكيون كانوا بالتأكيد يعرفون مكانه حيث كانوا يستطيعون القبض عليه بإنزال جوي في ادلب مثلا او ان يقتلوه حتى كالكثيرين غيره. لكنهم لم يفعلوا ربما لتجنب إغضاب تركيا حليفتهم في حلف الناتو. فهي ربما كانت ستخلق لهم المصاعب في الشرق الاوسط ردا على هذا العمل. وهذا فضلا عن ما لديهم من مشاكل وخلافات معها اصلا مما اوردناه في المقالة السابقة.
وتورد اخبار اخرى بالقول.. ومع تراجع داعش وانهيار معاقله، برزت هيئة تحرير الشام كأقوى الفصائل المسلحة في شمال غربي سوريا، وأنشأ الجولاني «حكومة الإنقاذ» لإدارة إدلب، محاولًا كسب تأييد محلي ودولي، ولكن واشنطن واصلت تصنيفه كإرهابي، مؤكدة أنه ما زال يشكل تهديدًا للسلم الإقليمي. وتساؤلنا هو هل كان رصد المكافأة هو في حقيقته انتقاما من الارهابي الشرع صنيعتهم السابق لخيانته لهم العام 2016 بعدما تعبوا عليه ودربوه في معسكراتهم حيث انتقل الى الاتراك وقيامه بعدها بدفع هيئة تحرير الشام التركية الدعم بقوة الى الواجهة لتزيح فرع داعش في سوريا وتحتل مكانه ؟ وإلا فلماذا استغرق الامر خمس سنوات حتى تخصيص المكافأة منذ تصنيفه كارهابي ؟ ونحسب انه بعد الفترة التي انفصل بها عنهم قد قام الامريكيون بمحاولات احتوت على اغراءات وضغوط لاعادته الى حضيرتهم إن صح التعبير. لكنه آثر البقاء لدى الاتراك الذين كانوا قطعا اقوى من الامريكيين. هذا هو ما نعتقد انه قد ادى بهم في النهاية بعد فشل هذه المحاولات الى وضع المكافأة المالية لاعتقاله. وهذا يشير الى حدود القوة الامريكية في الشرق الاوسط.
ومن الاخبار اللاحقة قرأنا بان باربارا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، اكدت خلال حديثها للصحفيين من الأردن، حيث سافرت بعد زيارتها لسوريا ان الشرع تعهد بالتخلي عن الأنشطة الإرهابية، مما دفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرار إلغاء المكافأة المالية التي كانت مخصصة للحصول على معلومات تؤدي إلى اعتقاله. وأشارت ليف إلى أن الوفد الأمريكي ناقش مع الشرع أهمية ضمان عدم تحول الجماعات الإرهابية إلى تهديد داخلي أو خارجي، بما يشمل الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة. تعليقنا هو ان الامريكيين يتعاملون مع من يتخلى عن الانشطة الارهابية من عدمها، لا إن كانت هذه الانشطة تشكل جرائما ام لا. هذا اولا. كذلك فانهم يعتبرون ما يمكن ان يحدث لهم هم وحلفائهم فقط جريمة، ولا يعتبرون نفس ما يحدث إن حصل للآخرين ايضا جريمة. وهنا لا بد من التوقف قليلا. فالامريكيون بحسب الاتفاقيات الموقعة معهم عام 2008 قد تعهدوا بضمان امن العراق حيث يعتبرونه حليفا استراتيجيا. إلا اننا نجدهم هنا وقد سارعوا الى رفع المكافأة عن الارهابي الشرع. فإن كانوا قد تنازلوا عن حقوق مواطنيهم هم باعتبارهم ضحايا للعمليات الارهابية السابقة التي اقترفها الشرع وامثاله، لا يمكن فهم اسباب تضحيتهم بحقوق العراقيين حلفائهم ممن تضرروا من عمليات هذا الارهابي إلا بكونهم يتصرفون وفقا لمصالحهم هم فقط، دون اي اعتبار لمصالح حلفائهم.
ايضا نلاحظ هنا ما يثير الانتباه في امر رفع المكافأة عن الشرع. فالامريكيون وكما نرى هنا بارعون في التلاعب بالالفاظ، لكن ليس علينا. فهم مع رفعهم للمكافأة اي الغائها، ما زالوا يصنفون الشرع كارهابي. وسيسأل ربما البعض عن الفرق بين الاثنين ولماذا لا يعني رفع المكافأة رفع التصنيف الآنف ايضا ؟ رأينا في الاجابة على هذا السؤال هو ان الامريكيين ما زالوا بحاجة الى حجة للابقاء على قواتهم المحتلة في الشرق الاوسط كما في العراق وسورية وباقي ارجائه كما في الاردن ولبنان ومصر ودول الخليج. ولو انهم قد سحبوا عن الشرع هذا التصنيف فستتلاشى الحجة ومعها امكانية الاحتفاظ بقواتهم في الاقليم. كذلك نعتقد بان الهدف الآخر للابقاء على تصنيف الشرع كارهابي هو بكونه محاولة للسيطرة على الموقف في المنطقة مع الاتراك الذين يدعمون الشرع وعدم ترك الميدان سالكا لهم فقط.
هكذا نرى مثلما ذكرنا في بداية المقالة كيف يثير الانتباه هذا الاهتمام الامريكي المفاجيء برفع المكافأة عن الارهابي الشرع. إذ انه قد افلح في الظاهر فيما فشل الامريكيون في التوصل اليه منذ بدء تدخلهم وهو اسقاط النظام السوري. وفي الطريق الى هذا الهدف قد رأينا في الخلفية الالاعيب والتصرفات الامريكية حيال منافسيها تحت عنوان محاربة الارهاب.