مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1273)- مانشيت/ 5 مقارنات جمالـية
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 07 كانون2/يناير 2025 20:22
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 815
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1273)
مانشيت/ 5 مقارنات جمالـية
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من البحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي الرابع والعشرين في دار الأوبرا المصرية. الموافق تشرين الثاني 2015 م.
البحث (التوافق التعبيري بين الموسيقى العربية والشعر المغنى؛ غناء المقام العراقي إنموذجاً).
***
مانشيت / 5 مقارنات جمالـية
لقد بُحثتْ مقارنات جمالية بين نتاجات الفنانين العرب الكبار أمثال محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، ووديع الصافي، وفيروز، وصبري المدلل، ومحمد القبانچي، وناظم الغزالي، وغيرهم الكثير، كمغنين مبدعين من جهة، وبين نتاجات معاصريهم من الفنانين العرب الآخرين من جهة أخرى، وهناك شَبْهٌ بسيط ولاريب في بعض خصوصيات الأداء فيما بين الجميع، إلا أن الكثير من الفنانين الذين ظهروا في حقبة النصف الأول من القرن العشـرين، وعاصروا الفنانين الكبار محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، ومحمد القبانچي، وخميس الترنان، وغيرهم كان معظمهم تقليديين جداً، حتى يخيَّل للبعض إلى انهم يصورون عقم الحياة المدنية والحديثة والمعاصرة التي امتازت بكثرة التغيُّرات والتحوُّلات في جميع الميادين من خلال تعابيرهم وأساليب عروضهم المتواضعة.
إن هذه المقارنات على كل حال ومهما بلغت درجتها من الصحة، يبدو أنها أوثق فيما بين المؤدين المبدعين العرب الكبار لِما يمتاز كل منهم بأسلوب أدائي إبداعي خاص من حيث المبدأ ومن حيث المنحى.
إن خصوصية إبداع وأسلوب كل من الفنانين الكبار مغاير للآخر رغم استقائهم من ينابيع أدائية متشابهة..! وهنا تكمن قوة إبداعهم لتحقيق وحدة العمل الجوهرية كعمل غنائي موسيقي محافظ على كيانه، ويبدو أن الفنانين الكبار وامثالهم في المستوى، يعمدون إلى التوسع في إضفاء التعابير الخيالية المتسمة بالجمال العاطفي الرومانسي المتأمل لتسجيلاتهم الغنائية، وتبقى الحقيقة مع ذلك هي أنه بالرغم من كون هذا المزاج الأدائي لكل من هؤلاء المؤدين المبدعين العرب يضيف مستوى آخر بارزاً يحسب لهم كقيمة فنية إلى الحصيلة العامة لنتاجات غنائية موسيقية لكل مغنَّ من المغنّين الآخرين.
إن الغناسيقى بأسرها، تستند إلى القيم الفنية المتعارف عليها، وهي في العادة قيم فنية وُجِدت كضرورات لحاجة المتلقي والمتذوق لهذه النتاجات. إن عالم المُثل والقيم والأخلاق والتربية والإرشاد هو في الحقيقة جزء من العالم الحي للنشاط الإنساني الذي يهدف الفنان إلى تصويره في فنِّه، وهكذا لجأ المؤدّون العرب الناجحون إلى هذا التفاؤل الأدائي عندما كانوا في كثير من نتاجاتهم الغنائية الموسيقية يعالجون قيماً جماليةً لعالمِنا المعاصر، وهكذا نرى أيضا أن المغنّين العرب الكبار السابقين قد أبدعوا في التعبير عن حقبتهم الجمالية في زمنهم المُعاش رغم تميَّز رواد النهضة العربية الموسيقية الحديثة في تجاوزهم لحقبتهم نحو تأملات الحياة الجديدة والمستقبل.
على كل حال، ثمة منطقية في القول بأن المغني العربي العصـري بصورة عامة قد استلهم أسلوبه الأدائي الخاص من هذه القيم، في الوقت الذي نرى أن يومنا هذا قد تضاءل فيه إيمان فناننا بما كان عليه في الماضي، فقد أمست الحياة اسرع منه وحصلت فجوة جمالية ما انفكت تزداد وتتوسع، ليس في مجتمعنا فحسب، بل في كثير من المجتمعات، وسيبقى الاعتماد على مواكبة هذه الجماليات وروح العصـر الذي نعيشه على الاستثناءات الجمالية والإمكانيات الإبداعية الفذة للقلَّة من الأفراد الفنانين الذين يوهبون فطرة التعبير عن حقبتهم ومستقبلهم، الأمر الذي يساعد على تقريب أو ردم هذه الفجوات في الرؤية الجمالية والذوقية، في محاولة جادة لتجديد القيم القديمة بأساليب تؤثر في المتلقي المعاصر كأُمور هي من صلب حاضره المباشر وذات علاقة برغباته المعقدة.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
صورة واحدة / عند افتتاح بيت المقام العراقي في تموز 1987. يقف يمينا عبد المجيد العاني وفاروق الاعظمي وحسين الاعظمي والموسيقار منير بشير وحسن البناء ويحيى ادريس وعبد الملك الطائي.