مقالات وآراء
ما هــو البعــد اللاهــوتي لميلاد السيد المسيح؟// يعكوب ابونا
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 10 كانون2/يناير 2025 20:26
- كتب بواسطة: يعكوب ابونا
- الزيارات: 552
يعكوب ابونا
ما هــو البعــد اللاهــوتي لميلاد السيد المسيح؟
يعكوب ابونا
ما هو اللاهوت ..؟ عن ويكيببيديا
. علم اللاهوت، هو علم دراسة الإلهيات دراسة منطقية، وقد اعتمد علماء اللاهوت المسيحيين على التحليل العقلاني لفهم المسيحية بشكل أوضح، ولكي يقارنوا بينها وبين الأديان الأخرى، وللدفاع عنها في مواجهة النقد، ولتسهيل الإصلاح المسيحي، وللمساعدة بنشر المسيحية، ولأسباب أخرى متنوعة.
ينقسم علم اللاهوت إلى فروع كثيرة، كاللاهوت العقائدي، والأدبي، والتاريخي، والفلسفي، والطبيعي وغيرها. " انتهى اقتباس.
كما عرفه توما الإكوينى، هو اهم اللاهوتين الكاثوليكي، ففي كتابه الأول اللاهوت “بالعقيدة المقدسة” وعرَّفه كعلم بانه:” علم جامع بمعنى أنه يتكلم عن كل الامور من وجهة نظر الله، فالله ذاته هو موضوع هذه الامور أم أنها تشير إليه"..
اما العالم اللاهوتي البروتستانتى تشارلز هودج (من جامعة برينستون)، والذي عاش في الفترة ما بين 1797 و 1879 عرف اللاهوت في الفصل الأول من كتابه “علم اللاهوت النظامي” بقوله: “علم اللاهوت هو علم حقائق الإعلان الإلهى بقدر ما لهذه الحقائق من صلة بطبيعة الله وعلاقتنا به، من خلال معطيات الكتاب المقدس ..\ انتهى الاقتباس.
اللاهوت ببساطة ( يتكون من كلمتين باليونانية، الله، الكلمة = كلمة الله") فهو العلم الذي يعني بدراسة الالهيات دراسة علمية منطقية لفهم الله والعلاقة التبادلية مع الانسان وفق المعطيات الكتابية،....
فالله محور علم اللاهوت . فالتعليمُ اللاهوتي ودراسته ليست قصراً على فئة من البشردون غيرها. بل الكل مدعو للتعليم الصحيح، من خلاله نعرف ما هو الايمان الصحيح وما هو الخرافة والانحراف في التعليم، فالرسول بولس يحذر برسالته الاولى الى تيموثاوس 4 : 7 يقول “اما الخرافات الدنسة العجائزية فارفضها وروّض نفسَك للتقوى "..
نكتفى بهذا المختصر عن اللاهوت لانه سبق وان كتبنا عن مفهوم اللاهوت بشكل أوسع عنه.
فالاحتفال بذكرى ميلاد سيدنا يسوع المسيح له كل المجد، ليس احتفالا رمزيا بل هو احتفال رجائياً لانه مجد بشخصه كل القراءات والنبوءات التي وردت عنه في العهد القديم، وتحققت بالعهد الجديد، منها على سبيل المثال وليس الحصر:، قال إشعياء النَّبِيِّ: 7 /14- هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الله معنا ). )
وفي زكريا: 9 /9 ابتهجي جدا يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك. هو عادل ومنصور وديع، وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان" . انتهى الاقتباس.
فولادة المسيح رجاء خلاصي لبني البشر، فعندما تمرد ادم وحواء على امر الله في جنة عدن اخطأ بحق الله، ولان اجرة الخطية هي الموت فقد ماتا روحيا، فانفصلا عن الله، وورثة ذريتهما تلك الخطية، واكتسبا الطبيعة الفاسدة عنهم ،...
ولكن محبه الله للبشر لم يتركهما للموت بل اوجد لهم طريق الرجاء، ففي سفر التكوين 3 : 15 " يقول: "إنّ نسل المرأة يسحق رأس الحية" ..
من هو الذي يسحق راس الحية "الشيطان" هو الذي كان بخطة الله ابنه الوحيد الذي بذله من اجل خلاص البشر من الموت الابدي،؟.
فرغم إختلاف الطوائف المسيحية على تاريخ ميلاد يسوع المسيح، إلا أن الحقيقة التي لا جدال عليها هي ان العذراء مريم، ولدت الطفل يسوع المسيح، بطريقة معجزية الإهية، لانها لم تكن ولادة طبيعية بمعنى لم تكن من زرع رجل اي ثمرة علاقة بن رجل وامراة، البشير متي يقول عندما علم يوسف خطيبها بانها حامل اراد التخلى عنها سراً ، متي 1 : 19 ، ولكن ملاك الرب نبهه لما هو مقدم عليه ، فقال له 1 :20
: «يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخذ مريم امراتك. لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. 21 فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع. لانه يخلص شعبه من خطاياهم . 22. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل. 23 «هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل» (الذي تفسيره الله معنا ) ...
وهكذا أمن يوسف بخطاب الملاك، كما كانت مريم قبله قد امنت بخطاب الملاك، عندما القى عليها السلام ، لوقا 1 : 28 – 35 ..
28 فدخل إليها الملاك وقال: سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك. مباركة أنت في النساء
29 فلما رأته اضطربت من كلامه، وفكرت: ما عسى أن تكون هذه التحية
30 فقال لها الملاك: لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله
31 وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع
32 هذا يكون عظيما، وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه
33 ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية
34 فقالت مريم للملاك: كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا
35 فأجاب الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله "..
وولد يسوع من العذراء مريم ولادة طبيعية كولادة اي انسان، كما ذكر البشير متي في 1 : 21 والبشير لوقا 1 : 31 "..
ولكن اضافه بشير لوقا 1 : 35 فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله".
هنا يضعنا البشير لوقا امام سؤال، من هو هذا القدوس ابن الله؟ فكشف لوقا عن هذا القدوس عندما ذكر بان ملاك الرب وقف في وسط الرعاة، وقال لهم لا تخافوا فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" 2 : 8 -11 "..
والرسول بطرس هو الاخر يعلن في انجيل متى 16 :13 ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلا: من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان
14 فقالوا: قوم: يوحنا المعمدان، وآخرون: إيليا، وآخرون: إرميا أو واحد من الأنبياء
15 قال لهم: وأنتم، من تقولون إني أنا
16 فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي
17 فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يونا، إن لحما ودما لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السماوات"..
هنا بطرس يكشف حقيقة يسوع ليعلن بانه هو المسيح ابن الله الحي، وكانه يقول لزملائه التلاميذ صحيح اننا نعرف يسوع كما يعرفونه الناس بانه هو ابن يوسف النجار وامه مريم واخوته يعقوب وبوسي ويهوذا وسمعان عدا خواته المعروفات لدينا،" مرقس 6 : 3،" ..
ولكن اليوم الاب السماوي اعلن لي بان يسوع الانسان هذا في حقيقة الامر ليس فقط الانسان بل هو كذلك المسيح ابن الله، الذي تجسد من اجل خلاص البشر ....
طبيعي ان يفاجئ التلاميذ بهذا الاعلان لانهم يعرفون يسوع الانسان كنبي من انبياء الله، ويتعاملون معه على هذا الاساس، وهذا كان جوابهم عندما سالهم يسوع من يقول الناس عنى انا ابن الانسان؟ فهو يعترف بانسانيته؟ والان يعلن عنه بطرس بان هو المسيح ابن الله،
لا بل يسوع نفسه يؤكد قول بطرس بانه هو يسوع المسيح، لذلك اوصاهم بان لايقولوا لاحد انه يسوع المسيح.". متى 16 : 20 ...
ليس من السهولة تقبل هذا الموقف فحتما وضع التلاميذ في حيرة، كيف لهم ان يفهموا ويدركوا حقيقة الشخص يسوع الانسان الذي يعرفونه حقا، ان يكون هو نفسه المسيح ابن اله الحي، ؟ الذي ينتظرونه اليهود..؟؟ ..
لابد التلاميذ سالوا هل يمكن ان يكون شخص واحد شخصين؟ او يكونوا شخصين شخص واحد؟ هذا التسائل منطقي وطبيعي ان لا يدركوا ولم يعرفوا، ما هو التجسد، ولما الاستغراب لحد يومنا هذا هناك الكثيرون لم يدركوا ويفهموا ما هو التجسد، لان الروح القدس لم يكن ولم يبدا يتعامل معهم بشكل مباشر ...
نحن نؤمن ايمانا مطلقا بان الله الواحد ثلاث الاب والابن والروح القدس ..
الاب الخالق والابن الفادي والروح المعزي ...
ولكي نفهم لاهوت الله بكل تجلياته علينا ان نسترشد بالكتاب المقدس، ولنذهب مع البشير يوحنا لما يقوله في انجيله الاصحاح الاول: 1 : 1- 3 في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. "كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان"..
ويضيف يو 1 : 14 "الكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجداً ". فمن هو الذي راى يوحنا مجده؟ الم يكن يسوع الذي عايشهم راهم ورؤه، ولكن يسوع الانسان لم يخلق كل شئ؟ ولكن الكلمة هو الذي خلق، والذي لم يروه في يسوع هو الذي خلق وصنع كل شئ، فنكون شخص يسوع الانسان المعروف لدى الكل، واما الكلمة الذي لم يراه احد، كان بيسوع لانه اخذ جسد يسوع ليكون هو ويسوع واحد، الناسوت واللاهوت. يسوع المسيح..
فيسوع انسانا كاملا بكل تجلياته، يتالم ويجوع وينام. ووو..، وهو المسيح الله كاملا بكل تجلياته وعجائبه، يخلق ويشفي ويقوم الموت....، ولكي تتوضح الصورة ونفهم هذا الموضوع وهذه التجليات اكثر، نسمع لحديث الرسول بولس، يقول في رسالة فيلبي 2 :6 -8 الذي اذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله، لكنه اخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس واذ وجد في الهيئة كانسان، وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب "...
هنا اتضحت الصورة بان الله الذي هو الابن "المسيح" اخلى نفسه عن مجده السماوي واخذ صورة عبد ادنى درجات وضعية للانسان ليعيش فيها الالام الانسان وعذابات، ويطيع كانسان الاب السماوي، ووضع نفسه تحت الناموس. كاي انسان من بني البشر. فاطاعه حتى الموت موت الصليب،
ويكشف الرسول بولس عمق لاهوت الاخلاء برسالته الى تيموثاوس الاولى 3 : 16 وبالاجماع عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في الجسد، "...
فعظمة ولادة المسيح تشكل سرا لايمكن ان يفهم ابعاده، دون المعطيات الكتابية، لانه ذروة الرجاء الخلاصي تتجلى فيه تركيبة شخص يسوع المسيح، فجدلية المعنى تقوم على كشف لاهوت الكلمة ليشكل مدخلا خلاصيا لكل البشر..
فدلالات المعرفية تقودنا الى معرفة البعد اللاهوتي لرسالة الرسول بولس لاهل غلاطية 4 : 4 -6. لاننا سنجد بان الرجاء الخلاصي الذي ينتظره كل البشر قد تحقق بميلاد يسوع المسيح فيقول" ، ولكن لما جاء ملء الزمان، ارسل الله ابنه مولودا من امراة، تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبني، ثم بما انكم ابناء ارسل الله روح ابنه الى قلوبكم صارخا يا ابا الاب، اذاً لستَ بعد عبداً بل ابناً وان كنتَ ابناً فوارث لله بالمسيح."..
هكذا جعلنا الرب ان نشترك مع المسيح في كافة حقوقنا كورثة لله نستطيع ان نستمتع بكل ما اعده لنا كاولاد له " وفي يوحنا 1 : و11و12 " الى خاصة جاء وخاصة لم تقبله، واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه ".. لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله " رو 8 : 14 " ..
في ميلاد المسيح، تجلّى مجد الله بمحبّته العالم، فبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الابدية " يوحنا الاصحاح 3 : 16 "لا بل وصلت محبة الله للبشر لدرجة انه " لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، رو8 :32 "
فعملية التجسد الالهي والفداء تمت بمعزل عن العقل البشري وقدراته، لانه العقل لايمكن ان يعرف ويفهم ويدرك كنهها وابعادها لانها خطة الله لخلاص البشر.
فغير المؤمن من الصعوبة ان يدرك ويفهم البعد اللاهوتي الخلاصي لعمل الله..، لانه عندما كشف يسوع عن هويته اللاهوتية امام رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبه والفريسين حكموا عليه بالموت فصلبوه.
فلاهوت الميلاد: يبدأ من الرجاء الخلاصي تكوين 3 : 15، وتجسّد ابن الله الوحيد من مريم العذراء، الميلاد العجائبي، حمل خطايانا وذنوبنا،. أشعياء النبي في الإصحاح 53 : 4-8 "حمل آلامنا واحتمل أوجاعنا... فألقى الرب عليه إثمنا، والرسول بولس " 2 كور5: 21 "جعل الذي لم يعرف خطيّة خطيّة لأجلنا لنصير نحن برّ الله فيه" (2كور21:5). "صار لعنة لأجلنا" (غلا 13:3)
وفي مستهل بشارته، قرأ من سفر إشعياء النبي هذه الكلمات: "روح الله عليّ لأنه مسحني لأبشّر المساكين. أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأُرسل المنسحقين في الحريّة وأكرز بسنة الرب المقبولة" (لو18:4-19).
ثم عقّب بالقول: "اليوم تمّ هذا المكتوب على مسامعكم" (الآية21). والرب يسوع مات لأجل الجميع "كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام" (2كور15:5)..
وإذا كان الرب الإله قد اتخذ ما لنا فقد أعطانا أيضاً ما له. ولدنا من جديد بروحه القدّوس. ولدنا من فوق (يو3). "ولدنا ثانية" (1بط3:1) كل ما حققه الرب يسوع في جسده: الغلبة على الموت، وعلى الخطيئة، وعلى الشرّير... كل هذا لنا إذا ما نحن آمنا به واعتمدنا باسمه، "من آمن واعتمد خلّص. ومن لم يؤمن يُدَن" (مر16:16).
الإنسان قد صار بالنعمة، بالتبنّي، بروح الرب، لله لم يلغ ضعف الناس بل سكن فيه. السقوط وارد. ولكن متى سقطنا أن ننهض من جديد. هذا العزم على النهوض من جديد، لمتابعة السير وطلب وجه المسيح من جديد، وهذا هو ما نسميه التوبة ، والرجاء لمغقرة الخطايا..
ليكون لنا رجاء، أن نثبت ومن "يثبت إلى المنتهى فهذا يخلّص" (متى22:10). إذا وضعنا رجاءنا في الله، يقول "تعلّموا مني فإني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت29:11). لقد كان التواضع طريق ابن الله الوحيد إلينا بالتجسّد لكيما يكون التواضع طريق المؤمنين إليه بالقداسة.
خلاصة مضون ميلاد المسيح، من الميلاد وحتى الموت والقيامة، هو رجاء خلاصي لبني البشر. وبكل معانيها هي نشر المحبة والسلام والاطمئنان بين البشر.. ميلاد الربّ يسوع، يعلمنا ويعطينا قيم التواضع والمحبّة والرجاء، والبساطة والتضحية في زمنٍ نحن بأمسّ الحاجة فيه للعودة إلى ذواتنا للصلاة من أجل الرجاء، رجاء السلام في العالم الملء بالصراعات والنزاعات والحروب ..
فأمامنا كمؤمنيين ليس لنا الا ان ننشد مع الجند السماوي قائلين:
المجد لله في الاعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " ( لوقا ٢ : ١٤)
يعكوب ابونا ................... 10 /1 /2025