اخر الاخبار:
"صيادو العبيد" في قبضة شرطة أربيل - السبت, 15 شباط/فبراير 2025 19:05
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (1286)- مانشيت/ 2 الموسيقى العربية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1286)

مانشيت/ 2 الموسيقى العربية

 

حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من الفصل السابع والبحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي السادس والعشرين في دار الأوبرا المصرية، الموافق تشرين الثاني 2017.

البحث (أصل المصطلحات الأعجمية في الموسيقى العربية، المقامات العراقية والعربية إنموذجاً).

***

مانشيت / 2 الموسيقى العربية

ليس في الحياة أو في أي فن من الفنون جانب يستطيع أن يمتلك شمولية التعبير عن كوامن المشاعر الإنسانية بهذا الشكل اللانهائي، كالذي تعكسه تعابير الغناء والموسيقى..! فالغناسيقى التراثية والحديثة والمعاصرة أو الموسيقى بشكل عام، لها الإمكانية الواسعة جداً بالتصوير المتسع عن الكوامن الإنسانية الاجتماعية وعلى الأخص الموسيقى التراثية للجماعات والأفراد. وهو ما يطلق عليه(عبقرية الشعوب) فهي تسمح بالمزج بين مختلف أنواع وأغراض التعبير الروحي والمضامين السامية ووسائل التصوير المتنوعة من جهة، وبين تصوير الجوانب العادية للحياة الاجتماعية من جانب أخر.

 

وعلى هذا الأساس فالغناء والموسيقى التراثية تعتبر أكثر أنواع الفنون التي تبرز حياة الإنسان في ظروفه المحددة، كانعكاس لتصوير حقبته الزمنية التي يعيش فيها. ومن ناحية أخرى فالغناء والموسيقى التراثية، تختلف تبعاً لاختلاف بيئاتها وموضوعاتها وأشكالها ومضامينها التعبيرية. فهناك غناء وموسيقى المدن والريف والبادية والصحراء والجبال والسهول .... الخ من تعدد وتنوع البيئات.

 

زعزعة صفاء الموسيقى العربية

بصورة موازية فقد اختلفت الآراء وتباعدت نقاط الالتقاء بينها، مع وجود نقاط باهتة متفرقة تمثل جانباً توفيقياً ليس أكثر، وماتزال في حيويتها..! حول تحديد بداية تاريخية لزعزعة النقاء التعبيري العربي في الغناء والموسيقى، وبقية جوانب الحياة بصورة عامة..! وقد اطلع الباحث خلال بحثه في هذا الموضوع، على أن نهاية العصـر الأموي في دمشق وانتقال الحكم العربي إلى بغداد عن طريق العباسيين، كانت فترة تكاد تكون انتقالية وبداية نسبية جديدة للكيان العربي الموسيقي في تعابيره التاريخية العربية الصـرفة..! فالحكم العربي في دمشق كان ما يزال عربياً بامتياز ونهايته كانت تنذر بالتغيرات الجديدة للأصل التعبيري في الموسيقى والغناء العربي، وهو بداية أولية للخروج عن طوق النقاء العربي التعبيري في الموسيقى والغناء..! فالعباسيين حكموا أكثر من خمسة قرون، وقد قسم المؤرخون زمن هذا الحكم إلى خمسة عصور، ورغم أن العصر العباسي الأول الذي استمر زمنا قارب المائة عام، كان جيدا في نقائه العربي نسبيا، حيث نستطيع أن نقول إن موسيقانا العربية حتى ذلك الحين، ماتزال في نسبة جيدة في نقائها وتعابيرها واداءاتها الموسيقية والغنائية، ولم يدخل في صلب غنائها ألفاظ غريبة أو كلمات أعجمية دخيلة وافدة بعد..!(وما زال فن الغناء يتدرج عند العرب حتى كمل أيام بني العباس)(1) وعليه فأن بداية العصر العباسي الثاني في بغداد، وربما نستطيع أن نحدد باستلام المعتصم زمام الحكم في بغداد واعتماده على الجيش الانكشاري الذي أتى به من المناطق التركية ومن ثم اختلاطهم بالمجتمع العربي، كان هو البداية النسبية لزعزعة أسس صفاء الغناء والموسيقى العربية في تعابيرها واداءاتها الغنائية، وقد أدى ذلك من جانب أخر، إلى تداخل وتدخل الأقوام المجاورة للعرب عموما وللعراق خصوصا من الشـرق والشمال، أو في الحقيقة من الغرب الأسيوي في السياسة والاقتصاد والفن والاجتماع والموسيقى وكل جوانب الحياة الأخرى..! بصورة أقوى خلال العصور العباسية الأخرى بعد نهاية العصر العباسي الاول. رغم الزمن الذي تجاوز القرون الخمسة من حكم العباسيين في بغداد سواء كان ذلك في الجُمل اللحنية أو في الكلام المغنى. حتى وصل الأمر إلى ذروته عند سقوط الدولة العباسية(656هـ1258م) وانهيارها من قبل هذه الأقوام الغازية الآتية من الغرب الأسيوي، وسيطرتها على كل ممتلكات الدولة العباسية الممتدة في كل أرجاء وطننا العربي ومناطق جغرافية أخرى خارج هذا الوطن الكبير.

 

لقد أشار الكثير من الكتّاب والنقاد والمؤرخين العرب والمستشـرقين وغيرهم. إلى أن الموسيقى العربية بدأت تدخل إليها شوائب واختلاطات موسيقية أخرى من موسيقى مجتمعات الأقوام الغازية، ولعل المقصود في هذه الفترة الزمنية، موسيقى الغرب الأسيوي أكثر من أية موسيقى أخرى وهي موسيقا قديمة جداً قِدم الحضارة العربية..! ومنهم من أشار وأكد إلى أن تاريخ هذا التغلغل الخارجي في موسيقانا العربية يعود إلى قرون حكم الدولة العباسية إضافة إلى أن هناك من يقول إن الألفاظ والكلمات الأعجمية التي دخلت في صلب الكيان الموسيقي الغنائي العربي خلال الفترة التي مرّت على العرب والعراق بعد الغـزو المغولي لبغداد وإنهاء الحكم العباسي (656هـ – 1258م)، هي ألفاظ وكلمات إيرانية وتركية في الأعم الأغلب، مع بعض الألفاظ والكلمات الأخرى من أقوام هي في الحقيقة من الغرب الأسيوي أيضا، بحيث وصل الأمر إلى إلغاء المفردات العربية الموسيقية وأسماء معظم سلالمها واستبدالها بأسماء إيرانية وتركية، وهناك أقوال وبحوث ودراسات وآراء كثيرة، لجملة من الباحثين العرب وغير العـرب من المستشرقين في هـذا الشأن مع التوسع فيه.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

هوامش

1- من مقدمة ابن خلدون (منقول من كتاب تاريخ الموسيقى العربية، تأليف هنري جورج فارمر، ترجمة جرجيس فتح الله المحامي، منشورات دار مكتبة الحياة، مط سَمَيا، بيروت).

 

 

صورة 1 / د. حسين الأعظمي جالسا مع مجموعة من الباحثين العرب نهاية جلستيْ اليوم الأول في 2 /11 /2017.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.