اخر الاخبار:
في أربيل.. صلاة لـ"راحة نفس" البابا - الجمعة, 25 نيسان/أبريل 2025 18:21
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الحروب بين الصدفة والضرورة!- "ج6 والاخير"// جمال محمد تقي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جمال محمد تقي

 

عرض صفحة الكاتب 

الحروب بين الصدفة والضرورة!

"الجزء السادس والاخير"

جمال محمد تقي

 

لا مناص من الحروب بحسب اغلب الفلسفات والايديولوجيات والاديان، اما السلام فهو عرضي ويأتي بعد ان تحقق القوى الصاعدة انتصارها، فارسطو مثلا يعتبر الحروب التي تحقق السلام حروبا عادلة، وفي كتابه - السياسة، الكتاب السابع، الفصل 14 - يقول يجب ان يكون للحرب دائما هدف للسلام، اما هيراقليطس فيعتبر الحرب ربة الاشياء، وهي نظام طبيعي ازلي، بمعنى ان حياة البشرية عبارة عن حروب دائمة، اما هيجل فيعتبر الحروب ضرورة يحتمها صراع الارادات والغايات الكلية وهي عنده محركا للتطور البشري، وهو يعتبر فكرة السلام الدائم التي يتبناها كانط فكرة طوباوية، وكما تطرقنا سابقا لاراء ابن خلدون التي سبقت هيغل في تخصيص التجديد كمحصلة للحروب فيقول ايضا: هو مقاتلة الدولة المستجدة للدولة المستقرة.

 

اما المالتوسية، نسبة الى القس والمفكر الاقتصادي البريطاني توماس مالتوس، فتذهب بعيدا عندما اعتمدت فكرة جعل التناسب بين الموارد ومعدلات النمو السكاني مهمة حيوية لاصحاب القرار، ورأت بأن تقليل عدد المواليد وزيادة معدلات الوفيات هو معالجة لسد الفجوة القائمة، فإضافة للكوارث الطبيعية وانتشار الاوبئة، يكون اشعال الحروب شكل من اشكال الاستجابة لتحدي الشحة الغذائية، اضافة للتقشف الاجباري!

 

كارل فون رائد الفكر الحربي الحديث يطرح تسائلا عميقا: هل الحرب وسيلة للوصول الى نهاية خارج ذاتها، ام انها النهاية بحد ذاتها؟

 

الهجوم والدفاع وجهان لعملة واحدة:

هي الحرب، في الحالتين، وربما يكون تبادل الادوار بينهما، دفاعا وهجوما، نوع من التكرار، حد الاستنساخ، المضموني الجدلي، لا الشكلي الارسطوي، مادام الجوهر واحد، فالتاريخ يكرر نفسه على شكل مآسي ومهازل، مادامت السوسة ذاتها، اي العلة، الحاجة، والمعرفة الناقصة، والخوف من المجهول، وانعدام اليقين، مادام البشر لم يتخطوا بعد النوازع الحسية المرتبطة بالغرائز الحيوانية، فالعقل الانساني برغم بلوغه درجة غير مسبوقة من الرقي المعرفي والتكنولوجي والجمالي، لكنها مازالت ناقصة موضوعيا، لم يتخطى البشر بعد علة تقديس الملكية وفائض الانتاج واستغلاله لتدويره وتوريثه، وتفاوت القدرات بحكم تفاوت مستويات القوة المتاحة بين المراكز والاطراف، ربما تساهم طفرات الذكاء الاصطناعي في اذكاء اخلاقيات وجماليات لعقل بشري قادر على التمرد لصالح انسان جديد مجرد من غرائز البيولوجيا واخلاقياتها، نحو عالم جديد فيه يسير ذاتيا ببشر، نحو كل حسب قدرته الى كل حسب حاجته، حيث تنتفي الحاجة للعمل الجسدي ويصبح العمل الذهني باخلاقيات انسانية مجردة عن الاغراض الغريزية، الجسدية، التي سيعطلها تماما العمل الذهني ذا الذكاء فائق القدرة والذي يكرس تعاشق قيم الجمال الانساني باخلاقيات المشاعة الواعية بروح البحث في روعة الوجود بعيدا عن الاستعباد والقهر لينتهي والى الابد صراع الانسان مع الانسان وتنتهي اسفار حروبه لتبقى العلاقة بالطبيعة هي شغله الشاغل!

 

عسكرة العالم طريق مشرع للفناء:

سباق التسلح على اشده، في اغلب دول العالم دون استثناء، اما تنتج الاسلحة على اختلاف انواعها، هجومية ودفاعية، او تستوردها، وعلاوة على الاسلحة النوعية والمبتكرة في سرعتها، فرط صوتية، ونووية ونترونية، هناك البيولوجية والكيميائية وهناك القنابل الجحيمية القادرة على تحويل مدينة مثل سدني او بغداد او لندن الى خرائب باقل من نصف ساعة، وبحسب معهد استوكولهم لابحاث السلام فان تكلفة انتاج الاسلحة في الخمس سنوات الاخيرة يمكنها ان تسد كل ديون الدول الفقيرة وتسد حاجات الدول التي تعاني من مواسم الجفاف، وان بمبالغ شراء الاسلحة خلال نفس الفترة يمكن معالجة ازمة الطاقة والمياه في دول جنوب العالم!

مخزون الاسلحة في العالم له القدرة لو استخدم بوقت واحد على فناء كوكب الارض وما عليه لعدة مرات!

"من لم يمت بالسيف مات بغيره - تعددت الاسباب والموت واحد"

من دور العمل في تحول القرد الى انسان، الى دور الحروب في تحول الانسان الى مجرد خبر كان!

 

صحيح ان الموت الطبيعي هو سُنة الحياة بالنسبة لكل الاحياء، لكن الفناء يعني فناء النسل والنوع وكل اشكال الحياة على الارض، والحروب مشاريع مفتوحة للفناء، للموت غير الطبيعي، ليس موتا رحيما، إنما، قاهرا وبشعا ووحشيا!

 

كل النظام العالمي بدوله واديانه وايديولوجياته ومؤسساته، ومن دون استثناء، وبرغم الشعارات البراقة التي يدعيها، لكنه، وبذراع متعددة لا يحرم ويجرم سباق التسلح ولا يسعى بجد من اجل وقف انتاج الاسلحة والمتاجرة بها، بل يصمت واحيانا ينافق الاقوياء الذين يدمنون انتاج واستخدام كل انواع الاسلحة الفتاكة ويتربحون منها، إضافة لأسلحة التجويع والتعطيش والعقوبات الجماعية المجحفة!

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.