مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1320)- مانشيت/ 8 المضامين الأسلوبية بعد 1932
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 10 نيسان/أبريل 2025 12:53
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 798
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1320)
مانشيت/ 8 المضامين الأسلوبية بعد 1932
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من (الفصل الاول) والبحث المقدم الى المؤتمر العلمي المُعد من قبل المجمع العربي للموسيقى في آذار 2007 م بالقاهرة. بمناسبة مرور 75 عاما على المؤتمر الأول للموسيقى العربية المنعقد في القاهرة سنة 1932(اليوبيل الماسي).
البحث (المقام العراقي في خمسة وسبعين عاماً 1932– 2007).
***
مانشيت/ 8 المضامين الأسلوبية بعد 1932
إن اهم ما يميِّز المبدعين عموما في التعبير عن الحقيقة والواقع المعاش، واهم ما يميِّز محمد القبانچي وتلاميذه المبدعين حسن خيوكة، ويوسف عمر، وناظم الغزالي، وعبدالرحمن العزاوي، أو غيرهم من المؤدين المقاميين. هو استعمال أسلوب تعبيري ندرك من خلاله أنهم يدركون ويفهمون مشاكل المجتمع..! فيوسف عمر يعتمد على وسائل أسلوبية محافظة على روح البيئة البغدادية واشد محافظة على الشكل المقامي بأصوله التقليدية. فمهمة يوسف عمر تبدو مهمة تاريخية كان واجبها نقل هذا التراث الغنائي والموسيقي من السابقين إلى اللاحقين بكل أمانه دون زيادة أو نقصان من حيث الشكل، لكنه تلاعب في المضمون، حيث عبَّر بصورة حاكى فيها أذواق عصره وكسب من خلالها جماهيرية طاغية. ولعلَّ الأمر يقترب كثيرا من هذا المعنى بالنسبة إلى المطرب عبد الرحمن العزاوي، الذي كان يتمتع بشاعرية جميلة في تعبيره الأدائي، أوصلته إلى الجماهير بصورة مباشرة.
أما الغزالي فقد كان يعتمد على وسائل أسلوبية منوعة بين الوصف الافتراضي والمخاطبة المستفيضة للموضوع والحضور المسرحي والأناقة التي يهتم بها كثيرا وكذلك في اختيار مادة كلامه المغنى من كلمات الأغاني أو الزهيريات (هامش1) أو القصائد الشعرية ذات المفردات الغنائية والمعاني المناسبة.
المهم في هذا الأمر، أن أيّاً من المغنّين المبدعين لا يكتفي بمجرد تصوير بسيط لهذا الثالوث(الماضي والحاضر والمستقبل)، بل أن كلاً منهم يرى أن موضوعه التعبيري قد صدق فيه وجاء عفويا وانعكاسا طبيعيا للواقع المعاش ورؤية متعددة الأشكال لهذه الأزمنة.
إن غناء المقامات العراقية أو الغناء التراثي بصورة عامة لا يقوم على مبدأ توضيح اتجاهات وأفكار يسبق توقعها، بل العكس صحيح، لأن الصدق في التعبير هو محور القضية.
من ثمار 75 عاما، (المقام المصنوع)
إن الفترات الزمنية التي ظهر فيها محمد القبانچي وتسجيلاته المقامية 1932 واللاحقين من بعده، تعتبر انعطافا في الفن العراقي بحق، لوقوع بعض الأحداث الفنية المهمة، منها تأسيس الإذاعة العراقية أوائل الثلاثينات وفي نفس الزمن تأسيس معهد الفنون الجميلة الذي تخرَّج منه ناظم الغزالي ممثلاً، وكان قد عاصر الغزالي منذ فترة الدراسة كزملاء في المعهد فنانون موسيقيون أصبحوا فنانين كباراً لهم شأن كبير في الموسيقى، استطاعوا أن يُنهِضوا بالفن الموسيقي إلى أعلى المراتب الفنية والعلمية والجمالية. وخلاصة القول نلاحظ أن التسجيلات المقامية التي أُنجزت في الفترة المعاصرة لخيوكة والغزالي وعمر والعزاوي الواقعة في عقود الأربعينات والخمسينيات والستينيات من القرن العشـرين، كانت على نوعين من الأداء، إذ يمكن أن نلقي بعض الضوء على هذه التسجيلات من ناحية أخرى، حيث أن المقامات العراقية التي أداها المطربون المقاميون في الحقب السابقة لمؤتمر القاهرة عام 1932، كانت قد أُديت كما وصلت كموروث غناسيقي من حيث الشكل والمضمون أباً عن جد. من السابقين إلى اللاحقين، دون تفكير مباشر في أدائها، وأعني بذلك أنها أُدِّيت بوعي عفوي تلقائي تقليدي من حيث أداء القالب التراثي (form) مع الموسيقى. أي مقدمة موسيقية بسيطة أو بدونها، وهو ما نلاحظه في تسجيلات رشيد القندرچي ومغني جيله بل وحتى تسجيلات محمد القبانچي الأولى التي سجلها في المانيا في عشـرينيات القرن العشـرين، رغم انها كانت بداية جيدة لتطور العمل الفني بصورة عامة. ثم يتابع الموسيقيون المطرب حتى نهاية المقام المغنى ثم تأتي الأغنية التي تتبع المقام(بسْته)(هامش2) دون أن نستمع إلى وضع أو إدخال تحليات أو إضافات تذكر لمثل هذه الأعمال المقامية لأجل إبراز دور الموسيقى..! حتى يصل الأمر في معظم الأحيان إلى استغنائهم عن إجراء التمارين الكثيرة(البروفات) لأعمالهم قبل تسجيلها..!!(هامش3) وهذا يعني من جانب آخر أن دور الموسيقى كان ثانوياً..! ولكن ما أن تخرَّج طلبة الدورات الأولى في قسم الموسيقى بمعهد الفنون الجميلة، حتى ظهرت ثمرات طموحاتهم الفنية والذوقية، فبدأوا أولاً بإعداد مسبق للأعمال الغناسيقية بصورة عامة اعتمد على حيِّز جيد من التفكير الموسيقي ومن جماليات الذوق المعاصر. وبصورة ملفتة للسمع والنظر بعلاقات فنية متماسكة جماليا، وبناء فخم من الإعداد المتقن. بحيث عادت إلى الموسيقى قيمتها الحقيقية. وأعتقد أن معظم المطربين المعاصرين لهذه الحقبة كان لهم حظَّاً في إنتاج هكذا أعمال معدة فنياً وموسيقياً. وقد أطلقتُ على هذه المقامات العراقية المعدّة من قبل النقاد والمتخصصين والموسيقيين في الشأن المقامي بـ(المقامات المصنوعة أو المقام المصنوع) ولعل المطربين المبدعين، والغزالي على وجه الخصوص، كانوا أوْفر حظاً في إنتاج أعمالهم بهذا الأسلوب الفني.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
- الزهيري: نوع من أنواع الشعر الشعبي، يتكون من سبعة اشطر، الاشطر الثلاثة الأولى تنتهي بكلمة هي بمثابة القافية متفقة في اللفظ ومختلفة في المعنى، والأشطر الثلاثة الثانية تنتهي بكلمة أخرى جديدة متفقة في اللفظ ومختلفة في المعنى أيضا والشطر السابع ينتهي بنفس كلمة الأشطر الثلاثة الأولى وبمعنى جديد.
2- البستة: تعني الاغنية الخفيفة التي تتبع المقام بعد ادائه وهي من نفس سلمه وتعبيره طبعا، وهي كلمة فارسية معناها (الربط) أي انها تربط بالمقام المغنى(الأعظمي، حسين إسماعيل- المقام العراقي إلى أين؟ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط اولى، بيروت، 2001، ص80 .
3 - أن التطور الفني الذي حصل في حقبة انتصاف القرن العشرين في شان الأعداد الموسيقي للغناء في العراق عموما وفي غناء المقام العراقي على وجه التخصيص، تطور مرة أخرى في العقود الاخيرة الواقعة بين منتصف الستينات حتى نهاية القرن.
مجموعة الصور
صور/ في حفلة تكريم مجموعة من الفنانين بجائزة الابداع الكبرى لعام 1999. الفنانون الظاهرون في الصور هم. قاسم اسماعيل وحسين قدوري ورعد فيصل وخليل الرفاعي وحسين الاعظمي مع عائلته واقبال حامد وطالب القرغولي وفوزية عارف وكريم عواد وعدنان هادي وعبد السميع عبد الحق وحامد العبيدي ونزار جواد وعبد الرزاق العزاوي. في المسرح الوطني ببغداد كانون الثاني 2001.