اخر الاخبار:
انفجار في بغداد دون إصابات - الثلاثاء, 13 أيار 2025 10:59
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

في الذكرى السنوية الاولى لوفاة القائد الشيوعي العراقي باقر ابراهيم// محمد جواد فارس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد جواد فارس

 

عرض صفحة الكاتب 

في الذكرى السنوية الاولى لوفاة القائد الشيوعي العراقي باقر ابراهيم

محمد جواد فارس

طبيب وكاتب

 

الأصعب ليس ان يموت المرء، بل ان يموت الذين حوله كلهم، ويبقى هو حيا.

                                  ( تولستوي )

 

في الثامن والعشرين من نيسان عام 2024 توقف قلب المناضل الشيوعي الوطني العراقي باقر أبراهيم، ابن مدينة الكوفة العراقية, كنت ابنا بارا لهذه المدينة، والتي كانت في ماضيها عاصمة للخلافة الاسلامية أضافة لكونها مدينة النحو في قواعد اللغة العربية كما البصرة، كنت ابن السيد ابراهيم الموسوي المكنى بالبصري، حيث مكان ولادته متنقلا الى الكوفة بعد ثورة 1920 والمعروفة بثورة العشرين. مدينة النجف الاشرف حيث مرقد الخليفة الرابع علي بن ابي طالب والذي اتخذ من الكوفة عاصمة للخلافة، فقد كانت النجف مدينة العلم والثقافة والمناضلين الشيوعيين، قدمت الشهيد عواد رضا الصفار وقبله الشهيد حسين محمد الشبيبي (صارم) وحسين أحمد الرضي (سلام عادل) وكذلك حسن عوينة، واخرين منهم محمد حسن مبارك وصاحب جليل الحكيم واخرين، ممن تركوا بصماتهم النضالية في تاريخ الحركة الشيوعية العراقية. ظهرت لدى باقر ابراهيم نزعة الاحتجاج والثورة على النظام في سنوات نضوجه الاولى، بدء أحداث مايس 1941 والتي أطلق عليها ثورة رشيد عالى الكيلاني او الضباط الاربعة. كان باقر ابراهيم طالب مجتهد ومواظب أكمل دراسته الابتدائية عام 1946 بتفوق مما اهله قبوله في كلية الملك فيصل الثاني في بغداد، وفيها التقى مع طلاب وطنين منهم نوري عبد الرزاق وأياد سعيد ثابت وطالب شبيب وحكمت الفرحان، وهم من توجهات فكرية وطنية متعددة، وكان لاخيه الكبير دورا كبيرا في توجهه وحثه لقرأة جريدة (الرائد)  لصاحبها نور الدين داود، فيها كانت محاكمات قادة الحزب الشيوعي العراقي  يوسف سلمان يوسف (فهد) وزكي محمد بسيم (حازم) وحسين محمد الشبيبي (صارم) ويهودا صديق واخرين، وتأثر باقر ابراهيم في دفاعهم في المحكمة عن مبادئهم في وطن حر وشعب سعيد، وكانت انذاك ملتهبة قضية الشعب الفلسطيني  وهجرة اليهود من الدول الاوربية والعربية والاستيطان في فلسطين وطرد الشعب  الفلسطيني اهل الدار من بيوتهم.

وفي عام  1948 عندما انطلقت اول انتفاضة جماهيرية كبيرة ضد معاهدة بورت سموث والتي وقعها صالح جبر وبيفن، كان باقر ابراهيم احد المشاركين فيها عندما كان ١ طالب في كلية بغداد، وفي معركة الجسر سقط شهداء من الحزب الشيوعي العراقي الذين كانوا في مقدمة التظاهرة، وعندما رجعت الى مدينتك لن تستكين بل شاركت وزملائك طلاب الكليات والمعاهد والثانويات، وذكرت في مذكراتك بعد عودتك الى الكلية جرى الهجوم عليكم من طلاب معكم ذو التوجهات القومية والمدعومين من حزب الاستقلال وهو المحرض، مستخدمين العصي والهراوات وبوكسات الحديد معتدين على الشيوعيين في الكلية وقد اصيب عدد من الزملاء نتيجة الاعتداء الصارخ. نسب باقر ابراهيم لحلقة الاصدقاء عام 1947 وبقي حتى عام 1948 لكي يصبح عضوا في الحزب وهذا تم في مدينة الكوفة  درس جيدا مبادئ الحزب ونظامه الداخلي واسلوب العمل بين العمال والفلاحين والكسبة لتوسيع القاعدة الحزبية في المدينة، وكان مثابرا لتوسيع مداركه في الثقافة وكان يستعير الكتب من المكتبة وخاصة الكتب الثقافية في الادب قصة وشعرا وتاريخا ومن ثم انتقل الى الادب الماركسي، مثل كتاب الام لمكسيم غوركي والدون الهادئ  لميخائيل شولوخوف، والمنشورات الحزبية السرية، وما صدر عن عصبة مكافحة الصهيونية وما صدر من دار الحكمة وحزب التحرر الوطني، كان في ذالك الوقت ٩ متأثرا باعدام فهد ورفاقه، في محكمة النعساني وبضغط من المستعمرين الانكليز، وكذلك هزه خبر وفاة رفيقه ضياء طارق زلزلة والشخصية الوطنية النجفية المعروفة سعد صالح جريو رئيس حزب الاحرار والذي استؤزر وزيرا للداخلية وفي عهده انتعشت الحركة الوطنية والثقافية واجاز احزاب وطنية. لقد كنت ايها المناضل الشيوعي متابع جيد لتوجيهات حزبك هذه التوجيهات الصادرة عن قيادة الحزب، في تنشيط الانتفاضات الشعبية التي حدثت ومنها انتفاضة عام ١٩٥٢ والتضامن مع الشعب (المصري الشقيق في ثورة يوليو ومع انتفاضة عام ١٩٥٦ اثناء العدوان الثلاثي عندما امم النظام المصري بقيادة عبد الناصر قناة السويس، وبدء العدوان الانكليزي والاسرائيلي والفرنسي على الشعب المصري، هب الشعب العراقي بالتضامن مع مصر وشعبها.

وفي عام ١٩٥٢ وانت كنت معتقل، حكم عليك المجلس العرفي العسكري بموجب ثلاث دعاوى منفصلة وسجنت لعامين منهما، في سجن بغداد المركزي، وكنت في السجن مواظب في دراسة اسس الماركسية في الاقتصاد السياسي، والفلسفة والاشتراكية العلمية وتاريخ الحركة العمالية العالمية، وكان لمخطوطة أحمد علوان (ابو عمر) وهو من البصرة قد اثرت فيك، والمخطوطة كانت ( ربع قرن من تاريخ  الحركة الثورية في العراق)، والتقيت في السجن بخيرة المناضلين ومنهم المناضل  الشيخ حسين الساعدي وكنت تملك صداقات مع الكثير من السجناء.

 

 كان باقر براهيم  حريصا على وحدة الحزب وتماسكه، ويدين الانشقاقات من مبدأ ان حل الخلافات يجب ان يكون بطرح الافكار داخل التنظيم ومناقشة كل الاراء التي تطرح وفق مبادئ الحزب للوصول الى الحلول الناجعة، ورفضت انشقاق  (راية الشغيلة) وعلى رأسهم المسؤول الاول عزيز محمد، وكنت أنذاك مسؤول عن تنظيم مدينة الحلة وعندما وصل بيان حل راية الشغيلة عام ١٩٥٦ وتوحيد   الحزب، ودور الرفيق عميد الشيوعين العرب خالد بكداش في الوحدة، وجرى  تعميق الوحدة بموقف انتقادي جريئ.

    

لقد واكبت المجازر التي ارتكبت بحق السجناء الشيوعيين في سجن بغداد المركزي وكان عدد القتلى سبعة شهداء و81 جريحا من مجموع السجناء البالغ عددهم 164 سجينا، وفي سجن الكوت عندما كان العدد 123 وانت كنت هناك،  المعاملة كانت مشابه للسجناء في بغداد والكوت ونقرة السلمان وكان لك موقف  مشهود في توقيعك على عريضة حول معانات السجناء ودفاعك عن محتواها (امام لجنة التحقيق، زرت سجون العهد الملكي كلها في الكوت وبعقوبة والسلمان، ووضحت ذلك في كتابك الموسوم (مذكرات باقر ابراهيم) الصادر عن دار الطليعة، عن معاناة السجناء وكذلك عمليات الهروب الى الحرية، وأشكالها ومنها التنكر والخروج مع الزائرين في المواجهات ومنها الانفاق وغيرها من الطرق، ومررت على العلاقات الرفاقية بين السجناء وذكرت الدكتور محمد صالح سميسم والدكتور حسين الوردي.

وفي عام 1954 صدر المرسوم رقم (17) الخاص باسقاط الجنسية العراقية، عن المناضلين توفيق منير والمحامي الموصلي كامل قزانجي وابعدوا الى تركيا، وعندما اطلق سراحك كنت تحمل رسالة من منظمة الحزب في السجن الى قيادة الحزب وكنت قد استخدمت علبة معجون الاسنان الفارغة وادخلت الرسالة فيها واوصلتها، وبعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 تفرغت للعمل الحزبي بنشاط من اجل تقوية وتوسيع العمل التنظيمي بين الجماهير في الحلة واطراف الكوت والديوانية من جهة القاسم والمحمودية في تكوين خلايا حزبية، ولجان فلاحية اعتمدت على الثقة والمعرفة التي توليها جماهير الحزب في الريف وفي مقدمتهم الشهيد كاظم الجاسم في ريف الحلة في قرية البو شناوة ومعن جواد في المحاويل وطاهر علوان في كربلاء وملا أحمد في القاسم والشهيد عباس الخضير من قرية البو شناوة وذكرت الرفاق الذي عملت معهم.

مواقفك الاممية تجسدت في مشاركتك في احتفالات ومؤتمرات الاحزاب الشيوعية والعمالية العالمية في البلدان الاشتراكية في القاء الكلمات وحضور الاجتماعات معهم كما مع قيادة جمهورية منغوليا الشعبية على سبيل المثال ولقاءك بقائد الحزب الشيوعي الايراني (تودا) ومع قيادة الحزب الشيوعي القبرصي (اكيل).  وفي رومانيا وسيرلانكا وفرنسا والبرتغال، وحضورك الى المؤتمر السادس والعشرين للحزب الشيوعي السوفيتي مع سكرتير الحزب الشيوعي العراقي وعقدك لندوات حزبية داخل التنظيم.

كنت في ريف الفرات الاوسط وعلى وجه التحديد في ريف الشامية وبعد انقلاب شباط الدموي وانت عضو المكتب السياسي الذي يقوده الشهيد سلام عادل، لعبت دورا مهما في جمع الرفاق الذين انقطعت صلتهم بالحزب، ورسمت الخطة لانقاذ قيادة الحزب الرفيق جمال الحيدري ومحمد صالح العبلي لخروجهم من بغداد، ولكن حركة الشهيد حسن سريع في 3 /7 / 1963 حالت دون نجاح الخطة وتم القبض على الرفيقين واستشهدا في قصر النهاية. وتابعت مسيرة الحزب وشاركت في المؤتمر الثاني والثالث وانتخبت عضوا في المكتب السياسي لغاية المؤتمر الرابع المنعقد في كردستان العراق، وكنت في كردستان مع الانصار وزوجتك خالدة الذكر ام خولة، وكنت قد ادركت ماذا سيحدث في هذا المؤتمر فقررت عدم الترشيح للجنة المركزية للحزب وقدمت مداخلة، انقل منها مايلي: [وقررت ووضحت في تلك الرسالة (ويقصد بها الرسالة التي قدمها الى الاجتماع الكامل للجنة المركزية المنعقد في حزيران 1984) وجهة نظر عامة موجزة تجاه سياسة الحزب التي وجدت فيها ما يدفع بالحزب، بعد تصحيح اخطائنا السابقة نحو العزلة والضعف، كما تحدثت فيها عن أوضاع الحزب الداخلية التي تتطلب المعالجات وعن الوضع في قيادة الحزب. كنت انذاك احمل شرف العضوية في المكتب السياسي والمسؤلية عن التنظيم الحزبي، وبسبب القناعة التي تأكدت لدي بعدم خوضي الصراعات المتتالية داخل القيادة حول عضوية المكتب السياسي، وما تقابل به مهمتي التنظيمية من عرقلة _ لهذه الاسباب _ بالدرجة الاساسية اتخذت موقف تجنب ترشيح نفسي في انتخابات المكتب السياس] انتهى الاقتباس من مذكرات باقر ابراهيم. بعد احتلال الوطن في نيسان قمت بزيارات لقادة الحركة الفلسطنية وكنت معك (كاتب السطور) بزيارة الرفيق نايف حواتمة امين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وكذلك الشهيد ابو علي مصطفى امين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في دمشق شرحت لهم نتائج هذا الاحتلال وما يترتب عنه من تدمير البنية التحتية للدولة العراقية التي تأسست عام ١٩٢١، وموقف الشيوعيين الوطنين من الاحتلال والعمل لمقاومته بكل السبل بما فيها المسلحة. لقد كتب باقر ابراهيم كتب مهمة تاريخيا ونضاليا وثقافيا، زود بها المكتبة العراقية والعربية ومنها التالية:

1 - مذكرات باقر ابراهيم أصدار دار الطليعة بيروت.

2-  دراسات في الجبهة الوطنية دار الرواد بغداد

3- حسن عوينة ثوري وهب الشعب والوطن حياته صادر عن مركز الحرف العربي غوتنبرغ السويد.

4- العراق جديد الحركة وتجديد الطلائع صادر عن دار الكنوز الادبية بيروت.

5- صفحات من النضال على طريق التصحيح والتجديد والوحدة صادر عن دار الكنوز الادبية بيروت.

لك المجد وستبقى مشروع خلود

                 

                                 طبيب وكاتب

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.