مقالات وآراء
الانظمة العربية والتخبّط بين القاع والقمّة// محمد حمد
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 11 أيار 2025 20:11
- كتب بواسطة: محمد حمد
- الزيارات: 642
محمد حمد
الانظمة العربية والتخبّط بين القاع والقمّة
محمد حمد
ما أعجب امر الحكّام العرب. يعقدون القمم وينظمون اللقاءات ويشكلون اللجان المشتركة ويصدرون بيانات نارية ضد العدو (نفس العدو) وتتصدر معظم نقاشاتهم ولقاءاتهم الثنائية والثلاثية والجماعية نفس العبارة الشهيرة: "تناول الطرفان القضايا ذات الاهتمام المشترك والاوضاع الإقليمية والدولية". وتُضاف اليها عادة بعض المفردات التجميلية مثل: "تعبيرا عن العلاقة الراسخة بين دولتينا وشعبينا الشقيقين". ولكن في الخفاء يُخفى كل خلاف واختلاف ومشاعر عداء بين أصحاب السعادة والسيادة وضعف الإرادة من الحكام العرب.
لا ادري، لانني غير مغرم بالارقام، كم عدد القمم التي عقدتها جامعة الدول العربية في عواصم أمّة الرفض والشجب والتنديد على الورق فقط؟ ولا ادري كم عدد البيانات الشديدة اللهجة التي صدرت عن اول قمّة عربية أو لقاء مشترك إلى يومنا هذا؟ وكم عدد الجُمل التي تضمّنت عبارات "نرفض رفضا قاطعا" أو "لا نسمح ابدا" أو "التصعيد يعرّض المنطقة إلى المزيد من المخاطر". وهكذا دواليك. وكانّ المنطقة خالية تماما من المخاطر. بينما تقوم دويلة اسرائيل، بلا هوادة ولا تردّد, بتنفيذ خطّتها الاجرامية الرامية إلى ابادة الشعب الفلسطيني في قطاع عزة وتهجير من بقي منه على قيد الحياة.
يدّعي الحكّام العرب في كل قمّة يعقدونها أنهم تناولوا وناقشوا "آخر المستجدات على الساحة". ولكن الواقع يقول إنه لا توجد مستجدات جديدة على الاطلاق. فالأمر بكل بساطة هو أن هناك احتلال وتوحّش همجي اسرائيلي ضد الفلسطينيين مستمر منذ عقود. والشيء الوحيد المستجد والمتجدّد هو أن الأنظمة العربية تزداد بمرور الزمن خضوعا وخذلانا وانبطاحا أمام امريكا واسرائيل. فما هي المستجدات يا فخامة قادتنا غير الاشاوس وغير المنتخبين من قبل شعوبكم؟
نحن سوف نتابع القمّة العربية التي ستعقد في بغداد، ليس لأن نتائجها سوف تغيّر مصير المنطقة أو العالم. ولا لان بيانها الختامي سوف يكون له تاثير نفسي على "شعب الله المختار" كتأثير صاروخ حوثي اطلق من اليمن باتجاه "مطار بن غوريون" في قلب الكيان الصهيوني.
نحن سوف نتابع القمّة العربية لأننا بحاجة ماسّة إلى التسلية والى البكاء في آن واحد. ولا ننتظر سوى مغادرة "الضيوف الكرام" مدينة بغداد بعد أن كلّفوا الدولة العراقية ملايين الدولارات. بين اكل وشرب من اجود الانواع وفنادق راقية وحمايات أمنية، منّا ومنهم, كثيرة العدد كأنها جيوش تستعد لخوض معركة فاصلة!
ان مشكلة الأنظمة العربية تكمن في كمية الهراء اللغوي الذي يختتم كل قمة عربية. وايضا في تصفيف الجُمل الجذابة، الخالية من المعنى الحقيقي، لتثير فضول القاريء من أول نظرة.
وهذا القاريء في كل الأحوال "غسل ايده" من انظمة تفضل الكلام، بل الكثير من الكلام والشعارات الرنّانة، على أي فعل حتى لو كان فعل ماضي ناقص!