مقالات وآراء
أمريكا ولوثة العداء للآخرين// محمد حمد
- تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 21 أيار 2025 11:45
- كتب بواسطة: محمد حمد
- الزيارات: 617
محمد حمد
أمريكا ولوثة العداء للآخرين...
محمد حمد
منذ الطفولة يتم تلقين المواطن الأمريكي أو الأوروبي على أن هناك دولا معادية. وعليه ان يتعلّم كيفية التعامل معها عندما يكبر. وخلال مراحل نموه ودراسته تجري له عمليات غسل دماغ منظمة لكي يتم حشو دماغه, الجاهز اصلا, بمواد دعائية مسمومة ضد الآخرين، روسيا والصين مثلا، تبقى معه إلى بقية حياته. واذا دخل عالم السياسة فعملية التلقين، ضد الاخر المصنف كعدو، تأخذ منحى جديدا يتحوّل بمرور الزمن، وحسب المناصب أو الوظائف التي سيشغلها، إلى سلاح شخصي وذخيرة لا يمكن الاستغناء عنها في السياسة.
وهنا في أوروبا تشبعت افكار الناس، حتى البسطاء منهم، بمفاهيم ومقولات يصعب تغييرها أو تعديلها على المدى القريب. منها ان روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية هي دول معادية. وبالتالي ينبغي التعامل معها على هذا الأساس. يحصل هذا لان ٩٩ بالمئة من وسائل الإعلام منحاز جملة وتفصيلا إلى ما تقوله وتطرحه وتقرّره الحكومة، خصوصا في ما يتعلق بالسياسة الخارجية والأزمات الدولية.
يظن البعض منّا أن مساعي الرئيس الأمريكي ترامب لوقف الحرب في اوكرانيا نابعة عن مشاعر إنسانية نبيلة وصادقة نحو الالاف من الضحايا في تلك الحرب. ولكن هذه الحقيقة بعيدة جدا "عمّا تخفي الصدور" الامريكية. صحيح أن ترامب يبدو ظاهريا وكأنه يتعامل مع طرفي النزاع بحيادية مطلقة، مع ميل (زائف في رأيي) نحو موسكو واعجاب، غير مؤكد تماما، بالرئيس الروسي بوتين. لكن ترامب نفسه قبل يومين وفي لهجة تضمنت تهديدا واضحا، صرح قائلا: "سوف افرض عقوبات مدمّرة على روسيا إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب". وكاي سياسي امريكي لا يمكنه ان يخفي عداءه المبطن لروسيا. وتجدر الاشارة الى ان ترامب ذكر روسيا فقط باعتبارها، وفق الإنطباع الأمريكي السائد، هي السبب في رفض وقف اطلاق النار. وبالتالي يتم إلقاء اللوم عليها، اي على روسيا. وليس غريبا أن الرئيس ترامب لم يهدد اوكرانيا بفرض "عقوبات مدمرة" عليها. والسبب بسيط، وهو الانحياز الذي تربى عليه منذ صباه واستمر معه إلى اليوم. وان روسيا، باعتباره دولة معادية في الذاكرة الجمعية للامريكان والاوروبيين، هي دائما "الرافضة" للحلول السلمية.
لا احد ينكر أن هناك ضغوطا شديدة تمارسها حفنة من دول حلف الناتو يقودها مهرج اوكرانيا زيلينسكي لافشال المفاوضات بين موسكو وكييف. ودفع الولايات المتحدة إلى التصعيد مع روسيا وفرض المزيد من العقوبات المدمرة عليها. وهنا فقط يمكن كشف النوايا الحقيقية للرئيس الأمريكي ترامب.
وفي نفس السياق كانت تصريحات سابقة لستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس ترامب. يمكن من خلالها أن نشم رائحة الانحياز.. حتى وان كان هذا الرجل مجرد بوق مصقول لسيده ساكن البيت الأبيض. كذلك هو الحال مع بابا الفاتيكان الجديد، وهو امريكي تربى على الثقافة الامريكية، لم يخل من "لوثة" العداء لروسيا الاتحادية. ففي معرض حديثه عن أزمات العالم تحدث عن "اوكرانيا الحبيبة". ولا اعرف من اين جاءه الحب لاوكرانيا؟ أما غزة وعشرات الضحايا الفلسطينيين يوميا فلا تدخل في الحسابات البابوية. وهي ليست حبيبة ولا صديقة ولا هم يحزنون. كما أن قداسته يستقبل، ببشاشة ظاهرة للعيان، مهرج اوكرانيا زيلينسكي الباحث دائما عن مسرح مضاء وجمهور شارد الذهن.
يوجد في دواخل كل امريكي جانب خفي من الأحكام المسبقة والعداء لروسيا، هذا الجانب عادة ما يكون مغطى بطبقة كثيفة من الزيف والرياء والنفاق. لكن عندما تشرق عليه شمس الحقيقة سرعان ما ينكشف فيراه الاعمى قبل المبصر.
وفي آخر تصريح صادر عن البيت الأبيض يقول فيه : مسألة فرض ترامب عقوبات على روسيا ما زالت قيد المناقشة.
سؤال بسيط: هل يمكن الوثوق بهذا ترامب الذي بدأ يظهر تدريجيا ما في باطنه؟
وصدق من قال، كل اناء ينضح بما فيه !