مقالات وآراء
المجتمع الدولي ضمير مستتر مُصاب بالشلل// محمد حمد
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 03 تموز/يوليو 2025 19:55
- كتب بواسطة: محمد حمد
- الزيارات: 521
محمد حمد
المجتمع الدولي ضمير مستتر مُصاب بالشلل
محمد حمد
كان يا ما كان قبل بضعة أعوام من هذا الزمان كيان اسمه "المجتمع الدولي". وكان له صوت مسموع، ويتمتع باحترام الجميع. وينظر إلى بني آدم نظرة عادلة لا تفرّق بين الصعيدي المصري والهولندي الاشقر. فكلاهما بشر، باستثناء اختلافات ظاهرية بسيطة لم تكن ذات أهمية في نظر 'المجتمع الدولي" آنذاك.
لكن بعد مرور السنين تقدّم العمر بالمجتمع الدولي وأصبح شيخا طاعنا في السن. يعتمد كليّا على حفنة من الأقوياء الأشداء. سيطرت تماما على كل قراراته ووجهات نظره ومؤسساته التي ما زالت تحمل صفة "الدولي" ربما لحفظ ماء الوجه.
اما نحن في الشرق وغيره فلدينا مع "المجتمع الدولي" ايام وليال من العتاب والعذاب والصراخ باعلى الاصوات لما جرى لنا وما زال يجري حتى هذه الساعة، على ايدي من يعتبرهم "المجتمع الدولي" فوق القوانين والأعراف والشرائع السماوية والأرضية. بعيدين كل البعد عن العقاب والعتاب حتى ولو بكلمات رقيقة جدا. كما يحصل عادة بين العشاق.
ولمن لا يعرف ما هو "المجتمع الدولي" أود أن اوضح، أنه عبارة عن "نادي للاغنياء جدا" مكوّن من حفنة من الدول تقودها أمريكا. ولا حاجة لذكر الاسماء. اما بقية دول العالم فهي إما خاضعة خضوعا تاما وأما لا تبالي بما يجري حولها. وأما تؤدي دور شاهد ما شافيش حاجة!
واليوم، في عصر البلطجة الأمبريالية يكفي أن تغضب عليك دولة واحدة من نادي "الكبار" لتصيبك الف داهية. واذا الصقوا بك تهمة ما كالإرهاب أو العداء للسامية على سبيل المثال. فلن ينقذك منها أحد إلا ملك الموت، إذا كنت محظوظا. ولتعلم أن حفنة من الدول الكبرى، لا تزيد عن عشر دول، ويسمونها "المجتمع الدولي" تتحكّم بمصير ومستقبل ثلاثة أرباع شعوب ودول العالم. وتمسك بيدها سيف العقوبات الصارم الذي لا شفاء منه إذا وقع على رأس دولة. وجمهورية كويا هي أكثر الأمثلة وضوحا على ما اقول.
وبالامس، وما زال الحديث عن "المجتمع الدولي" قامت دويلة اسرائيل بقصف مقهى على شاطيء غزة وقتلت وإصابت العشرات من الابرياء. كان مجرد مقهى وليس ورشة لتصنيع الأسلحة ولا مخزن للصواريخ ولا ترتاده شخصيات قيادية من حركة حماس. كان مجرد مقهى يأوي أناسا أبرياء جلسوا بما خفّ حمله من الثياب الصيفية. فهل سمعتم صوت "المجتمع الدولي" مندّدا أو محذّرا أو رافضا أو مهدّدا بعقوبات من نوع ما. طبعا لا!
ولماذا لا؟ لأن ضمير "المجتمع الدولي" يصاب بالشلل عندما يتعلق الامر بدويلة اسرائيل المدلّلة. بينما يكشّر عن أنيابه الحادة مع الدول الفقيرة لابسط الأخطاء ولاتفه الاسباب.
فلا تعوّلوا كثيرا، مهما تقطٌعت بكم السُبل، على مجتمع "دولي" بالاسم فقط. له عين عوراء لا ترى ما يرتكبه بعض الكبار من جرائم وانتهاكات، رغم كثرة الأدلة والبراهين الموثقة، وعين أخرى حمراء متقّدة مع الفقراء ومع من لا حول ولا قوة لهم إلا بالله !
أن من يعوّل على هذا "المجتمع الدولي" في إعادة حقوقه المسلوبة ورفع الظلم عنه او انصافه كمن يعوّل على ابليس في التوسّط له بدخول الجنة !