مقالات وآراء

يوميات حسين الاعـظمي (1361)- مانشيت/ 8 التاثر والتاثير في تطور الموسيقى

• 

تقييم المستخدم:  / 0

سيئجيد 

تم إنشاءه بتاريخ السبت, 05 تموز/يوليو 2025 20:53

كتب بواسطة: حسين الاعـظمي

الزيارات: 622

حسين الاعـظمي

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعـظمي (1361)

مانشيت/ 8 التاثر والتاثير في تطور الموسيقى

حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية) الجزء الثاني، كتاب مخطوط لم يصدر بعد.

بعض المانشيتات الداخلية من (الفصل الرابع) والبحث المشارك في (مؤتمر الموسيقى الدولي) المقام من قبل كلية الموسيقى بجامعة الروح القدس. الكسليك، لبنان. تموز 2012.

البحث (تطور الغناسيقا الآلية العراقية التقليدية المتقنة).

***

مانشيت/ 8 التاثر والتاثير في تطور الموسيقى

       لقد كان التاثر والتاثير بين العرب والفرس والاتراك، باعتبارهم امم متجاورة وحضارات قديمة في شؤون الحياة بكل تفاصيلها. امر طبيعي وعلى الاخص في الحقبة التي تلت سقوط العباسيين(656هـ 1258م) ومن خلال الدين وتفاصيل الحياة الاخرى، يبدو لنا ان تاثير العرب على هاتين الامتين اعمق واوسع بصورة عامة..! ومنذ القدم كانت العلاقات بينهم متوترة وقلقة على الدوام، ويبدو انها لم تستقر حتى يوم الناس هذا..!

          على كل حال، ان ما يهمنا هنا هو حال الموسيقى والغناء، حيث نجد ان التاثر والتاثير فيما بين هذه الامم الثلاث موجود منذ اقدم الازمنة بصورة متناظرة تقريبا. ومن الطبيعي ان يكون العراق البلد العربي اكثر الاقطار العربية قربا لهذه التاثيرات الثقافية بمحتواها العام. وبالتالي يكون الاكثر تعرضا للغزو والاعتداء من الامم المجاورة غير العربية..! باعتباره الاقرب جغرافيا والاقرب ثقافيا. وهكذا ابتلى العراق العربي بمظالم الاقوام المختلفة خاصة قرون(الفترة المظلمة) السبعة التي بدأت بغزو المغول التتر لبغداد واسقاط الحكم العباسي وتهديم بغداد واحتلالها وسرقة كل ممتلكات الدولة العباسية ... و.. الخ.

       ولكن الاكثر اثارة في الموضوع، هو انه رغم القرون السبعة التي خضع فيها العراق والوطن العربي، سواء للمغول او الفرس او العثمانيين او الاقوام الاخرى. كان فيها العرب مؤثرون في هاتين الامتين الفارسية والعثمانية اكثر مما هم متأثرون بها..! في الكثير من شؤون الحياة..!!! وعلى الاخص في موضوع اللغة المحكية لهذه الامم الثلاث. وهناك بحثا قيِّماً للاستاذ الدكتور حسين علي محفوظ رحمه الله (هامش1) حول المفردات اللغوية المتبادلة او الموجودة في لغات شعوب هذه المنطقة. حيث توصل الى ان المفردات العربية الموجودة في اللغة الفارسية واللغة التركية اكثر كثيرا من وجود المفردات الاعجمية من كلا الامتين الفارسية والتركية في لغتنا العربية. وهكذا يكون النموذج اللغوي صريحاً في طرح حقائق التاثر والتاثير، وعليه يكون العرب اكثر تاثيرا في هاتين الامتين في مجال اللغة التي تعتبر من اهم ظواهر التاثير في المجتمعات، وعليها تنعكس الكثير من امور الحياة الاخرى.

اتجاهات جمالية في الموسيقى التقليدية المتقنة

         بعد حقبة التحول التي كانت في العقود الاولى من القرن العشرين، باتجاهاتها الجمالية المتنوعة. وهي في الحقيقة تعد انعطافة زمنية وولادة عسيرة لكثير من الاتجاهات الجمالية التي تمخضت عنها جماليات القرن العشرين كله. فبعد هذه الحقبة تواصلت التيارات الجمالية هذه، للحقبة التي اعقبت حقبة التحول الى منتصف القرن العشرين تقريبا او بعده بقليل. بحيث اصبح من العسير ثبات جماليات ذوقية سادت في العقود الاولى. بناءً على استمرار التطورات والتغيرات في كل نواحي الحياة، وفي الغناء والموسيقى على وجه الخصوص. فلم تعد هذه التيارات الجمالية لحقبة التحول (هامش2) قادرة على الثبات، ومن ثم فهم مشاكل شكل ومضمون المقامات العراقية التقليدية المتقنة بهذا المعنى الواسع من التطورات المستمرة. وحيث هي لم تنعزل عن مجريات الحياة ومتغيراتها، فقد تواصلت التاثيرات الذوقية هذه وتطوراتها الثقافية وفقا لظروف حقبة التجربة (هامش3) من منتصف ثلاثينيات القرن العشرين حتى منتصف ستيناته تقريبا، المميزة بالتجارب الفنية الجديدة التي تمخضت عن حقبة التحول التي سبقتها، باسس جمالية وذوقية جديدة اكثر وعياً وتفكيراً وفنّاً.

     يترتب علينا اذن، ان نتوجه الى التذوق الغنائي الموسيقي العراقي بصورة عامة، خاصة وقد برزت الاتجاهات والافكار الجمالية في هذه الحقبة من انتصاف القرن العشرين، بحال اكثر تواصلاً من بداياته، في الالوان الغناسيقية الاخرى لعموم جغرافية وبيئات الوطن كالغناء الريفي وغناء البادية وغناء وموسيقى الاديان والقوميات والاقليات الاخرى الموجودة في بلدنا العراق. التي تداخلت مع غناء وموسيقى المدينة، وخاصة العاصمة بغداد. ونحن نشير الى ذلك لتعلق الامر خلال عرضنا لحقبة التجربة، فيما يخص الغناء المقامي كونه موضوع بحثنا. ان التحديد الاكثر جوهرية والاكثر عمقاً لوضوح الفوارق الجمالية بين حقبة التحول التي كان المطرب المتمرد محمد القبانجي يتوقد حماسا في خضم تطوراتها، حتى بداية حقبة التجربة التي استتب الامر فيها لطريقته الغنائية(الطريقة القبانجية) والتي فسحت المجال اوسع للابداع المقامي..! هذا التحديد يمكن العثور عليه وملاحظته لدى اذواق الناس وجمالياتهم كمتلقين لغناء وموسيقى المقام العراقي في فترة الاربعينيات والخمسينيات، أي فترة انتصاف القرن العشرين تقريبا. ففي الغناسيقى عموما تكون المتغيرات والتطورات مهمة جدا وباعثة على الاهتمام وجذابة، بوصفها كوامن واهداف النشاط الانساني. وبوصفها محاولات للعلاقات بين الانسان ومصيره. وعليه فالعمل الغناسيقي الذي لا يطرح الا الحياة الداخلية للانسان بلا تفاعل حي مع المحيط الذي يؤلف بيئته الاجتماعية والتاريخية. لا بد ان يتحول الى خواء والى فراغ فني بدون محيط او جوهر.

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

هوامش 

  - الاستاذ الدكتور حسين علي محفوظ: عالم من العلماء الكبار في التاريخ واللغة، اثبت في احد بحوثه المهمة. ان العرب مؤثرون على كل الاقوام التي حكمت العراق، على الاخص في اللغة والكلام، اكثر من اي قوم آخر قد أثر في العرب، وذلك بفضل الدين الاسلامي والقرآن الكريم.

2  - حقبة التحول: المقصود بهذه الحقبة من القرن العشرين، هي الحقبة الواقعة في الثلث الاول من القرن. لكثرة التحولات والتغيرات التي طرأت على الحياة بمجملها واستمرت بالازدياد حتى يوم الناس هذا.

3 - حقبة التجربة:  المقصود بهذه الحقبة من القرن العشرين، هي الحقبة الواقعة في الثلث الثاني من القرن، اي في منتصفه.

صورة واحدة/ اخوتنا وفنانينا وادبائنا في فندق المشتل بتونس في آب 1994. يميناً الفنان التشكيلي وليد نايف محمد والشاعر كريم العراقي وحسين الاعظمي والفنان الكبير كاظم الساهر واحدى معجباته والفنان جواد الشكرجي والاديب عبد الرحمن مجيد الربيعي.

• < السابق
• التالي >