مقالات وآراء
لماذا صرخ يسوع المسيح على الصليب الهي الهي لماذا تركتني؟// يعكوب ابونا
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 05 تموز/يوليو 2025 21:48
- كتب بواسطة: يعكوب ابونا
- الزيارات: 558
يعكوب ابونا
لماذا صرخ يسوع المسيح على الصليب الهي الهي لماذا تركتني؟
يعكوب ابونا
لقد صرخ يسوع بصوت عظيم على الصليب قائلاً: " أيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟»: الوي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» بمعنى "إِلهِي إِلهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي" (متي 27: 46 ومرقس 15 : 24 ) ؟ فالسؤال: هل يعني هذا أن الله الآب ترك يسوع، أو أن اللاهوت فارق الناسوت؟
اولا- الكثير من المفسرين ورجال الدين يربطون هذه العبارة بالعبارة الأولى " من المزمور الثاني والعشرين، الغني بالنبؤات عن آلام يسوع، لان الصرخة تشير الى استغاثة يسوع، التي تعبر عن مدى الالم، الذي يعاني منه على الصليب..
فمزمور 22: 16 -18 يتنبأ عن آلام المسيح ومعاناته، بشكل دقيق، منها مشهد الصلب نجد كلمات المزمور: "جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ. أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي، وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ. يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ" (الآيات 16–18).
هذه التنبوات تحققت حرفيا بعد الف عام. لان داود تكلم عنها بالروح القدس،
وكما هو معروف أن الله يستخدم أدوات لتحقيق أهدافه، فإن المجد هو له وحده، لأنه هو مَن يعمل من خلالها ويؤكِّد نجاحها. لهذا السبب، نجد ان هذا المزمور ينتهي باليقين الراسخ: "ياتون ويخبرون ببره شعبا سيولد بانه قَدْ فَعَلَ" (الآية22: 31). إلهنا يسمع صلواتنا، ويتمِّم وعوده، ويملأنا بالتسبيح. "لأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ. لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ" (رومية 11: 36).
ثانيا – ان صرخة يسوع كانت باللغة الارامية، وليس العبرية، كما يعتقد البعض، بدليل ان الحضور من الجند واليهود لم بفهموا صرخته، بعضهم قالوا انه ينادي ايليا، واحدهم اخذ اسفنجة وملاها خلا وجعلها على قصبة وسقاه، والباقون قالوا لنرى هل ياتي ايليا يخلصه "متى 27 : 46 – 9 "..
هذا دليل على ان اللغة التي استعملها يسوع لم تكن عبرية ليفهما اليهود، وهذا يدحض قول البعض بان المسيح ذكر مقدمة المزمور22 لكي يفهموا ويعرفوا اليهود الذين كانوا هناك بانه هو المقصود بالمزمور وبما تنبأ به داود؟ فالصرخة كانت صرخة شخصية تخص يسوع وتحقق ما تنبا به داود، فهي انعكاساً فعليا لمعاناته ومناجات يسوع على الصليب،
ثالثا- من الملاحظ بان كل ماقاله داود في المزمور وخاصة الايات من 16- 18 قد تحققت كليا وحرفيا عدا مقدمة المزمور حسب راى البعض بانه لم يتحقق "الهي الهي لماذا تركتني،". والسبب حسب اعتقادي الشخصي، لان تاؤيلهم للنص جاء بغير محله...
يقولون بان "يسوع عرف هذا المزمور واقتبس منه كلماته الأولى".. وكان المسيح لم يكن يعرف ما يحدث له بتجسده، لولا مزمور داود، متناسين ان الرب بالروح هو من أوعز لداود ان يتنبأ بهذه الكلمات. لانها ستحدث فعلا بحياة يسوع المسيح، فجاءة بالمزمور نصاً محققاً مستقبلياً..
معروف بان الاقنوم الثاني المسيح، اخذ جسداً وصار انسانا كاملا، لكي يشبنها في انسانيتنا، ليتحمل على الصليب أوجاعنا وآلامنا: "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ" (عبرانيين 2: 14). حرَّرنا المسيح من خلال أنه صار بديلًا عنَّا وذبيحة من أجل خطايانا.
رابعا - صرخة يسوع واستغاثته لم تكن بحسب طبيعته اللاهوتية، لأن اللاهوت منزَّه عن الألم، ولكن صرخ بناسوته، كما قال على الصليب: "أَنَا عَطْشَانُ" هو الذي قال بنفس المنطق "إِلهِي إِلهِي لِمَاذَا تَرَكتني"، ..
ومن هذا يتضح أن الرب نطق بهذه الكلمات (أولًا) لكي يبين شدة آلامه التي تكبدها فوق الصليب (ثانيًا) لكي يبين أنها كانت آلامًا حقيقية (ثالثًا) لكي يبين أنه كان له جسد حقيقياً (رابعًا) لكي يعلمنا أن نلجأ إلى اللَّه في كل شدائدنا، (خامسا) ليؤكد انه يحقق الفداء بموته عل الصليب..
لذا تحمل الآلام الكفارية، فقبلها نيابة عنها جميعاً، فوقف أمام العدالة الإلهيَّة، كمجرم أثيم يحمل جميع خطايا البشرية.، فكيف يمكن ان يبقى بوحده مع اللاهوت بعد ان قبل الخطية وكانه هو الخاطئ؟؟
قال الوحي: "اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّاموسِ إِذْ صَارَ لَعْنةً لأَجْلِنا" (غل 3: 13)..
خامساً - شرح بولس الرسول الموقف قائلًا: "الَّذِي فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ مع كونه ابناً تعلم الطاعة مما تالم به، واذ اكمل صار الجميع الذين يطيعونه سبب خلاص ابدي " (عب 5: 7-9 ) ..
وبعد ان كمل يسوع كل شئ، كما قيل عنه في الشريعة والانبياء والمزامير، لم يبقى الا ان يشرب كاس الموت كانسان قدم نفسه لخلاص البشر، ولكي تكتمل الرسالة فلابد ان يكمل عمل الفداء بموته على الصليب..
ذهب البعض الى القول "بان عبارة... "إِيلِي إِيلِي لِمَا شَبَقْتَنِي" لا تعني أن لاهوته قد ترك ناسوته، ولا أن الآب قد ترك الابن... لا تعني الانفصال، وإنما تعني أن الآب تركه للعذاب. أن لاهوته لم يترك ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين... انتهى الاقتباس
وهذا خلاف النص الواضح..
يسوع صرخ وقال الهي الهي لماذا تركتني، ماذا يعني هذا؟ يعنى ان فعل الترك قد وقع فعلاً، وان صراخ يسوع كان مناجاة الرب من الموت، للعلم سبق وان يسوع في جثسيماني قال نفسي حزينة جداً حتى الموت، متي 26 : 38، وعندما بدأ يصلي قال "يا ابتاه ان امكن فلتعبر عني هذه الكاس "متي 26 :39".
كان حزنه بسبب انه بعد ساعات قليلة سوف يتجرع الكاس الملائ بالغضب الالهي على الخطية، ولكن اضاف القول "ولكن ليس كما اريد انا بل كما تريد انت"..
وهذا يدل على ان الاقانيم الثلاثة على وفاق تام، وان المسيح بناسوته اخضع نفسه وارادته للاب في كل شئ، وهنا عندما قال الهي الهي لماذا تركتني؟ فالصرخة لم تاتي عن استمرارية الالم بل بعد ان وصل الالم لحظاته الاخيرة، لحظة وقوع الموت،
ويؤكد البشير متي في 27 : 50 ذلك يقول مباشرة بعد ان قال الهي الهي لماذا تركتني، فصرخ يسوع ايضا بصوت عظيم واسلم الروح..
نلاحظ بان يسوع يعترف بان الله تركه، والاعتراف سيد الادلة، والا لما كانت صرخته مدوية معبره عن ذلك، واما ان ياتوا بعض الاباء ورجال الدين ليقولون ويعلموا عكس ذلك بان الله لم يتركه ولم ينفصل عنه؟. فهذا افتراء على الحقيقة، والا ايهما نصدق قول الحق، ام تاويلات الاباء بدون مبرر.؟؟
نؤمن بان المسيح الكلمة اخذ جسداً وصار انسانا، ليدفع بذلك الجسد على الصليب ثمن خطايانا ويعيد العلاقة التي انقطعت بين الانسان والله بسبب الخطية فيسوع بموته على الصليب دفع ثمن تلك الخطايا وبررنا امام الرب، لذلك قال الهي الهي لماذا تركتني، لانه لو لم يتركه اللاهوت لايمكن ان يموت الناسوت؟؟
واما أدعاء البعض بان موت يسوع المسيح تم بدون انفصاله عن لاهوته، وانما الموت تحقق بانفصال روحه الانسانية عن جسده، فالسؤال ان كانت روح الانسان التي هي نفخة من روح الله تحيا الانسان وتموته بانفصالها عن الجسد يموت الانسان، فهل يعقل ان تكون روح الله في انسان ويتعرض ذلك الانسان للموت، ببساطة لنفهم ايهما اعظم روح الانسان، ام وروح الله المحيئ؟
مثال :
نشبه العملية بالشمس المشرقة الساطعة في النهار، وهناك شمعه مشتعله مضوية في الشارع العام، نسائل متى يحل الظلام في الشارع هل عندما نطفي الشمعة ؟؟ ام عند غروب الشمس،. ؟؟ طبعا عندما تغيب الشمس، لان نور الشمعة لا يقاس امام نور الشمس. وهكذا هي روح الانسان امام روح الله.
فالشمس نور روح الله مشرقة، كيف يموت الانسان الذي به كل ملء اللاهوت "روح الله "؟؟
من هنا نتوصل للقول لكي تتم عملية الفداء بموت يسوع على الصليب، لابد ان تكون روح الله بعيدة عن روح الانسان، لان الشمعة يكون لها دور في النور عندما تكون ظلمه، ولا تاثير لها امام نور الشمس الساطع.. لكي يتحقق الهدف ويكمل عمل الله بتجسده وموته على الصليب،
فلابد ان ينفصل اللاهوت عن الناسوت، وهذا ما عبر عنه يسوع بصرخته "الهي الهي لماذا تركتني"، بهذ الابتعاد والانفصال تمكنت الروح الانسانية ان تاخذ دورها بالانفصال هي الاخرى عن جسد يسوع ليتم الموت الجسدي، ويتم الفداء، لانه لايمكن ان تظلم المدينة والشمس مشرقة..؟
الجسد الملء بروح الله؟؟ !! لا يمكن ان يموت..؟؟
يسوع بعد ثلاثة ايام اقامه الله "اعمال الرسل 2 : 32 فيسوع هذا اقامه الله ونحن جميعاً شهود لذلك". نلاحظ بان الله اقام من القبر يسوع الذي مات على الصليب، ولم يقل اقام المسيح، او يسوع المسيح؟ لان المسيح لاهوت الله حي لايموت، من هنا نفهم بانه لايمكن ان يكون هناك ميت وفيه لاهوت حي..؟
وقول البعض: لو كان لاهوته قد انفصل عنه، ما اعتبرت كفارته غير محدودة، تُعطي فداء غير محدود، يكفي لغفران جميع الخطايا لجميع البشر في جميع الأجيال... انتهى الاقتباس
نقول ان الاهوت تجسد وصار انساناً؟؟ وهو الرب الخالق والمحي والمميت.
فخطة الفداء التي اعدها الله لخلاص البشر كانت بتجسد المسيح الاقنوم الثاني الذي صار انسان كامل وتحمل كل الالام البشر وعذاباتهم وخطاياهم، لانه وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب، "فليبي 2 : 8" وبموته على الصليب غسل بدمه كل خطايا البشر، فالناسوت تحمل وزر خطية البشر؟ التضحية كانت ذبيحة وهي لاتتحق بمعزل عن الدم، والله روح بدون دم، والا كيف يفدي الانسان؟؟..
والدفع بالقول من جهة علاقته بالآب، فلم يتركه الآب "لأنه في الآب والآب فيه" (إنجيل يوحنا 14: 11)..
ومن قال ان المسيح انفصل عن الاب؟؟ هذه الدفع لاعلاقة له بالناسوت بيسوع، لان الناسوت خلق ووجد ليفدي الانسان من الخطية ويبرره امام الخالق.. فاللاهوت موجود مع الاب منذ البدء، قبل خلق الناسوت "الله ظهر بالجسد" ليكمل مهمة الفداء. .
الله واحد بثلاثة اقانيم لا يتجزا ولا ينفصل ولا يقسم، لانه وحدانية شاملة جامعة مانعة الاهية،
نلاحظ البشير متي يقول صرخ يسوع ـ ولم يقول صرخ يسوع المسيح ،لان الناسوت كان بمعزل عن اللاهوت. وان لم يكن منفصلا لماذا يقول يسوع لماذا تركتني، بمعنى انه تركه فعلاً. فاللاهوت لايموت وان لم يكن قد انفصل عن الناسوت فمن المستحيل ان يموت الناسوت.. ؟
إن عبارة "تَرَكْتَنِي" تعنى أن آلام الصليب، كانت آلامًا حقيقية، وآلام الغضب الإلهي كانت مُبرحة... وكل آلام الفداء... حتى يقف المسيح كذبيحة محرقة، وكذبيحة إثم تشتعل فيه النار الإلهيَّة حتى تتحوَّل الذبيحة إلى رماد وتُوَفي العدل اللَّه كاملًا...
ومن جهة اخرى يجب ان نفهم عندما صرخ يسوع على الصليب لمذا تركتني، من الطبيعي ان الآب يتركه لانه حجب وجهه عنه لأنه حمل خطايا العالم كله، فاصبح خاطئاً مداناً، فكيف يجتمع النور مع الظلمه ؟ فترك اللاهوت الناسوت ليقاسي تلك العذابات الرهيبة لأنه صار "فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مت 20: 28).
هل كان من الضروري أن يتخلى الآب عن الابن..؟ نعم، لأن اللَّه قدوس: "إِنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (لا 11: 44).. " وَأَنْتَ الْقُدُّوسُ الْجَالِسُ بَيْنَ تَسْبِيحَاتِ إِسْرَائِيلَ" (مز 22: 3)، وفي قداسته لا يطيق الإثم والخطية، بينما يسوع على الصليب حمل خطايانا: "الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ" (1 بط 2: 24).. " لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً خَطِيَّةً لأَجْلِنَا لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللَّهِ فِيه" (2 كو 5: 21).
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللَّه الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو 3: 16). وقال بولس الرسول: "الَّذِي قَدَّمَهُ اللَّه كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِه" (رو 3: 25)..
فصرخة يسوع ليست استغاثة منه لكي يَخلُص من الصليب ويهرب من الموت، لأنه كان قد وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب، فكان لا بد أن يلاقي الموت وينتصر عليه، ونحن ندرك جيدًا أن ذاك الذي يصرخ على الصليب " إِلهِي إِلهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي" هو هو الذي يغيث الملهفين ويُعطي النجاة لمن تداهمهم المخاطر، وهو ضابط المسكونة كلها.... وله كل المجد ... امين ........
يعكوب ابونا ...............5 /7 /2025