مقالات وآراء

اليوم التالي لغزة لن يُكتب إلا بكرامة أهلها// صافي خصاونة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صافي خصاونة

 

عرض صفحة الكاتب 

اليوم التالي لغزة لن يُكتب إلا بكرامة أهلها

صافي خصاونة

 

من جديد تعود غزة لتكون ساحة الصراع بين الإرادات الكبرى بين خطط تُطبخ في واشنطن وعواصم الغرب وبين واقعٍ يفرضه دم الشهداء وصمود أهلها تحت النار.

 

الخطة الأمريكية التي تُسوَّق تحت عنوان اليوم التالي تبدو للوهلة الأولى وكأنها طريق لإعمار غزة وفتح نافذة أمل فهي تتحدث عن إدارة انتقالية دولية يقودها  رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير وعن إعادة بناء مؤسسات مدنية وأمنية وقضائية تضمن حياة أكثر استقرارًا للفلسطينيين.

 

لكن خلف هذه العناوين البرّاقة يكمن قلق عميق إذ إن إسرائيل وعلى لسان نتنياهو ترفض أي مساس بدورها المركزي في القطاع وتصر على أن تكون صاحبة اليد العليا في كل ما يتعلق بالأمن والإدارة وكأن غزة لا يُكتب لها أن تتنفس إلا بإذن الاحتلال.

 

من جانبها واشنطن تحاول أن ترسم مشهدًا جديدًا لما بعد الحرب لكنها تصطدم برفض إسرائيلي وبتساؤلات فلسطينية وعربية حول أي مستقبل يمكن أن يُبنى إن لم يكن الفلسطينيون هم أصحاب القرار الأول فيه وكيف يمكن الحديث عن إعمار وحقوق إنسان بينما لا يزال الدمار مستمرًا والدم ينزف كل يوم.

 

ان الدول العربية يجدون أنفسهم أمام اختبار صعب فهم يعرفون أن أي ترتيبات لا تُعيد الاعتبار للحق الفلسطيني في السيادة ستبقى مجرد وصفة لزيادة الألم وتأجيل الانفجار القادم . وإذا كان العالم يبحث عن اليوم التالي فإن الحقيقة على الأرض تقول إن اليوم التالي لن يكون ممكنًا ما لم يُبنَ على أساس العدل وما لم يُعترف صراحة بأن غزة ليست أرضًا فارغة تنتظر من يديرها بل وطنٌ لشعبٍ حيّ له الحق في تقرير مصيره.

 

إما رفض نتنياهو للخطة فلا يهدد واشنطن وحدها بل يهدد فكرة السلام برمّتها. فحين يتغوّل الاحتلال في عناده وحين تُدار غزة كملف سياسي بعيدًا عن إرادة أهلها فإن الطريق لا يقود إلا إلى مزيد من الدماء ومزيد من العناد.

 

ومع ذلك تبقى الحقيقة الثابتة أن غزة رغم جراحها أثبتت دائمًا أنها أكبر من كل الخطط وأنها قادرة أن تنهض من تحت الركام لتقول للعالم نحن هنا نحن أصحاب الأرض ونحن من نقرر شكل الغد.