مقالات وآراء
الاشوريون في التاريخ- الحلقـة 13// يعكوب ابونا
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 12 تشرين1/أكتوير 2025 00:45
- كتب بواسطة: يعكوب ابونا
- الزيارات: 607
يعكوب ابونا
الاشوريون في التاريخ- الحلقـة 13
يعكوب ابونا
الاشوريون بركة في الارض .... النبي اشعيا 19 : 24
عن تاريخ العهد الاشورى الحديث : ( 11 9 - 612 ) ق . م ،
رغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الدولة الاشورية، الا ان ظهور الملك اشور دان الثاني " 934- 912 ق. م، كان ملهما لهذه المرحلة، اذ حاولا جاهدا ايقاف انهيار المملكة الاشورية، "1" اذ كان يتمتع بالحكمة ويمتلك القوة والمقدرة على تيسير الامور بالشكل المطلوب، لقد اتخذ الاجراءات التي كانت ضرورية ان يتخذها هو توطيد الوضع الداخلي وتامين الاستقرار في الجهة الداخلية، كما قام بتأسيس جيشا قويا بعد ان جند عموم الشعب الاشوري. بمعنى عمل على عسكرة الشعب ليكون مطمئنا بانه يستطيع الدفاع على نفسه في اوقات المحن، ومن جهة اخرى أمن دفاعاته العسكرية فعمل على توسيع اسوار مدينة اشور، فوجد بعد ذلك انه مستعد ليرد الامور الى سابق عهدها، فوجه جيوشه نحو الممالك التي خلعت الطاعة وتمردت على سلطة اشور، فقام بمهاجمة بعض القبائل الارامية المجاورة وحقق انتصاراً عليها، "2 " . كما انشا دوائر حكومية في المناطق، ونظم سياق العمل للارتقاء بالاقتصاد، وتامين الامور الاقتصادية المطلوبه لشعبه، راح يباري منجزات تغلات بلاسر الاول في تامين المحاريث على امتداد اراضيه، "3" مشجعا انتاج الحبوب بكثرة وزيادتها عما كانت عليه في مامضى، كانت هذه الاجراءات والاعمال ثبتت مع الايام انها كانت مهمه لتامين قاعدة متينة للتطور والتوسع اللاحقين، وفعلا لقد استفاد منها الملوك الذين تعاقبوا من بعده على الحكم،
وبعد وفاته خلفه على العرش ابنه ادد - نيرارى الثاني " 911 – 891 " ق . م
كانت مرحلة جديدة في حياة الشعب الاشوري فقد استهل الاشوريين هذه الحقبة بنشاط عسكري مكثف لم تشهد له البلاد من قبل، وطبعا كان هذا ينم عن سياسة ملوكهم الحكيمة التي انتهجوها لمواجهة حجم التحديات التي كانت تلم بهم خلال الحقبة الزمنية من تاريخهم السياسي, كانت همة الملوك الاشوريين وارادتهم بارجاع عزة ومكانت اشور، فقد كانت الظروف السائدة انذاك عاملا مساعداً لتحقيق الملوك الاشورية اطماعهم، فساعدهم على ذلك تردي الاوضاع السياسية في منطقة الشرق القديم بشكل عام وعدم وجود منافس سياسي لهم خلال هذه الفترة. هذا فضلا عن استخدامهم لعنصر الحديد في صناعة أسلحتهم التي أصبحت أكثر تطوراً عما كانت عليه في السابق(4) . لقد تركزت معظم أعمال الملوك الآشوريين العسكرية في الجهة الغربية للبلاد لكونها كانت تشكل بعداً أقتصادياً مهماً لهم آنذاك(5) , وقد حقق لهم الكثير من نتائج احتكاكهم بالشعوب والأقوام التي كانت تقطن تلك المنطقة(6) , كما شن الملك ادد- نيراري الثاني، حملة عسكرية لاعادة فرض السيطرة الاشورية على منطقة الشمال الغربي، متجها نحو الجبال الشمالية خلف طورعابدين ، " 7 " ،.
من سير الاحداث نجد بان غايته من تلك الاعمال العسكرية كانت تامين شروط الاستقرار التي تعود باكبر منفعة من حيث الموارد وافضل اقتصاد لبلاد اشور، اذ يذكر الملك باحدى تدويناته "في ختام الحملة ضد شعب " كوماني" في الشمال فان "بقية جنودهم الذين فروا امام سلاحي لكنهم عادوا اسكنتهم في اماكن امنة" ..
كان التجمع الارامي واسع النطاق بين الخابور والقوس الغربي من نهر الفرات، بما في ذلك منطقة منابع الخابور، فما كان من الملك ادد- نيراري الثاني الا القيام بستة حملات سنوية لاجل اخضاعهم، وهو ما توصل اليه بعد ان استطاع تجويع الحاكم الاعلى في عاصمته المحصنة نصيبين، وتلتها حملة اخرى على طول نهر الخابور، فاخضع سلسلة المدن الارامية تحت سيطرته، فاستلم الهدايا تعبيرا عن خضوع حاكم ارامي في منطقة "بيت عديني" الواقعة على قوس نهر الفرات . كما استطاع ابعاد الاراميين "8" عن وادي دجلة واخراجهم من جبال كاشياري التي كانوا يهددون منها نينوى، واستعاد عدة مدن في الجزيرة كانت قد اقتطعت من جسم اشور، اما ملك بابل "شمشي -مداميق"، في السلالة الثامنة، كانوا قد احتلوا بعض اراضي جنوب الزاب الادنى، فقد هاجمه الاشورييون مرتين واقتطعوا منه بقعة كبيرة من الارض الى الشمال من وادي نهر ديالى، كما ضبطوا قلعتي بامبال وبغدادا وقبضوا على الملك نبوشمشيكون، واقتادوه اسيرا الى اشور، وقد اتخذ الملك الاشوري لنفسه اسما "قاهر بلاد كاردونياش كلها" فاستولوا على اغلب البلاد "9" التي في الجانب الايسر من الزاب الاصغر بين دجلة وجبل زكرا، وبعد ان انتصر عليه تصاهرا وتحالف معه "10"
يعتبر حكم ادد – نيراري الثاني، نهاية العهد الاشوري الوسيط، وبداية العهد الاشوري الحديث، كما امتاز عهده ببداية تدويت ما يعرف في التاريخ الاشوري باسم "اثبات اللمو" 11" اي التاريخ كل سنة بحكم موظف كبير ابتدا من تبوأ الملك الجديد عرش المملكة وهذه احدى الاسباب التي جعلت ادد- نبراري الثاني، بداية دورجديد في التاريخ الاشوري، بعد كل هذه الاعمال والانتصارات، كان مستحق ان يطلق على نفس "القاب منها" ملك الجميع" وملك جهات العالم الاربع . " 12 " ..
وبعد وفاة ادد- نيراري – الثاني، ملك على عرش اشور ابنه "توكلتي – نينورتا – الثاني" 890 – 884 ق . م " كان مندفعا وشجاعا ومتحمساً، كابيه غير انه لم يعمر طويلاً بما يكفي لتوسيع منطقة حكمه، ولكن قام بامور مهمة جداً اذ اعاد بناء سور مدينة اشور، من اساسه وحتى قمته، "13" كما قام بحملة ضد المقاطعات الجنوبية الغربية التي سبق ان احتلها "ادد -نيراري، كما قام بحملة عسكرية الى سواحل بحر الابيض المتوسط، ثم رجع متوجها الى جنوب العراق معيدا فرض السيطرة الاشورية على بابل، "14" وقد وصل بجيوشه الى المناطق التي سبق وان احتلها الملك تغلات بلاسر الاول، وكتب بجانب الكتابات التي نقشها الملك الاخير ما نصه "انه بعون الهتي اشور وشمشا واداد ذهبت بفتوحاتي الى هنا واخضعت الجبال العاصية من الشرق الى الغرب واني انتهيت هنا غير مقهور وعبرت مثل البرق الانهر الهائجه" .15 " ومن صفاته فقد كان قاسيا شديد الباس لايرحم، دام حكمه اربعة سنوات فقط قضاها في الحروب والفتوحات وتوسيع حدود بلاده، مات توكلتي نينورتا الثاني وكانت حدود الدولة الاشورية تضم كل شمال العراق من زاكروس الى الخابور ومن نصيبين وحتى تكريت، استلم هذه التركه خليفته ابنه "اشور ناصر بال الثاني 884 – 859 " ق. م ، " ومعنى اسمه "الاله اشور راعي الخليفة" الذي ابتدأ اولى الخطوات تحويل مملكته الكبيرة من المملكة الى الامبراطورية. "كان طموحا شجاعا متغطرسا ومجدا وظالماً، عثر على تمثاله في نمرود والمعروض الان في المتحف البريطاني لاتجد فيه قصده التمثال كما يقول جورج رو ص 388 اي مسحه من الانسانية بل نجد انفسنا امام تمثال صارم متجبر ذي انف يشبه "منقار النسر" واعين تتبدى عن نظرة مباشرة فاحصة لرئيس يتوقع من رعاياه طاعة مطلقة وفي يديه الرمح والصولجان. ولكن مع كل ذلك كان مهيئا لاستلام القيادة والتربع على عرش المملكة بجدارة واقتدار، بدليل انه ما ان استلم العرش حتى توجه لغزو البلدان الجبلية في شمال وادي الرافدين، فتوغل حتى بلغ ارض "كوتموخو" في وادي دجلة الاعلى حيث استلم الجزية من عدة امراء محليين وحصل على هدايا من الموشكيين "الفريجيين" الذين امتلكوا مواقع على السفوح الجنوبية لجبال طوروس، ووصلت فتوحاته الى الجبال الشرقية والشمالية وحصل على غنائم كثيرة وفرض الجزية على حكامها المحليين.. " 16 "
وهذه قائمة بالغنائم التي حصل عليها اشور- ناصر بال الثاني اثناء حملته على مقاطعة صغيرة في المنطقة الشمالية الجبلية:
2000 راس من البقر
5000 راس من الغنم
460 جوادا مروضا
100 وعاء من النحاس
200 مقلاة من النحاس
40 عربة محملة بالحلي وبأسرجة الجياد
2 تالنت من الفضة " التالنت الواحد يساوي = 67 ليبرة "
2 تالنت من الذهب
100 تالنت من الرصاص
100 تالنت من النحاس
300 تالنت من الحديد
3000 من الاواني النحاسية المتنوعة
1000 بدل من الكتان والصوف بألوان زاهية
وعدد كبير من الموائد الخشبية وارائك مصنوعة من العاج المحلي بالذهب، اخذت من قصر حاكم هذه المنطقة.
كما اسر 15000 رجل وجلب الى اشور، كما قتل الحاكم المحلي في المنطقة وفرضت الجزية على خليفته وهي: الف راس من الغنم والفي "كور" من الحبوب ومائتين من الذهب وثلاثة عشر مانا من الفضة، ولقد شملت حملته ما لايقل عن خمسة بلدان وتسع مدن رئيسية جمعت الهدايا والاسلاب من جميعها.
وبينما كان الملك اشور ناصربال منغمس هناك بانتصاراته، وردته انباء عن اعلان مدينة ارامية تابعة له العصيان في وادي الخابور الاسفل فسار من فوره لمعاقبة المتمردين وكلفه هذا قطع مسافة مائتي ميل في عز الصيف.. ..
في الحلقة القادمة سوف نقرا ما كتبه عن حملته هذه .. وعن حملاته الاخرى، والملوك الذين خلفوه على عرش اشور.
بعون الله ..........
يعكوب ابونا .................... 12 / 10 /2025
---------المصادر ----------------------
1-طه باقر مقدمة في تاريخ الحضارات ص 179
2- الدكتور عيد مرعي تاريخ بلاد الرافدين ص 111
3- هنري ساغس جبروت اشور ص 109
4- ستون لويد اثار بلاد الرافدين ص 220-222
5-احمد مالك الفتيان نظام الحكم في العصر الاشوري الحديث ص 166- 167
6-برستد انتصار الحضارة ص 202
7- هنري ساغس جبروت اشور ص108
8 -جورج رو العراق القديم ص 383
9-ادي شير كلدو واشور ج 1 ص 58
10- عزيزبرخو الاشوريون ص 23
11- طه باقر مقدمة في الحضارات القديمة ص 180
12- الدكتور عيد مرعي ص 111
13- جورج رو مصدرالسابق ص 383
14- طه باقر المصدرنفسه ص 182
15- ادي شير المصدرنفسه ص 59
16- جورج رو المصدرنفسه ص 385 – 386


