اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• صمتَ مهرجان بابل ..أما أنين الناي فسيبقى

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نجاح يوسف

·        صمتَ مهرجان بابل ..أما أنين الناي فسيبقى

 

عندما تشدو الفنانة الرائعة فيروز  ( أعطني الناي وغني فالغناء سر الوجود ..الخ) فإن العالم كله ينشدّ إلى صوتها الرخيم ولحن الرحابنه الجميل وإلى المعاني الكبيرة المعبرة التي نسجتها مخيلة الشاعر , مؤلف الأغنية.. لذلك خرجت بتمازج منسق ومنسجم بين الشعر واللحن وفن الغناء .. وكانت الرسالة واضحة للعالم .. إن العالم ومنذ تشكيلته الأولى استمتع ولأول مرة بالموسيقى عندما كان يضرب الإنسان الأول حجرا بحجر فعشق هذا الصوت وطوره وبما يناسب ذوقه وعمله, لذلك اخترع بعدئذ الالات الموسيقية المتنوعه والتي كانت تعكس بنغماتها عن حالة الانسان النفسية والاجتماعية.. فتوسعت رقعة استخدام اللحن والموسيقى والتعابير الحركية كالرقص والإيماءات كي تصل الى اشعراء الذين لا يمكنهم اليوم الاستغناء عن الموسيقى واللحن عند إلقائهم القصائد , ونفذت الموسيقى إلى المراسيم الدينية كذلك حيث نجد أن المناقب النبوية توصل رسالتها عن طريق الكلمة واللحن.. وإذا أخذنا مراسيم عاشوراء ومجموعة المناسبات المأساوية للشيعة ورغم التباينات بين مضامين الفرح الذي تعبر عنه الأغاني,  وايقاعات الحزن والالم الذي أرغم هذا الشعب أن يعتاد عليها جراء هذه السلسلة من المناسبات التي تزخر بها مخيلة القيمين عليها , والتي يتم توظيفها سياسيا واجتماعيا, أقول رغم هذا التباين فنحن نلاحظ  أن السلاسل الحديدية وهي تلسع ظهور المشاركين في هذه المسيرات بإيقاعات تتخللها الموسيقى , وعندما تشج القامات جباه ورؤوس المشاركين فإنها تتزامن مع الشعر واللحن وقرع الطبول ..وعندما يلطم الرجال والنساء صدورهم حزنا  يكون الشعر واللحن حاضرين بقوة .. قإذا كانت الموسيقى قد اخترقت جميع الجدران فلماذا يحاول بعض الغلاة قتل الفرح في قلوب ومشاعر الناس؟ لماذا فرض مراسيم الحزن ومنحها مساحة اكبر من البهجة والفرح بدعم من الدولة ومؤسساتها؟ هل يريد هؤلاء الرجوع بنا إلى العهد الشمولي ذو اللون الفاقع الواحد؟ أمن اجل هذا دفع ضحايا المقابر الجماعية والأنفال وألوف النساء والرجال الذين قاوموا النظام الدكتاتوري الشمولي البائد حياتهم؟ أمن اجل استبدال عقلية إقصائية وشمولية بعقلية مشابهه ومتخلفة؟ إلى متى يقف الشعب العراقي والمحكمة الاتحادية دون مبالاة تجاه القضم المتواصل من بعض المتطرفين في احزاب الإسلام السياسي لحقوق الإنسان العراقي والتي كفلها الدستور؟

 مع الأسف الشديد فقد انتقلت عدوى خرق مواد الدستور وحرية الفرد إلى مجالس الحكومات المحلية نتيجة تكرار خرقها من قبل مجلس النواب المنتخب ومن حتى المحكمة الاتحادية التي تبدو غير معنية بهذه الانتهاكات المتكررة لفقرات الدستور.. وهذه هي بطبيعة الحال النتيجة المنطقية لتشكيل مؤسسات الدولة على أسس طائفية وعرقية , بحيث أصبحت الاجتهادات الشخصية والانحياز لإرادة احزاب السلطة والنفوذ هي السمة التي تتحكم في سلوك وقرارات السلطات الاتحادية والمحلية وليس الاحتكام لمواد الدستور الذي أقره الشعب. كما وان الشئ المحزن واللافت للانتباه هو أن نجد أن وزارة الثقافة التي عليها واجبات حماية ورعاية المثقف والتراث الثقافي والفني وتطويره, نجدها تذعن لطروحات القوى المتخلفة من داخل وخارج مجلس المحافظة, وتلغي الفقرات الفنية من برنامج المهرجان غير مكترثة لما سببته من تشويه لسمعة الثقافة العراقية وإحراج غير مبرر إلى الفرق الفنية العراقية والأجنبية التي كانت ستقدم نتاجات فنية راقية تسهم في رفع مستوى ذوق الناس وتنثر الألوان والموسيقى والرقص على المسرح لإضفاء مسحة من الفرح والبهجة في نفوس المشاهدين المحتاجين فعلا لهذه الأجواء الصحية ..

إن السكوت على هذه الخروقات الدستورية ستفتح الأبواب لخروقات أوسع..وقد علمتنا التجارب المؤلمة السابقة إن غض النظر عن التجاوزات لحقوق الانسان وحرية الفرد ستقود سريعا إلى فرض نظام دكتاتوري..لذلك من الضروري جدا مقاضاة وزارة الثقافة ومجلس محافظة بابل وكل من ساهم في إخراس مهرجان بابل من أجل عدم فسح المجال لمثل هذه الممارسات الشاذة المناهضة لقيم الديمقراطية وحقوق الانسان أن تجد لها مكانا في العراق الجديد..

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.