اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الإعدام خارج إطار القضاء// د. علاء إبراهيم الحسيني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. علاء إبراهيم الحسيني

 

الإعدام خارج إطار القضاء

د. علاء إبراهيم الحسيني

مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

 

 دأبت بعض الجهات الأمنية ومنذ انطلاق الحراك الشعبي في شهر تشرين الأول 2019 على قمع المتظاهرين السلميين بكل الوسائل غير المشروعة تاركتاً الإجراءات التي تتصف بالعقلانية والمسؤولية تجاه أبناء الوطن.

 

 ومن أخطر ما ركنت إليه تلك الأجهزة هو الإعدام خارج إطار القضاء بإطلاق الرصاص الحي تجاه المتظاهرين العزل والاستخدام المفرط للقنابل الصوتية والغازية منتهية الصلاحية التي تسببت بحالات اختناق وموت عدد كبير من المحتجين، ووصل الأمر إلى استهداف بعض العزل بالقنابل بشكل مباشر في أجزاء من الجسم لاسيما الوجه ما تسبب في موت العديد من المحتجين تحت مرأى ومسمع الحكومة والبرلمان والعالم أجمع دون أن يحرك أياً منهم ساكناً لردع أعمال القتل والتنكيل غير المسبوقة بحق الشعب الأعزل الذي بات يطالب بحقوقه البديهية في العيش الكريم، والحق في الحياة هو من أبسط الحقوق للمواطن، وأعلاها شأناً.

 

 وعلى الحكومة أن تسارع الخطى لتحمي المواطن من أي تهديد يعرض حياته وسلامة جسده للخطر لا أن تأخذ جانب المتفرج مع وجود الخارجين عن القانون ممن أعتاد ومنذ بداية الحراك على المسارعة في حصد أكبر قدر من الأرواح تعسفاً وطغياناً، وواجب الحماية الحكومية هذا يكون في بعدين هما:

الأول/ واجب الوقاية: أي أن تتخذ كل الإجراءات وتوفر كل المستلزمات وتسخر كل الإمكانيات لتحمي أرواح الشعب، ودور الحكومة هنا القضاء على الظروف التي من شأنها خلق تهديد لحياة الناس كإلقاء القبض على المجرمين والإرهابيين وإبعاد القادة الأمنيين ممن ثبت فشلهم في توفير الأمن والسكينة.

 

والثاني/ واجب الحماية: ويعني لزوم أن تتخذ الحكومة والهيئات العامة كافة كل الإجراءات اللازمة لحماية الأرواح بوضع القوانين المناسبة وتطبيقها بشكل مهني، بما يكفل حماية الحق في الحياة ومعاقبة كل من يعتدي على هذا الحق المقدس، وما تقدم يعني إن دور الحكومة هو حماية الأرواح بإجراءات إحترازية من شأنها أن تمنع وقوع الجريمة، ومن ثم البحث عن الجناة وتقديمهم للعدالة، ويتفرع عما تقدم واجب التحقيق بحالات الوفاة ومعرفة المسؤول عنها وجبر الضرر الناجم عن العدوان أياً كان المتسبب.

 

 ونرى إن واجب الحكومة العراقية في حماية الحياة للمواطن العراقي لا يترجم في الجانب الأمني بحماية أرواح الشعب وبقاء الفرد على قيد الحياة فحسب، بل يجب أن يترجم إلى واجب توفير الحياة الحرة الكريمة التي أمر بها الدستور في المادة (30/أولاً) بيد إننا نتفاجأ إن الحكومة بدل أن توفر أبسط المستلزمات للمواطن قامت بإصدار الأوامر المباشرة بتفريق التظاهرات، وهذا يعني إنها تمنع حرية الرأي التي كفلها الدستور في المادة (38) وأفاض إنها مصانة ومحترمة وللفرد ممارستها بكل الوسائل ومنها التظاهر، وهي أي الحكومة بعملها هذا تمنع المطالبين بحماية المال العام والضرب على أيدي الفاسدين والنفعيين الذين عاثوا في الأرض الفساد، والانتقال بالعراق والعراقيين إلى حياة كريمة تضمن للمواطن كرامته الإنسانية وتبيح له الاشتراك في الشأن العام والتأثير في الهيئات العامة بما أنه هو مصدر السلطات كافة وهو الذي يمنحها الشرعية.

 

 وما قيام الأجهزة الأمنية بالاستخدام المفرط للقوة المميتة بدون سند من القانون أو ضرورة ملحة يجعل كل من أمر أو نفذ أو أخذ جانب الصمت تحت طائلة المساءلة القانونية لا سيما القائد العام للقوات وجميع الوزراء والقادة والأمرين، فمن الثابت إن استخدام القوة المميتة سلطة للقوات الأمنية تستخدم ضد المعتدي والمجرم لا ضد المواطن البريء الأعزل، ولو افترضنا جدلاً إن القوات الأمنية احتاجت إلى القوة فهنالك جملة من الشروط عليها أن تلتزم بها في مقدمها:

1- الضرورة القصوى التي لا تجعل أمام رجل الأمن من خيار سوى القوة والتدرج بالاستعمال من القوة غير المميتة إلى الإصابة في أماكن غير مؤثرة وعدم اللجوء إلى القتل أو الإصابة في أماكن خطرة يمكن أن تتسبب في الموت أو العاهات المستديمة.

2- التناسب بين الخطر إن وجد وبين الأدوات التي تستعمل لدفع الخطر إن كان هنالك شيء من المخاطر.

3- المنفعة المرجوة من استعمال القوة أو المصلحة المرجوة هل هي أرجح من المصلحة التي ستهدر، فعلى سبيل المثال لو افترضنا إن الشرطي ترك اللص يهرب أيهما أهم اللقاء القبض عليه أم حياة هذا الإنسان فلابد من التوازن الدقيق في هذا الأمر، ورجل الأمن غير مرخص له القتل في كل الظروف والأحوال فهنالك رجحان للحق بالحياة لا يمكن أن نتجاوزه بحال من الأحوال، وما قيام بعض السياسيين والآمرين والمسؤولين كرئيس مجلس محافظة بابل بالتحريض على القتل إلا انتهاك صارخ للقواعد المهنية والسلوكية وللقواعد الجزائية التي تحمي الحق في الحياة، فلا يمكن لرجل الأمن أن يطلق النار على اللص لو كانت جريمته غير مهمة ولا تستدعي القتل بيد انه يمكن أن يلجأ إلى إطلاق النار لحماية حياة أناس آخرين من القتل.

 

 وبذات المعنى لو تركنا المتظاهرين ما هو وجه الخطر أو الضرر الذي سيحصل؟ وهل الخروج للشوارع للمطالبة بالإصلاح جريمة في نظر هؤلاء؟ فلا هو من أفعال الضرر ولا من الأفعال التي تنذر بخطر بل هو مجرد حق دستوري وحرية كفلها القانون الدولي والوطني، والرجوع للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نجد المادة (6) تنص على إن "الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً" وبينت المادة (21) أنه "يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلم العام أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم".

 

 والسؤال هنا، ما المبرر للقتل والإيذاء العمد؟ وهل هنالك من سند من القانون يبرر القتل العمد في وضح النهار وتلتزم حياله الدولة الصمت وتأخذ بعض الأجهزة لا سيما الإعلامية دور المحرض أو المساعد عليه؟

 

لا شيء مما تقدم فلا مبرر لإطلاق النار أو لتفريق الحشود بالقوة طالما إنها التزمت السلمية وطالبت بالمشروع من حقوقها، وبهذا سيكون من ارتكب الفظائع بحق المواطنين تحت طائلة القانون لارتكابه جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، ولا مفر من معاقبتهم جميعاً وفق أحكام المادة (406) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل التي تعاقب بالإعدام من قتل نفساً عمداً مع توافر ظروف سبق الإصرار والترصد، وندعو القضاء العراقي إلى اتخاذ اللازم بحق الجناة وتقديمهم جميعاً لمحاكمة عادلة إنصافاً للضحاياً.

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.