مقالات وآراء

الحوار الاستراتيجي؟ اي حوار استراتيجي؟// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

الحوار الاستراتيجي؟ اي حوار استراتيجي؟

سعد السعيدي

 

في نيسان الفائت اعلن الامريكيون عن عزمهم اقامة حوار استراتيجي مع العراق. وقتها كان الكل منشغلا بالتراشق حول امر المرشح لرئاسة الوزراء حيث لم يعر احد الاعلان الامريكي اي اهتمام.

 

بيد ان غرض هذا الحوار المزعوم قد توضح بعد منح الثقة للكاظمي لرئاسة الوزراء في ايار الماضي. فهو لم يكن إلا لعبة ابتكرها الامريكيون بهدف كسب الوقت وتسويف مطالبات سوح الاحتجاج. بكلام آخر للابقاء على النظام العراقي القائم.

 

يعرف الامريكيون بان انتصار المتظاهرين يعني نهاية احتلالهم للعراق وتلاشي قاعدة تدخلاتهم في بلدان الشرق الاوسط. وبما انهم مصرين على استمرار احتلالهم هذا، فلا يمكن ان يستمر دون وجود عميل لهم على رأس السلطة في العراق. وبالترابط فتواجدهم الاحتلالي الدائم في المنطقة يصبح ضروري للابقاء ليس فقط على عميلهم هذا بل ايضا على كل عملائهم في المنطقة مع توفير الحماية لهم.

 

يلاحظ انه بمجرد مرور بعض الوقت على منح الثقة لعميلهم الحالي هذا حتى جرى فضح امر لعبة الحوار المزعوم. إذ جاء على لسان غبريال صوما مستشار الرئيس ترامب تأكيد بان لا من نية لسحب القوات الامريكية من العراق. ولم يرد المستشار التوضيح حول فائدة الحوار او ضرورته اصلا مع غياب هذه النية. إلا ان الصنائع الايرانية في مجلس النواب المستفيدة الرئيسية من بقاء قوات الاحتلال قد تلقفت هذا التصريح فحاولت بتصريحات مضادة افتعال تراشق نيابي حوله. والجميع يعرف بان هذه الصنائع التي هي آخر من له مصلحة بهذا الانسحاب تتحين الفرص في كل لحظة لتسويف اية محاولة للتوصل اليه. ويلاحظ ايضا بان آخر اعلان لاحد المجاميع المرتبطة بهذه الصنائع قد قالت فيه عن ايقافها لعمليات قصف مواقع الاحتلال بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات!! وهي حجة تفضح قائلها، فالمقاوم الحقيقي لا يستبدل اساليبه باخرى مخصصة لاضاعة الوقت وادامة الاحتلال. وهو ما يؤكد مرة اخرى ما قلناه سابقا بان هذه المجاميع الايرانية هي ظواهر صوتية لا اكثر.

 

كذلك فالاتفاقيتان الامريكيتان اللتان يراد الايهام بالتفاوض حولهما واضحتان ولستا بحاجة الى اعادة تفاوض. فما تحتاجه هاتان الاتفاقيتان هو الالغاء التام كونهما تؤسسان لاحتلال دائم لبلدنا. لذلك فبحجة التفاوض والحوار حولهما يراد كسب الوقت واطالة عمر النظام بغية انهاء التظاهرات.

 

يلاحظ بان جميع المستفيدين من الاحتلال قد تجاهلوا حقيقة كون حكومة الكاظمي مؤقتة محدد لها التهيئة للانتخابات القادمة، لا الانخراط بمفاوضات واسعة مع المحتلين حول شكل احتلالهم للبلد. إذ انها حكومة تصريف اعمال اتت بعد حكومة تصريف مشابهة قبلها. واستقالة الحكومة السابقة التي لم تأت اعتباطا تمثل فشل الانتخابات الاخيرة. وبالتالي فلا من مجال لاية حكومة تأتي محلها ان تعمل بصلاحيات كاملة وكأن شيئا لم يكن. ولا ندري إن كانت حكومة العمالة هذه قد حصلت على تفويض من مجلس النواب للعمل على اية ملفات استثناءاً ام انها اتفقت معه على ادعاء البلاهة. لاحقا تعمدت هذه الحكومة الفشل في اول امتحان لها. وهذا كان في التفاوض مع الشركات النفطية لتخفيض الانتاج حسب اتفاق اوبك، وهو امر يثير السخرية. فهذه الشركات تعمل وفق عقود خدمة لصالح البلد مالك الثروة. لذلك فلا من سلطة لها على هذا المالك وليس لها إلا الانصياع لطلباته. ويكذب من يقول بان ثمة بنودا في الاتفاقيات المعقودة تمنع هذا ولا تسمح بذاك خصوصا مع الابقاء على سرية تلك العقود! بيد ان الابقاء على اسعار النفط منخفضة هو مطلب امريكي. ولا من كلام طبعا عن الامور الاخرى مثل الكشف عن قتلة المحتجين ولا عن موعد الانتخابات القادمة.

 

في غضون ذلك يلاحظ قيام مهرجي مجلس النواب بمحاولة الهاء الرأي العام باللف والدوران حول اي موضوع من بينه طريقة سد عجز الميزانية المفتعل. وتجري محاولة الالهاء هذه بموازاة صمت كامل حول الحوار المزعوم وصمت آخر مرادف حول قرارهم السابق الذي اتخذوه في كانون الثاني الماضي المتعلق باخراج القوات الامريكية. وهم بصمتهم هذا يريدون بشكل واضح النزول عند رغبة الرئيس ترامب والتراجع عن قرارهم ذاك والتملص من تبعاته. ويعكس هذا الصمت ايضا تخادم الصنائع الايرانية مع المحتلين. فاخراج القوات هو قطعا ليس الحوار والصمت عنه. ولاعضاء هذا المجلس ايضا مصلحة بالابقاء على النظام الحالي. إذ بزواله سيزولون هم ايضا وامتيازاتهم وسرقاتهم. 

 

ختاما فإن ما يبدو واضحا مع تظاهر الكاظمي الانشغال بالحوار الاستراتيجي المزعوم وتحقيق المصالح الامريكية هو ان لا هو ولا نظامه هم بوارد الاستماع الى مطالب المتظاهرين. وإذا كان للكاظمي او غيره من رأي مغاير لكلامنا هذا فليتفضل بتقديمه.