اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (365)- انصهار الحدود بين الطريقتين/3

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

يوميات حسين الاعظمي (365)

 

انصهار الحدود بين الطريقتين/3

استمع عزيزي القارئ الكريم الى مجموعة من المقامات العراقية المؤداة باصوات المغنين ابتداءا من مغني الفترة الانتقالية، عبد الهادي البياتي وحسن خيوكة وسليم شبث ومجيد رشيد ويعقوب العماري وفلفل كرجي، اضافة الى تسجيلات المغنين يوسف عمر وناظم الغزالي وعبد الرحمن العزاوي وزهور حسين وغيرهم. لتدرك فنون هؤلاء المجموعة من المغنين.

 

يتذكر الجمهور التسجيلات الاولى للمغني الكبير محمد القبانجي في محاولاته تحديد خصائص رومانسية حالمة في الغناء الغناقامي، والدهشة التي اصابتهم من جراء التحويرات التي كانت فيها، التي تدعو الى التجديد في شكل الغناقامي ومضمونه والى مسايرة الحداثة في الحياة برمتها.

 

ان ما جرت العادة اعتبار كل جديد يقع في البداية في مهب اتجاهين من حيث الموقف الفكري والجمالي (معارضون ومؤيدون) واعتبار المعارضين للتسجيلات القبانجية الاولى اعمالا فاشلة..! هو في تقديرنا ما يبين اكثر فترات هذه النتاجات القبانجية دلالة وديناميكية وحيوية..! وهي بنفس الوقت ترتبط بكل تاريخ الغناقامي على مدى الماضي.

 

ان محمد القبانجي الرائد الاول للابداعات المقامية الحديثة والقائد الميداني في الساحة المقامية، وبسبب من إلهامه السامي الاصيل، يبلغ بتحويراته وتطويراته وتنظيمه لعلاقات المواد الفنية المكونة للمقام العراقي. الى بنية لغتها القديمة الجديدة..! مازجا فيما بينها من اجل الفكرة الجديدة والحداثة الجمالية الجديدة، مصلحا ومنظما وجاعلا علاقة المسارات اللحنية التقليدية والمعنى الفني العام للغناء، بالمضامين الشعرية المغناة، علاقة وطيدة الصلة اكثر بكثير من محاولات سابقيه في هذا الشان. فقد لائم بينها للوصول الى التعبير الاصدق لمعنى موحد في نهاية الامر، في عملية دقيقة من التوفيق والنجاح.

 

عاملا آخر لا يقل اهمية، يتدخل في الحداثة المقامية ويسهم بقوة في التمييز بين الاساليب والطرق الادائية الفردية وفي وضع المدارس الجماعية وفي التعبير الدقيق عن كلا اللغتين الادائيتين. وهنا يكون من الضروري ان نعود الى محمد القبانجي والى المبدعين من اتباع طريقته الذين بث فيهم روح التجديد والحداثة، والى مقاماته الاولى التي نال بها شهرة كبيرة تجاوزت الآفاق. المسجلة بصوته لدى الشركات الاجنبية وعلى الاخص منها مقام المنصوري الذي مرّ ذكره.

 

ونلاحظ  مرَّة اخرى التوازن والترابط الذي يبغيه القبانجي بين الفن المقامي والمجتمع المتلقي في مقامه الشهير – مقام الابراهيمي(سلَّمه بيات) حيث يغنيه بزهيري لعبد الله الفرج بهذا المطلع من الزهيري.

(غر تصانيف غنج مـا رون اسمعن / ليلي بالاسحار نغــمات الــوتر اسمعن)

ومقام الرست بهذا المطلعمن القصيدة المغناة للشاعر محمد سعيد الحبوبي وتخميس الشاعر جعفر الحلي.

(يايوسف الحسن فيك الصبقد ليما / فلو رأوْك هووْ للارض تعـــظيما)

(بمن حباك فنون الحســن تتميما / لح كوكبا وامش غصنا والتفت ريما)

                 ( فان عداكاسمها لم تعدك الســـيما)

       وهذا مقام السيكاه المغنى باحدى القصائد الصوفية لشيخ الصوفيين عمر بن الفارض بهذا المطلع.

اعد ذكر من اهوى ولو بمــلامي    فإن احاديث الحبـــــيب مدامي

      او بعض مقامات المبدعين من المغنين كمقام الاوج لحسن خيوكة بقصيدة هذا مطلعها.

(هي حزوى ونشرُها الفـــيّاحُ  /كلُّ قلبٍ لذكرِها يرتـــــــاح ُ)

      او مقام الرست بصوت مجيد رشيد باحدى قصائد المتنبي وهذا مطلعها.

(لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي / وللحب لم يبق مني وما بقي)

       او مقام الحجاز ديوان بصوت عبد الهادي البياتي بقصيدة هذا مطلعها.

   (القلب اعلم يا عذول بدائه  /  واحق منك بــجفنه وبمائه)

        او مقام العجم عشيران بصوت يوسف عمر بهذا المطلع من القصيدة ..

تحنُّ نياقُ الضاعنــينَ وما لــها   تحنُّ وفي القلبِ المشوق حـــنين

     او مقام الراشدي بصوت عبد الرحمن العزاوي بهذا المطلع من الزهيري.

(بهواها شفت العجب من يوم خلّتــــــني / بفنونها والحسن يا ربي خلّــــــــتني)

او مقام الحويزاوي بصوت ناظم الغزالي ومطلع قصيدة البهاء زهير.

(وقائلةٍ لما اردت وداعـــــها  /   حبيــــبي أحقاً انت بالبين فاجعي)

 

ان هذه المقامات المغناة باصوات هؤلاء النخبة من المغنين المقاميين، وكأنها اجابة على تأكيد الحداثة، وان التأملات والخيالات الجديدة فيها تصبح اكثر اثارة للاهتمام من ذي قبل. فقد قدم هؤلاء البعد الفني لهذه الفترة، وهو بعد لم يقتصر على عالم الجمال وعلى علوم الموسيقى والغناء فحسب، بل على تنمية الوعي العام للفن الغناسيقي في العراق وعلى الاخص الغناقامي. فما يجري ليس وصفا لكيفية او معرفة غناء المقامات العراقية وتفاصيلها ومعرفة علوم الغناء والموسيقى. بل انها تجربة جديدة. وعلى هذا النحو فان لغة الاداء ولغة التأمل في هذه الفترة تتكامل في الغناء الذي يجعل من كيانه موضوعا بذاته.

 

   في الغناء والموسيقى العربية يبدو لنا ان هذا الطموح قد يحدث لاول مرة في العمل الاستثنائي للعراق، وبالاخص في تسجيلات المقامات العراقية الاولى التي بدأت في العشرينات من القرن العشرين لاول مرة، بواسطة جهاز التسجيل الصوتي، كأعمال يمكن فيها ان نلمح الى تأثيراتها المستقبلية. ان غناء المقام العراقي ابتداءا من هذه الفترة لم يعد قادرا على البقاء داخل حدود المحلية الصرفة والكلاسيكية الصارمة. فرشيد القندرجي يتجنب الانفلات من هذه الكلاسيكية في ادائه المقامي. انه لا يتجنب مجرد التمييز بين الاتجاهات الجمالية، بل يتجنب كذلك لاجل ان لايصبح الغناء المقامي عرضة للتشويه التاريخي لاصوله التقليدية. انه فنان صعب المراس..! ومن بين الامور التي تظهر صعوبته انه ليس من السهل ادراج مقاماته المسجلة بصوته داخل اطار الحداثة في الابداع والتجديد..! ان تعابيره المثقلة بهموم التاريخ وكثافة المشاعر والعواطف ودقة الايجاز في آن واحد واداؤه الذي قاد به مجموعة كبيرة من المغنين. كل ذلك يعبر عن موقفه العنيد، بل ايمانه العميق بصحة مساره ومنهجه الادائي.

 

والى الجزء الرابع من هذا الموضوع ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

حسقيل قصاب مقام الابراهيمي

https://www.youtube.com/watch?v=jjuE_Xo1zNI

 

رشيد الفضلي برنامج المقام العراقي

https://www.youtube.com/watch?v=HMctzXnal0Q

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.