اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (393)- توفيق النمري، فنان الشعب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

يوميات حسين الاعظمي (393)

 

توفيق النمري، فنان الشعب

بدعوة كريمة من نادي الفحيص عن طريق أخي العزيز عيسى سلمان أحد أعضاء النادي وأحد مدرائه السابقين، لحضور إفتتاح موسم النادي الثقافي بمحاضرة فنية لواحد من الفنانين يعد أكبر رواد الغناء والموسيقى في المملكة الأردنية الهاشمية حفظها العلي القدير من كل سوء، هو الفنان الكبير توفيق النمري. وفي يوم الأفتتاح الذي صادف الأربعاء 26 / 4 / 2006 جاء بي من عمّان الى الفحيص أخي وصديقي نضال مضاعين وهو أيضا أحد المدراء السابقين للنادي.

 

       وعند الساعة السابعة والنصف تقريبا من مساء هذا اليوم، بدأ الفنان الرائد الأستاذ توفيق النمري محاضرته الفنية عن(غناسيقى) (هامش1) الأردن الشقيق، وهو الذي عاش معظم سنوات القرن العشرين، وقد بدا لي من ناحية أخرى، أن هذا الرجل الفنان وكأنني أعرفه شخصياً من قبل..! ولكنني سرعان ما تركتُ هذه الفكرة جانبا مفضلاً ألأصغاء الى حديث رجل فنان قد إقترب في عمره من التسعين عاما..!

 

توفيق النمري، هذا الرجل الفنان الذي أدركت منذ بداية محاضرته، بأنه الفنان الذي كرس كل حياته لفن الغناء والموسيقى، ناذراً كل وقته وحياته لخدمة تراث بلده الغناسيقي، بحفظه وغنائه للكثير من ألأغاني والموسيقى التراثية، ومن ثم ألحانه الخاصة المستقاة من هذا التراث الأصيل. واعداده الموسيقي لاغاني اخرى من التراث، معتمداً على نضوجه الفطري وخبرته الطويلة وموهبته الفذة التي يتمتع بها، ومن ثم دراسته للأصول الموسيقية..!

إن الأغاني التي غناها وتحدث عنها فناننا الكبير توفيق النمري، تكشف النقاب عن إمكانية مؤثرة في الجماهير..! وبسببها أصبح إسمه في مصاف الفنانين الكبار الذين يشار لهم بالبنان في بلدانهم وخارجها.

 

إمتاز الفنان توفيق النمري بحفظه الكثير والدقيق لأغاني وموسيقى بلده، وكذلك إمتاز هذا الحفظ والأداء بطريقة أدائية وإسلوب غنائي واضح الأبعاد والمعالم يصلح أن يكون من جانب آخر، مادة تعليمية للأجيال القادمة. جاء بالفطرة دون تقصد وتكلف منه..! أي أن طريقته وإسلوبه وحديثه أشبه بالسهل الممتنع كما يقال في الأدب العربي، ولعل هذا الأمر يضاف أيضاً إلى مميزاته الكثيرة التي إمتاز بها فناننا المخضرم توفيق النمري، ولعلها أيضاً من أهم أسباب نجاحاته على ألأرجح، في بناء مجده الشخصي الذي لم يكن الفنان توفيق النمري قد حسب له حسابا بالمرة..!

 

بهذه السهولة الأدائية وخزائن المعلومات التي يمتلكها، فقد كان الفنان النمري قريبا لأبسط المستمعين ثقافة بكل تأكيد، باعتبارها نموذجا أدائيا مفهوما ًواضحاً جميلاً. فقد إعتمد الفنان النمري في عرض مضامين محاضرته الفنية، على تبيان عناصر الأغنية وأجزائها في تسلسل واضح وجيد في معظم الأحيان خلال سير المحاضرة، والسامع أو المشاهد يستطيع من أول وهلة أن يتتبع سير أو تشخيص محتويات الأغنية وتاريخها ومضمونها بصوت وحديث فناننا الرائد. وعليه فقد حصل هذا الفنان على مستمعين من كافة المستويات الجماهيرية بمزيد من المتعة، وهو ينضم الى أساليب المؤدين المشاهير ممن حازوا على صفة السهولة الأدائية الذين يبدو حماس الجماهير لهم حماساً صادقاً.

 

إن هذا الوصف الصريح للأسلوب والطريقة التي طرحها علينا الفنان توفيق النمري في محاضرته للغناء التراثي الموسيقي الأردني، هو أيضاً من مميزات الغناء والموسيقى التراثية الأردنية كلون تراثي شامخ بين الألوان الغناسيقية العربية. ونحن نستمع إليه يغلب علينا الكثير من الشعور بالمتعة والقناعة التي يستطيع فيها الفنان النمري أن يعطيها بتعبيراته العاطفية ذات الجاذبية التي يستمتع بها المستمع.

يمكن أن يكون هناك إعتراض في أن معظم هذا يحدث على الصعيد المحلي..! ولكن رغم  أن هذا الأعتراض فيه بعض من صحة القول، إلا أنه يمكن أن نقول بان الغناسيقى التراثية الاردنية من خلال فنانيها المشاهير قد تمكنت بنجاح مضطرد من وضع كيانها الأدائي ضمن خارطة الغناء العربي المنتشرة هنا وهناك من مناطقنا العربية بل وحتى خارجها..!

 

ومن خلال هذه المجموعة من الميزات الفنية التي يتمتع بها فناننا الكبير توفيق النمري في حفظه وأدائه وحديثه، يمكن أن نطلق عليه صفة الشعبية، وهو ما دعوتُ وأدعُ إليه بمنحه لقباً فنياً أقترح أن يكون نصه (رائد الغناء الشعبي الأردني في القرن العشرين) لأنه أقرب المؤدين قاطبة في التعبير الأدائي للروح الأردنية، وهي ميزة أخرى تضاف الى مجموعة ميزاته الفنية التي يتمتع بها هذا الفنان الرائد. فهو ينقل الأصول الأدائية لغناسيقى الأردن من حيث أشكالها ومضامينها ومساراتها اللحنية من السابقين الى اللاحقين بكل أمانة وإتقان، لم ينقص منها شيئاً، ولكنه أضاف لها الكثير من عندياته التي جسدها بألحانه الجميلة لكثير من الأغاني التي إستقى ألحانها من الموروث الغناسيقي الأردني، خاصة وإن بعضاً من هذه الأغاني نالت شهرة واسعة في الوطن العربي باصوات بعض المغـنين العرب مثل الفنان الكبير وديع الصافي وسميرة توفيق و........و......الخ.

 

والأمر المثير في هذا الرجل الفنان، هو معرفته بالنوتة الموسيقية وكتابتها بعد أن درسها في مقتبل عمره حسب ما ذكره لنا خلال محاضرته، ولعل ذلك من النوادر..! إذا ما علمنا أن ظروف الوطن العربي وليس فقط الأردنفي النصف الاول من القرن العشرين، لم تكن مليئة بهذه الفرص من الدراسات الأكاديمية، وبذلك يكون الفنان النمري قد حصّنَ فنه بالكثير من المقومات التي منحته الأستمرارية والتطور وزيادة نتاجاته الفنية، فضلاً عن حفظه المثير للقصائد والأغاني على الرغم مما قيل أن عمره قد إقترب من التسعين عاما..! وبالتالي فقد أحرز العون من لدن الجماهير المحبة لغناسيقى الوطن.

 

       كان عملاً جيداً وجميلاً إذ عزف الفنان توفيق النمري على آلة العود عند غنائه لبعض المقاطع الغنائية عندما يفضل هو العزف والغناء معاً رغم أن الفنان زياد سميرات كان يرافقه بصورة جيدة على آلة العود عند غنائه لمقاطع أخرى في معظم وقت المحاضرة.

 

       من ناحية أخرى، فقد كان أخي الكريم د. محمد غوانمة مقدماً ومديراً متمكناً لهذه المحاضرة بصورة مثيرة، الذي ما إنفك يحاور ويذكر ويتداخل مع الفنان النمري لأجل إتخام هذه المحاضرة بالمعلومات التاريخية والفنية القيمة لتوثيقها وأرشفتها، وهو الذي يرافق الفنان النمري في كل صغيرة وكبيرة هادفاً الى تنقية وتنقيح هذا التراث ووضع التواريخ الفـــــــــنية في محلها ومن أفواه روادها الكبار.

 

       وخلال فترة المناقشة، أدركتُ أن الفنان توفيق النمري(هامش2) سبق لي أن تعرفتُ عليه في السبعينات من القرن العشرين عندما كان يحضر الى مؤتمرات الموسيقى العربية ببغداد، وهو ما أكد إحساسي منذ بداية المحاضرة بأنني أعرف هذا الرجل، الأمر الذي زاد من سروري بهذا اللقاء الذي جاء مصادفة بعد مرور أكثر من ربع قرن من الزمان. وأخيراً وصلتُ الى بيتي في جبل الحسين بعمان بصحبة الفنان النمري حيث أوصلنا أخي الفنان د. محمد غوانمة(هامش3)بسيارته شاكرين له فضله على أمل اللقاء مرة أخرى إن شاء الله، ولسان حالي يفوح بالشكر لنادي الفحيص لدعوتهم الكريمة مباركاً لهم خطوتهم الثقافية لموسمهم الثقافي الجديد(هامش4).

 

عمان /مايس 2006.

 

هوامش

1- هامش1:  غناسيقى / إختصار لكلمتي الغناء والموسيقى.

 

2– هامش2: الفنان توفيق النمري من مواليد بلدة الحصن الواقعة في محافظة اربد عام 1918. اشتهر بأغاني التراث الشعبي مع عبده موسى، وقدم 750 عملاً فنياً آخرها مع الفنان وديع الصافي في أحد المهرجانات.ولحنَ النمري العديد من الاغاني لمطربين عرب منهم نجاة الصغيرة وسميرة توفيق ووديع الصافي ونصري شمس الدين وغيرهم.كما نشر العديد من الكتب عن الموسيقى العربية.(بترا) . توفي في مستشفى الاستقلال مساء الاحد 23/10/2011 الفنان الاردني الكبير توفيق النمري والذي يعد شيخ الفنانين الاردنيين بعد مضاعفات مع المرض.

 

3–هامش3: يمتلك الباحث الموسيقي الكبير الاستاذ الدكتور محمد غوانمة اكبر ارشيف فني يخص المرحوم الفنان توفيق النمري استطاع ان يجمعه بجهود كبيرة خلال زمن طويل من المتابعة والتقصي.

 

4 – هامش4: الموضوع نشر في وقتها بجريدة الرأي الاردنية، وعلق عليه الكاتب الكبير فخري قعوار.

 

اضغط على الرابط

من اغاني الفنان توفيق النمري التراثية/ لوحي بطرف المنديل

https://www.youtube.com/watch?v=aXQ9qTbVolI

 

اغنية قلبي يهواها بالاشتراك مع وديع الصافي من الحان توفيق النمري

https://www.youtube.com/watch?v=iL58nA3cAu8

 

احنا رجال ابو حسين الحان وغناء توفيق النمري

https://www.youtube.com/watch?v=XeHCTw-bEGs

 

اهزوجة الكرك من الحان وغناء توفيق النمري وكلمات سليمان المشيني

https://www.youtube.com/watch?v=64MvCseht_I

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.