اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

اللقاح ونظرية المؤامرة// خالد بوخش

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

خالد بوخش

 

اللقاح ونظرية المؤامرة

خالد بوخش

 

                                     أنا أفكر إذن أنا موجود

                                            ديكارت

       

     عبارة ديكارت هذه تبدو واضحة وبديهية، ولكن البرهنة عليها ضروري وهي بداية الأنوار والتقدم البشري وبداية الثقة في العقل لحل المسائل ولو بدرجة أكثر وثوقا وانفتاحا.

     التشكيك في كل شيء بدأ مع الفلاسفة السفسطائيين قبل سقراط الذين شكوا في كل شيء بزعمهم أن الحقيقة لا يمكن الوصول إليها بتاتا، وبالتالي فكل شيء نسبي إلى أن شكوا حتى في وجود الإنسان ذاته. تصدى سقراط طبعا لهدا الفكر الذي وهو يريد تأكيد ذاته يفندها مباشرة؛ كل شيء نسبي؛ إن كانت العبارة صحيحة فهناك حقيقة مطلقة وهي العبارة نفسها التي تدعي أن كل شيء نسبي..و إن كانت العبارة خاطئة فلا داعي لنفيها أصلا. ثم جاء أب الفلسفة الحديثة ديكارت الذي دعا للشك وشك في وجوده لمقارعة السفسطائيين  فانتهى إلى عبارته الشهيرة؛ أنا أفكر إذن أنا موجود؛ حيث يمكن الشك في كل شيء إلا الشك في  الشك ومن هنا برهن على وجوده من خلال التفكير؛ الشك في الشك؛ 

      مناسبة هذا الكلام هو من اجل تحليل نظرية المؤامرة، أي الشك في كل شيء، التي أصبحت تغزو الكثير من الأدمغة في الشرق والغرب وخصوصا عندما طال الشك وجود فيروس كورونا أولا بل والتأكيد على عدم وجوده إلى آخر مستجد وهو الشك في اللقاح الذي اعتبره البعض مصنوعا لغرض التحكم في البشر، ما يعني أن البشر سينقسمون إلى جزأين، ناس وروبوتات، إن صح التكهن. صحيح أن  الشك مطلوب من اجل الوصول للحقيقة كما يقول أبو حامد الغزالي، من لم يشك لن ينظر ومن لم ينظر لن يبحث ومن لم يبحث لن يصل لليقين، إلا أن من يؤمن بنظرية المؤامرة لا يشك حقيقة بل يؤكد لأول وهلة ما سمعه من الآخر ويستعين بعقل الآخر من اجل أن يستريح ولا يبحث... البحث هنا يعني تلقي المعلومة ثم تفكيكها وتحليلها وليس فقط تلقي المعلومات.

      الفيروس كان غير موجود ثم أصبح موجودا بالنسبة للمؤمن بنظرية المؤامرة، لم يؤمن بوجوده إلى أن رأى الحالات أمامه.. المؤامراتي لا يؤمن إلا بما يرى أو يلمس وبالتالي فهو بعيد جدا عن استعمال العقل والذهاب بعقله إلى آخر شوط، ولهدا تجده ينكر وجود كل شيء لم يجربه أو لم يره، شكه حسي ومقلد وليس منهجيا كالشك الديكارتي. 

     وبالتالي فمن بين أسباب العقلية المؤامراتية نستطيع أن  نورد؛

    ــــ عدم  استعمال العقل إلى آخر شوط. 

   ــــ الكسل حيث الإنسان يميل للراحة والدعة بما أن التفكير مرهق.

   ــــ عدم تحمل مسؤولية الفشل وإلقاء اللوم دائما على الآخرين والظروف.

   ــــ التعويض عن النقص كآلية نفسية تحمينا من تفوق المتفوق وترد لنا الاعتبار ولو نسبيا. ــــ الإحساس بمركزية الأنا على حساب العالم وأن الذات مستهدفة دائما.

     لا ننسى أيضا أن من بين الأسباب أيضا نجد فقدان الثقة عند المواطنين من المسئولين والمؤسسات الرسمية لدواعي كثيرة، وكثرة مصادر المعلومة مما خلق اضطرابا وحيرة ينجم عنها فوضى معرفية لم يعرف مثلها التاريخ البشري إلا في العصر الحالي، عصر التكنولوجيا.

     قد يعارض احدهم ويقول؛ أ ليست هناك خدع ودسائس وقعت؟ الجواب نعم  ولكن هذا يسمى تخطيطا ولمواجهته من الأفضل استعمال العقل منهجيا بدل الدخول في متاهات الهلوسات والإشاعات والوساوس القهرية.

      لماذا الإشاعات تنتشر بسرعة كالنار في الهشيم؟ لأنها تستند على نقائص الناس وضعفهم البشري وحاجياتهم اللاعقلانية، وكل ما يستند على النقص فهو ناقص وكل ما بني على باطل فهو باطل.

 

  خالد بوخش

استاذ

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.