اخر الاخبار:
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

قضايا شعبنا

قناة تلفزيونية للحفاظ على لغة عراقية قديمة تصارع الانقراض

 

شفق نيوز/ يواجه المسيحيون العراقيون تحديات على عدة جبهات، فمن صراعهم للحفاظ على ثقافتهم وعاداتهم التي تحاول بعض الجهات المتطرفة التأثير عليها، إلى اضطرار العديد منهم للانتقال من مناطقهم سكناهم الأصلية إلى غيرها بسبب بعض المتشددين، ثم مع التنظيمات الإرهابية التي هددت وجودهم، لتظهر جبهة أخرى تتمثل بلغتهم الأم "السريانية" التي تصارع الاندثار.

 

وكالة "فرانس برس" للأنباء تناولت في تقرير "الخطر" الذي تواجهه اللغة السريانية وكيف أن قناة عامة جديدة ناطقة بالسريانية تسعى للحفاظ على هذا الإرث الضارب بالقدم.

 

الحفاظ على الهوية

وتقول الوكالة في تقريرها، حين تقدّم الصحفية مريم ألبرت (35 عاماً) نشرة الأخبار على القناة السريانية الحكومية، التي هي جزء من شبكة الإعلام العراقي، تتكلّم بلغة سريانية "أكاديمية"، اللغة الأم التي منها تفرعت اللهجات المتعددة للطوائف الكلدانية والسريانية والآشورية، والتي قد تختلف من قرية إلى أخرى.

 

وترى الأمّ لطفلة تبلغ تسع سنوات في حديث لـ"فرانس برس" أن وجود "برامج لإيصال هذه اللغة أمر مهم جداً".

 

وتعرض القناة برامج عن السينما والثقافة والتاريخ، بعضها باللهجات المحلية، أما نشرات الأخبار فتتلى بلغة سريانية "أكاديمية"، لكن "ربما هناك الكثير من المستمعين المسيحيين لا يفهمون هذه الكلمات التي نقولها"، وفقاً لمريم.

 

وتضيف "أشعر بالأسف كون لغتنا تندثر تدريجياً، صحيح أننا نستخدمها في بيوتنا، لكن وجود قناة توصل هذا الصوت أفضل".

 

غياب الإحصائيات

اليوم، تغيب الاحصاءات الدقيقة لأعداد المسيحيين في البلاد. لكن تقديرات تشير إلى أن عددهم لا يتخطى 400 ألف نسمة، من نحو مليون ونصف مليون قبل عقدين، هاجروا بفعل عشرين عاماً من الحروب والنزاعات.

 

ويعدّ شمال العراق مركزاً مسيحياً مهماً، لكن هيمنة تنظيم داعش على المنطقة في العام 2014 والانتهاكات التي ارتكبها، هجرت قرى بكاملها، فيما لجأت عائلات إلى إقليم كوردستان وأخرى هاجرت إلى أوروبا أو كندا.

 

لغة مركونة

تضمّ القناة السريانية التي أطلقت تجريباً قبل ثلاث سنوات ورسمياً مطلع نيسان/ ابريل الماضي، نحو 40 موظفاً، بينهم عشرة مقدمي برامج، هم خمس نساء وخمسة رجال.

 

ويقول جاك أنويا مدير القناة السريانية إن "القناة مهمة جدا في الحفاظ على اللغة السريانية"، وذلك عبر "تقديم برامج ترفيهية بلغتنا".

 

ويضيف الشاب البالغ 30 عاماً "اللغة السريانية كانت يوما ما لغة الشرق الأوسط وعلى الحكومة الحفاظ عليها من الاندثار"، ملاحظا أن "العراق جميل بهذه الثقافات والتنوع الذي فيه من طوائف وأديان متعددة".

 

وبالنسبة لكوثر نجيب عسكر رئيس قسم اللغة السريانية في جامعة صلاح الدين الحكومية في أربيل، عاصمة إقليم كوردستان في شمال العراق، فإنّ "اللغة السريانية" التي استخدمت لآلاف السنين في كنائس العراق وسوريا وجنوب تركيا ولبنان، هي اليوم "لغة مركونة نوعا ما".

 

ويضيف لـ"فرانس برس" قائلاً "لا نقول لغة ميتة، إذ ما يزال المتحدثين باللهجات يعتمدون عليها، وما يزال بعض الكتاب ورجال الدين يهتمون بها، لكن الخطر عليها وارد".

 

مدارس سريانية

ويضمّ قسم السريانية الذي يديره عسكر نحو 40 طالباً، في موازاة قسم آخر في الجامعة الحكومية في بغداد. وتدرّس اللغة أيضاً في نحو 265 مدرسة عامة متوزعة على العراق وإقليم كوردستان، وفقاً لعماد سالم ججو المدير العام للدراسة السريانية في وزارة التربية العراقية.

 

وتعود أولى الكتابات السريانية إلى القرن الأول والثاني قبل الميلاد، وفق عسكر، لكن اللغة السريانية "بلغت ذروتها بين القرنين الخامس والسابع" بعد الميلاد.

 

ولم تقتصر على الكتب الدينية، بل كانت لغة التعاملات الحكومية والفلسفة والعلوم والأدب. وفي ظل تقدّم اللغة العربية في المنطقة، تراجع استخدام السريانية منذ القرن الحادي عشر، لكنها لم تندثر تماماً.

 

الهجرة

ويرى عسكر أن "الهجرة سبب قوي" يهدد استمرار اللغة، مضيفاً "عندما يسافر أبناء هذه المنطقة أو المتحدثون باللهجات السريانية إلى الخارج سواء أوروبا أو أميركا"، قد تبقى اللغة عند الجيلين الأولين، لكن "الجيل الثالث ربما لن يعرف هذه اللغة".

 

كنز تاريخي

في صيف العام 2014، قبل عشرة أيام من وصول تنظيم داعش، أخرج رئيس أساقفة الموصل وعقرة للكلدان المطران ميخائيل نجيب كنزاً لا يقدّر بثمن من المدينة، مخطوطات سريانية عمرها مئات السنين.

 

ويحفظ اليوم 1700 مخطوط ونحو 1400 كتاب في مركز المخطوطات الشرقية الرقمي في أربيل. ويشرح المطران نجيب لـ"فرانس برس" أن المركز يجمع هذا "التراث، سواء كان مخطوطاً أو مطبوعاً أو مكتوباً. ويتم تنظيفه وتهيئته للتصوير الرقمي"، فضلاً عن ترميم المخطوطات القديمة وحفظها.

 

الى ذلك، هناك "أكثر من 8500 مخطوط رقمي صورت وأعيدت إلى أصحابها"، غالبيتها سريانية.

 

وتعود بعض هذه الكتب والمخطوطات الى القرنين الحادي عشر والثاني عشر، وفق نجيب. ويحظى المركز بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" ومن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس إيد" والرهبنة الدومينيكانية.

 

يهدف المركز إلى "حفظ التراث وديمومته" ووضعه "بين أيدي الباحثين ليستفيدوا منه في بحوثهم وأطروحاتهم"، وفق نجيب.

 

أقدم المدن المسيحية

في قرقوش، أقدم المدن المسيحية الواقعة في سهل نينوى في شمال العراق، يجلس تلاميذ ثانوية مار أفرام السريانية قبالة أستاذهم صلاح سركيس باكوس محدقين بلوح أبيض كتبت عليه الأحرف السريانية.

 

ويدرّس باكوس البالغ 59 عاماً اللغة منذ أن أدخلت إلى المناهج الدراسية قبل 18 عاماً، ويرى أن تعليمها أمر "ضروري جداً ليس فقط للأطفال بل لبقية فئات المجتمع كذلك لأن هذه اللغة تمثل تاريخنا، لغتنا الأم في بلاد ما بين النهرين".

 

لكن باكوس الذي أحرق تنظيم داعش مكتبته التي كانت تضم نحو ألف كتاب نصفها سريانية، يبدي قلقه من كون "جيل اليوم لا يبالي بتعلم لغته، وخصوصا أن ولي أمره يقول إن اللغة السريانية أصبحت ميتة ولا فائدة منها".

قضايا شعبنا

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.