اخر الاخبار:
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

البوَّابات الخمس/ بالعربيَّة والإنجليزيَّة وميثاق البقاء في جنّة وهيب نديم وهبة// شهربان معدّي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

شهربان معدّي

 

البوَّابات الخمس/ بالعربيَّة والإنجليزيَّة

وميثاق البقاء في جنّة وهيب نديم وهبة

الكاتبة: شهربان معدّي

 

حين ترك لنا النّهر.. وعلّمنا لُغة الرّيح ومنح كلّ واحد منّا نجمة؛ نجمة بخمسة ألوان.. جمعها ميثاق واحد، وعناق واحد، وجعلنا نختم الميثاق/ العهد، وفي حنو النّسيم وموسيقا الرّيح، أعطانا معالم الطّريق، فُتحت كلّ البوّابات.. عَبَرَ الصَّالحين الجسر.. دخلوا  في جسد التّكوين الأوّل “ميثاقهم في يمينهم”

 

     الأخضر، الأحمر، الأصفر، الأزرق، الأبيض، ألوان الطّيف، ألوان الجنّة المخمليّة، وألوان جغرافيّتنا الأرضيَّة، ألوان تمازجت بعظمة الخالق، والعناصر الأربعة، الهواء والماء والتّراب والنّار، لتخلق هذا الكون البديع، وترسم لنا صورًا جذلى، بديعة الألوان، ساحرة التّأثير على القلب والعين والحواس، حيث لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ، ولا خطر على قلب بشر.

 

     اللّون الأخضر/ مولاي العقل، بوّابة الحكمة، العقل الكليّ، أوّل باب من أبواب الجنّة الّذي يفتحه المبدع الأستاذ وهيب نديم وهبه، على مصراعيه، ليدخل إليه من يشاء، دون طقوس ودون مقدمات، يرسم خريطة الدّخول “كيْ أُعطيَ القادمَ معالمَ الطّريقِ”

يكفي أن تتَّقد في قلبك شُعلة الإيمان، شعلة الأبديّة، شعلة الخير والطّبيعة والنّماء، ويغلفه نور الحكمة والبصيرة، لتدخل مملكة الجنان…

“وتدخلُ أنتَ منطقةَ الحيِّ الْأخضرِ. قدماكَ الآنَ في الدّاخلِ، ناظراكَ يجولانِ المكانَ. لا توقيتٌ هنا… لا زمنٌ… لا أسماءُ للأيّامِ، ولا تواريخُ… العقلُ هنا إمامُ الزّمانِ، وسيّدُ المكانِ، وتاجُ الحضرةِ يهفهفُ بالأخضرِ في ثنايا الهواءِ”

طبع الهيولى وممدّها.

 

     اللّون الأحمر/ مولاي النّفس، البوّابة الحمراء، لون الغضب والبسالة والشَّجاعة/ حيث يقول: “ليكنْ خلاصُ النّفسِ بالْأحمرِ. لا شيءَ يطهّرُ الجسدَ، سوى الدّمِ، ولا شيءَ يفسدُهُ كالدّمِ”

“هذِهِ البوّابةُ الواقفةُ في أرضِ الجنانِ، لا تفتحُ أبوابَها، إلّا حينَ يشتدُّ ظلمُ الإنسانِ. يستبدُّ… يستعمرُ، يسرقُ أرضَ الغيرِ، وخيراتِ الآخرِ. تُفتحُ الجهةُ اليُمنى، تخرجُ النّارُ تحرقُ، تحصدُ الظّالمينَ، أوْ تبدّلُ حالَ الصّابرينَ. لهذا، عليْكَ أنْ تصبرَ قليلا، كيْ أعطيَكَ رسمَ المكانِ وشكلَ البوّابةِ الحمراءِ”

 

     اللّون الأصفر/ مولاي الكلمة، بوّابة النّور؛ لون الجنى، لون الحصاد، لون السَّنابل المثقلة بالقمح.

“كتاجِ السّيفِ، كخروجِ الصّيفِ منْ يدِ الفصولِ ودخولِ أيلولَ”

”يخرجُ القيدُ منَ البوّابةِ الصّفراءِ”

(بوابة المعرفة)

“أفقٌ مشغولٌ بالإبرةِ دقيقُ الخلقِ”

(حرارة الصّلاة) النّار الموقدة في القلوب، تغسل خطايا البشر… تنبت السَّنابل في كل مكان، سنابل الخير، كما تنزل الأسطورة، تنزل الشّمس معكَ… تسير معكَ نحو طريق الذّهب وتحتضن الكلمة/ البوّابة الصّفراء، طريق النّور. قفّ عند العتبة، سنكون معًا، كي ندخل عبر البوّابة إلى الحيّ الأصفر.

 

     اللّون الأزرق/ مولاي السّابق، بوّابة التّواضع وسكينة الجوارح؛ خير الأرض والسموات الماء والسماء.

“لكَ الْآنَ أنْ تشهقَ ملءَ ما تملِكُ منْ شوقٍ واشْتياقٍ. هذهِ العصافيرُ الزّرقاءُ، استيقظَتْ هذا الصّباحَ”

حدائق الزّهر الأزرق مُعلّقة مثل التّيجان.. لهفتي تسبق خطوتي.. أصل المكان ما ترسمه السّماء.. أقهر جوارحي.. تسقط نظرتي على نقطة وسط البوّابة الزّرقاء.. تتسع النّقطة.. حتى تصبح دائرة بحجم جسدي.. تفتح البوّابة الزّرقاء نوافذ الفرح.. فرح الحضور يتوّج البيوت بخط أزرق في اتحاد الأزرق بالأزرق وسكون التّواضع.. يستطيع القادم، المتأمل، الخاشع، الواثق، الزّاهد، الصّابر.. أن يدخل الحي الأزرق بسلام وأمان.

 

     اللّون الأبيض/  مولاي التّالي، سيّدي البهاء؛ رمز السّلام والنّقاء، وصفاء السّريرة “ إلى منِ اتّخذوا البياضَ حياتَهمْ، والبياضُ شفافيّةُ روحِهمْ. أنتمُ البياضُ بينَ النّاسِ لوحدِكمُ”

“ترتدي الأرضُ ثوبَ الزّهرِ الأبيضِ، ويعانقُ الشّجرُ المقابلُ لجهةِ البيوتِ أشجارًا بلونِ بياضِ القلبِ، ونقاءِ الماءِ وصفاءِ العقلِ. سكنوا بعيدًا عنِ النّهرِ، قريبًا منَ البوّابةِ البيضاءِ.

"باعوا الدُّنيا، وَاشتروا بيتًا هنا يسكنُهُ الطّيرُ والنّباتُ. تحومُ حولَ السّواقي الطّيورُ حاملةً خيرَها، زادَها، جنى الأرضِ”

 

بعيدًا عن الضّغينة والأحقاد وجشع التّاجر ونفاق المنافقين، نَعِم الصّالح بثمار الجنّة  “كتلةً منْ نارِ الخيرِ ونورِ الحقِّ ووهجِ المنطقِ”

 

الجنّة في مخيلة المبدع؛ وهيب نديم وهبة:

ما هي الجنّة عند المبدع الأستاذ وهيب وهبة؟ هي ليست منابر من نور وزبرجد وفضة، ولا أنهار من لبن وعسل، ولا عيون حور، ولا لباس حرير، وتراب من زعفران، هي أرض الخير المنبسطة؛ لأهل الخير الذين حسناتهم تسير أمامهم.

“في الأرضِ كانوا البِرَّ، كانوا الخيرَ، النّورَ، الحبَّ. كانوا نصرةَ المظلومِ ومحاكمةَ الظّالمِ”

“تشرّدوا في كلِّ بقاعِ الأرضِ، سُرِقتْ أَرضُهمُ، حُرِثَ زرعُهمُ، أُكلَ رزقُهمُ، هُدِّمَتْ بيوتُهمُ، قُتِلَ أولادُهمُ، نساؤُهمُ، شيوخُهمُ.

سُرقَ أغلى مَا يملكونَ، سرِقَ الوطن… وصبروا وعملوا الصّالحاتِ، الآنَ عادوا إلى المَكانِ المَوعودِ إنَّ اللهَ لا يُخلفُ المِيعادَ”

 

أسلوب الكاتب:

في هذه المطوَّلة الإبداعيّة الرّاقية، المطّليّة بمسحة فلسفيّة دينيّة؛ ما بين الجنّة والجحيم، وبين تيه الزَّمان وفضاء المكان، والبصر والبصيرة. بين لغة الترميز والإشارات والإيحاءات…

نحلّق سويّة في جنّة وهيب وهبة، الّتي رسمها بريشته البارعة، الشَّاعرة، الإنسانيّة، لتتجلّى فرادته وموهبته الفذَّة، في سياق لغويّ ساحر، ولغة عذبة سلِسة، متناغمة في إيقاعاتها الدّاخليّة، حيث يأخذنا لعوالم خفية، ميتافزيقيّة، يرسمها بلغته التَّجريديّة، حيث دمج الأديب وهيب وهبة، كل عناصر الإبداع؛ الفني والجمالي والإرسالي، والرمزي والفلسفي، ليبوح بكل مكنونات صدره، ويخلق عوالم جديدة، متعدّدة التأويلات، تحمل عذوبة النَّسيم، وعمق التّفكير، وصفاء الرّوح ورقّة المشاعر، وسموْ النَّفس، حيث يرتقي بالقارئ للأحاسيس والمشاعر الإنسانيّة العالية، الصَّافية كالفضة البيضاء، بعيدًا عن الزّجر والتّخويف، والتّهويل والتَّضخيم، وحيث “السَّهل الممتنع” المطعّم بمجازات ثريّة، ورؤيا الحداثة؛ المطّهمة، بالخيال الخصب، واللّغة الرمزيّة الأخّاذة…

“موسيقا السّماء، تصنع سريرًا من الذهب الخالص”

“يدخلون في قميص الريح، يتحولون إلى شيء لا يشبه إلاّ الفرح، السعادة، النعيم الأبدي”

يأخذنا الأستاذ وهيب لهذا العالم السحريّ البعيد عن الضّوضاء والضَّجيج، والأسلاك والتكنولوجيا، السابح في لواعج الوجد، وملكوت الله؛ المحترق بنار الشّوق والاشتياق لفاكهة الجنّة الحقيقيّة، جنّة المشاهدة، حيث النّور لا يحتجب، وحيث ترفرف الألوان الخمسة فوق السّور، ويعود أهل الدّيار، يعود أهل الخير.

 

سلمت يُمناك أستاذي الشَّاعر، الإنسان.. وشكرّا لك على جنّتك المرسومة بقطر النَّدى، المشغولة بماء الذَّهب، المُشعّة بصفاء الرّوح وحُسن السّيرة والمسيرة. البعيدة عن زخارف الدُّنيا وثقل المادّة، شكرًا لك لأنك بسّطت مفهوم الجنّة للأجيال القادمة؛ كي تقف على أبواب الجنّة والتي لن يجتازها إلاّ من عرف الأسرار الخمسة ومن تلظّى بنار شوقهم المقدسة لينصهر في الرّوح الكّليّة التي تحرس هذا الكون البديع، من زمن سيّدنا آدم الصّفا حتى هذه اللّحظات.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.