اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

تّراثُنا الغِنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (1)// سيمون عيلوطي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سيمون عيلوطي

 

عرض صفحة الكاتب 

تّراثُنا الغِنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (1)

سيمون عيلوطي

(الحلقة الأولى)

 

محاولة لرصد الظَّاهرة:

أخذنا في الآونة الأخيرة نلاحظ اهتمام بعض مطربينا ومطرباتنا المحليِّين يتَّجهون في برامجهم وحفلاتهم نحو الأغاني الفلكلوريَّة الفلسطينيَّة.

 هذا الاهتمام إن دلَّ على أمر ما، إنَّما يُدلُّ على تزايد الوعي لديهم بأهميَّة المحافظة على التُّراث من الضَّياع، وصونه أيضًا من محاولات السُّلطة الإسرائيليَّة الرسميَّة المتكرِّرة لطمسه، وتهميش دوره في بلورة الهويَّة القوميَّة لدى أبناء الشَّعب الفلسطينيّ، وإحباط شعورهم بالانتماء إلى وطنهم وقضاياه على مختلف الأصعدةـ، وقد تَمَّ ذلك بواسطة تزوير الوثائق الفلسطينيَّة ونهبها من مراكز الأبحاث تارة، وبالغزوِ الثقافيِّ بهدف سلخ وتغييب تراثنا عن الوجود تارة أخرى. ولا شكَّ أنَّ تصويت الكنيست قبل سنوات قليلة مضت، على إلغاء مكانة اللغة العربيَّة كلغة رسميَّة في إسرائيل، يندرج ضمن هذه السِّياسة المبرمجة لطمس ثقافة الأقليَّة الفلسطينيَّة في البلاد، وتهميش تراثها بهدف تعطيل دوره في تشكيل وتعزيز هويَّتهم القوميَّة.  

 

حول الأغاني التي اشتهرت بالنَّاصرة:

والحقيقة أنَّ أوَّل من اهتمَّ بأحياء أغاني التُّراث الفلسطينيّ، كان المطرب النصراويّ خليل موراني، وذلك عندما قدَّم في برامجه وحفلاته خلال الستينيَّات والسبعينيَات من القرن الماضي العديد من الأغنيات الترُّاثيَّة، لا سيَّما تلك الأغنيات التي اشتُهِرَت في الناصرة، "عذَّب الجمَّال قلبي"، "يا رايح وين يا مْسلِّيني"، "يا ماريَّة يا مسوسحة القبطان"، "دبَّاكي يا دبَّاكي"، "بنار الهجر يا إبراهيم"، "هلا للليَّا"، "قطعنا النَّصراويَّات"، رمَّانك يا حبيبي"، "هيِّن ضرب السيف"، وغيرها الكثير. وقد خاض نفس التَّجربة بعده في السبعينيَّات والثمانينيَّات من القرن الماضي، الفنَّان بشارة عوَّاد، حيث قدِّم الكثير من تلك الأغنيات التي اشتهرت بالناصرة. وتركت في نفوس المستمعين أطيب الأثر.

 

آثرتُ أن أقول "الأغنيات التي اشتهرت بالنَّاصرة"، وليس كما أطلق البعض عليها، "الأغاني النصراويَّة" ذلك لأنني لم أعثر على أي مرجع يثبت أن هذه الأغاني نابعة من الفلكلور النَّصراوي، بل أحضرها أولئك التُّجار الوافدين من الشَّام إلى النَّاصرة لتسويق بضائعهم، وكانوا يقضون عدَّة أيَّام فيها للاستراحة من عناء السَّفر. تجار النَّاصرة الذين يتعاملون معهم كانوا يستضيفون بعضهم في بيوتهم، والبعض الآخر كان يبيت في "خان الباشا" باعتباره المحطة الأولى للقادمين إليها، وللمسافرين والتجار المارين منها، لذلك كان مركزًا لنقل الأخبار والتَّداول في شؤون الدّنيا، وكانوا في سهراتهم يتسامرون مع زملائهم من تجار النِّاصرة، ويغنُّون تلك الأغاني التي قيل فيما بعد إنَّها نصراويَّة. وأذكر أنَّ هذه الأغاني جُمِعَت في كتاب خاص بها، أطلعني عليه ابن النَّاصرة، السيِّد عازر أبو سنِّة الذي كان يحتفظ في مكتبته بنسخة عنه، وأذكر أنَّ المطرب خليل موراني استفاد كثيرًا من نصوص هذا الكتاب.

 

أهميَّة إحياء التُّراث:

أمَّا الفنَّان المطرب فوزي السَّعدي، فقد تناول هذا التراث الغنائي الفلسطيني بشموليَّة، من دون أن يخصَّ تراث مدينة ما، أو قرية بعينها، مثلما فعل بعض مَن سبقوه في هذا المجال، بل انطلق من خلال الفرقة الموسيقيَّة التي أسساها في أواخر ثمانينيَّات وتسعينيَّات القرن الماضي تحت أسم: "فرقة احياء الفولكلور الفلسطينيّ"، فقدَّم مجموعة من الأغنيات ذات الصِّلة بمختلف مدننا وقرانا الفلسطينيَّة، وللإنصاف أقول: إنَّ السَّعدي كان في برامجه يحرص على اختيار مضامين أغنيات ذات صلة بقضايا وهموم شعبه الوطنيَّة، كأغنية: "حيِّد عن الجِّيشِ يَ غْبيشي" التي تحكي عن صراع الثوَّار الفلسطينيين مع الجيش الإنجليزيّ المستعمر . أو مثل أغاني نوح إبراهيم، المغني والشَّاعر الشعبيَّ لثورة 1936، المولود في حيفا، 1913. استشهد بالقرب من قرية طمرة الجليليَّة، وذلك أثناء مقاومته لقوات المستعمر البريطاني، 1938.

 

تُعتبر أغاني نوح إبراهيم التي أنشدها وسجَّلها على اسطوانات جزء لا يتجزأ من التُّراث الفلسطينيّ، حيث عبَّرت عن الروح الفلسطينيَّة، وتفاعلت مع الوجدان الشعبيّ النَّابض بحبِّه هذا الشعب للحريَّة، والحياة الكريمة، والاستقلال، والدَّليل على ذلك أغنيته التي كانت بمثابة رسالة للجنرال الإنجليزي ديل، يقول شاعرنا نوح فيها: (إن كنت عاوز يا جنرال بالقوة تغير هالحال/ لازم تعتقد أكيد طلبك صعب من المحال/ لكن خدها بالحكمة واعطينا الثمن يا خال/ ونفذ شروط الأمة من حرية واستقلال/ ودبرها يا مستر دل يمكن على يدك بتحل)، وله العديد من الأغاني السياسيَّة، كأغنية: "من سجن عكا طلعت جنازة" التي تتحدث عن ثلاثة من شهداء ثورة البراق "فؤاد حجازي، محمد جمجوم، وعطا الزير". هذه الأغنية رغم أنَّ بعض الباحثين شكَّكوا أن يكون نوح إبراهيم هو صاحبها، فرجَّحوا أنَّها تعود لشاعر آخر غيره، إلَّا أنَّ الجمهور نسبها لإبراهيم لأنَّها قريبة من أسلوبه، ونفسيَّته في الشَّعر والسَّياسة، وشاعرنا الحيفاوي له أيضًا الكثير من الأغاني الاجتماعيَّة الكوميدية السَّاخرة، مثل "زوج الإثنتين" و "الله يخزي هالشيطان"، وله أغنيات أخرى ذات مضامين متعدِّدة.

 

لا شكَّ أنَ "فرقة إحياء الفلكلور الفلسطيني" في الناصرة، أحسنت عندما أعادت تقديم أغاني نوح إبراهيم في برامجها، لاسيَّما أنَّها كانت في سنوات الثمانينات من القرن الماضي هي الفرقة العربيَّة الوحيدة التي تناولت التراث الغنائيَّ الفلسطينيّ من هذه الزاوية، وأعتقد أنَّ سبب عدم انتشار هذه الفرقة كما تستحق، هو غياب الإعلام، خاصَّة المسموع منه، وأنَّ صاحب هذه الفرقة ومؤسِّسها، الفنان فوزي السَّعدي، ولم يرَ أنَّ دار الإذاعة الإسرائيليَّة عنوانه في هذا الصَّدد، كما حاول غيره عبثًا أن يُهَجِّنَ هذا التًّراث الغنائيّ مع سياسة هذه الإذاعة المُروِّجة لبرامج معادية للجَّماهير العربيَّة عامة، والفلسطينيَّة على وجه الخصوص، "حديث العم حمدان"، و  ابن الرافدين، مثلًا .     

(يتبع)    

https://www.youtube.com/watch?v=ve2kn7HIVl4

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.