اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

تّراثُنا الغِنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (2)// سيمون عيلوطي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سيمون عيلوطي

 

عرض صفحة الكاتب 

تّراثُنا الغِنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (2)

سيمون عيلوطي

 

"مغناة الجليل" لفوزي السعدي، وتراثيَّات سناء موسى

وجهان لفنِ واحد:

أتابع في هذه الحلقة مع "فرقة إحياء الفولكلور الفلسطينيّ" التي أقامت في تلك السَّنوات المذكورة في الحلقة السَّابقة، العديد من البرامج التي خصًّصتها لأغانينا الفلسطينيَّة الفلكلوريَّة، أهمّها، كانت مغناة أعدَّتها الفرقة، بعنوان: "مغناة الجليل" قدَّمتها بالتَّعاون مع نادي "الاتِّحاد النِّسائيّ العربيّ" في بيت ساحور، تضمَّنت على أغنيات من التُّراث الشَّعبيّ الفلسطينيّ، وأغنيات أخرى جديدة، لكنَّها منبثقة من أجواء هذا التُّراث، شارك في شدوها كل من: فوزي السَّعدي، مصطفى دحلة، وجميل أسعد. أما كلمات تلك الأغاني فقد كانت للشُّعراء: توفيق زيَّاد، سميح القاسم، فدوى طوقان، سعود الأسدي، وأخوكم، كاتب هذه السُّطور، وقد لاقت "المغناة" عند عرضها في النَّاصرة، حيفا، القدس، أم الفحم، رام الله، وغيرها من بلدات "شطرتي البرتقالة" لاقت استحسان الجُّمهور ومباركته لهذا العمل الفنيّ الجاد.

 

مهرجان الفن القطري:

لا أنسى في هذه المناسبة أن أذكر "مهرجان الفن القطري" الذي خصَّصته الفرقة، موضوع حديثنا، في العام 1985، للأغنيَّة الفلسطينيَّة الجديدة، (معروفة المؤلِّف والملحِّن)، وكذلك لرقصات الدَّبكة الشعبيَّة، شاركت فيها العديد من الفرق، من الجَّليل، والمرج، والمثلَّث. أما الأغاني فقد توزَّعت في حينه على نخبة من الأصوات الواعدة، منهم: الفنَّان، صاحب الصوت الجَّميل، بشارة قرواني، والفنَّانة المطربة، شادية حامد، وغرهما.

أقيم هذا المهرجان على مدى أسبوع كامل في بيت الصَّداقة-الناصرة، برعاية ودعم "مؤسَّسة الفنون الشَّعبيَّة" التي كان يرأسها الشَّاعر سميح القاسم، وقد تناوب على عرافة أمسياته كل من: الدكتور المرحوم حبيب بولس، والأديب المعروف فتحي فوراني، والمربِّية القديرة دالية عيلوطي، وكاتب هذه السُّطور الذي كلَّفته المؤسَّسة الدَّاعمة أن يتولَّى هو أيضًا مهمَّة إدارة هذا النَّشاط الفنيّ القيِّم.

 

حول ضرورة ترديد وتوثيق أغنياتنا التَّراثيَّة:

سناء موسى وإحياء الذاكرة الفلسطينية:

لا أريد في هذه المقالات أن أتوقَّف عند حكايات أو أصول تلك الأغنيات التراثيَّة الشعبيَّة، ولكنَّني سأكتفي مؤقَّتًا بالتوقّف عند هذه الظَّاهرة المباركة التي كادت تستحوذ على عنايةٍ لافتةٍ من بعض المطربين والمطربات لتقديمها في حفلاتهم وبرامجهم الخاصَّة، وأذكر في هذه المناسبة، أنَّ المطرب النصراويّ، يوسف مطرـ أبو كارم، عندما أراد أن يبتعد عن كارم محمود، ذهب إلى الأغاني الشعبيَّة التي اشتُهِرَت في الناصرة، فقام بتقديمها للجمهور، ثمَّ سجَّلها على "كاسيت" لضمان حفظها. كما أنَّ المطرب "التَّرشحاوي" ماجد عزام حذا حزوَ "المطر" وقدَّم مجموعة من أغاني التراث في عرض غنائي، بقيادة عازف العود، الفنَّان، سيمون شاهين. وكم حالف الصَّواب الفنَّانة دلال أبو آمنة حين خلعت ثوب الكلثوميَّات، لتُقدِّم تلك الأغنيات الشعبيَّة بأسلوبها السَّاحر. كما برزت على السَّاحة الفنيَّة مؤخَّرًا أصوات أخرى عديدة، أرادت هي أيضًا أن تُجرِّب حظّها في هذا الَّلون من الغناء الشعبيّ الأصيل. 

مِن المطربات الفلسطينيَّات اللّواتي أتقنَّ هذا الَّلون من الغناء الشعبيّ، أذكر: الفنَّانة سناء موسى التي لم تُلفت انتباهي بشدوها وصوتها العذب فحسب، بل أيضًا بمحاولاتها أدخال تجديدات على هذا الموروث الغنائي الفلكلوري، وتقديمه للجمهور بطعم خاص، ولعلَّ نشأتها في بيتٍ موسيقيٍّ ساعدها على تطوير موهبتها، فجدتها وطفة كانت تتمتع بصوت جميل، وكذلك والدها، المطرب المعروف علي موسى، الذي شارك في سبعينيَّات وثمانينيَّات القرن الماضي بالعديد من البرامج الغنائيَّة، وقد اشتُهِرَ  كأجمل من يُغنِّي "العتابا" في بلادنا، غير أن ابنته سناء المولودة سنة ،1979، في قرية دير الأسد الواقعة في الجليل الأعلى، لم تكتفِ بما ورثته عن جدَّتها ووالدها، فتابعت صقل موهبتها، حيث انضمَّت في العام، 2003، إلى جوقة الأرموي "مركز موسيقى المشرق" بإشراف الأستاذ خالد جبران، الذي عمل على تدريب صوتها، وتحسين أدواتها الفنيَّة، ما أهَّلها في العام 2004 على تقديم عروضها الكلاسيكية والتراثية بالعديد من المهرجانات في القدس ورام الله، وفي مختلف الدُّول الأوربيَّة، والعربيَّة.

سناء شغوفة في العلوم البيولوجية، والأبحاث، وأرى أنَّ هذا هو ما قادها إلى الالتحاق بكلية الطب في جامعة القدس التي تخرَّجت منها وهي حاصلة على شهادة الدكتوراة، بمعدَّل امتياز، في علم الأعصاب.

حرصت سناء في برامجها وحفلاتها على اختيار تقديم غير الشائع من الموروث الغنائيّ الفلسطينيّ، فأخذت تخوض في تجارب ومحاور غنائيَّة، فلسطينيَّة لم يسبقها إليها أحد، وضعتها في مركز الضوء، وجذبت الاهتمام بمشروعها الفني الذي سآتي على تفصيله في سياق آخر من هذا المقال. ولكن هذه العناصر الفنيَّة-الفلكلوريَّة التي أعادت مطربتنا صياغة تشكيلها بقوالب جديدة، شرَّعت أمامها أبواب عشرات المسارح والمنصَّات العربيَّة والعالميَّة لتقديم عروضها المميَّزة.

 

 سأتوقف في المقال القادم عند سناء موسى الباحثة، ثمَّ المجددة في الغناء والموسيقى، كما سأخصِّص إطلاله على بعض محطات مشروعها الواسع.

  (يتبع)

https://www.youtube.com/watch?v=DI9851bHZ_o

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.