اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

محطات طبية

طفلي.. فاقد الشهية! ـ الجزء الأول// د. مزاحم مبارك مال الله

تقييم المستخدم:  / 4
سيئجيد 

طفلي.. فاقد الشهية! ـ الجزء الأول

 

د. مزاحم مبارك مال الله

 

واحدة من أكثر شكاوى الأمهات والأباء تكراراً ،فغالباً ما يراجعون الأطباء بسبب هذه الحالة ،وهي(أن الطفل فاقد الشهية، ـ ما ياكل ـ)، أن الشكوى من فقدان الشهية الطفل ،ليست بمعزل عمّا يعتقده الأبوان في أن طفلهما "لا يأكل بما فيه الكفاية".

ولكن هل فعلاً الطفل فاقد للشهية؟

فما هو مفهوم الشهية ؟

الشهية والشبع هما من الأفعال الحيوية الانعكاسية التي لكل منهما مركز سيطرة في الجهاز العصبي المركزي ،وهاتان الحالتان (الشهية والشبع)تتأثران بالعديد من العوامل المباشرة وغير المباشرة، وتتطوران مع تقدم العمر ولهما صلة بالحواس والفعاليات الجسمانية الأخرى ،وكذلك تتأثران بالوضع الذي يمر به الجسم ،ففي حالة التعرض لحالة مرضية معينة مثلاً، نجد أن الشخص يعزف عن تناول الطعام، كما أن الشخص الاعتيادي يأكل الى حد امتلاء معدته ،فتبعث بإشارات الى الدماغ تعلمه بالأمتلاء فيصدر الدماغ إيعازه للشعور بالشبع فيتوقف الشخص عن الأكل.

ولما كانت فسيولوجية الشهية والشبع لدى الطفل وخصوصاً في سنواته الأولى ،تختلف اختلافاً كلياً عنها لدى الشخص البالغ ،لذلك فالأم هي المسؤولة عن أطعامه بأوقات هي تشعر وتحس بها ،ربما تساعدها بعض الأفعال التي تصدر عن الطفل نفسه كالبكاء مثلاً ،وهذا ما نشاهده عند حديثي الولادة .

محور موضوعنا اليوم سيتركز على الأطفال ذوي الأعمار 2 ـ 5 سنوات وهي من أصعب مراحل نمو الطفل، فالصفة التي تطغي على تصرفاته بشكل عام يطلق عليها علماء صحة الطفل النفسية ،بـ (المرحلة السلبية).

الشهية وظيفة طبيعية لدى الطفل لما يتطلبه نمو جسمه الناتجة عن رد فعل الدماغ إزاء حاجة أنسجة الجسم المختلفة للطاقة ،ولكن هذه الشهية ربما تتعرض الى حالات تؤثر في سيرها الطبيعي ،فهناك الحالات المَرَضية وحالات ليست مَرَضية ،وهي الأكثر شيوعاً.

أن فقدان الشهية لتناول الطعام ،لا يكون انتقائيا ،بمعنى أن الطفل يشتهي هذا الطعام ولا يرغب بهذه الوجبة الغذائية ،ففقدان الشهية لا يفرّق بين أنواع الطعام ،فالتفريق نطلق عليه(الرغبة أو الاستطعام)، أن فقدان الشهية تعني فقدان الرغبة في تناول أي نوع من أنواع الطعام، بل هو الأحجام عن تناول أي شئ.

من هذا يتضح أن مفهوم فقدان الشهية يجب أن يكون مفهوماً متخصصاً دقيقاً ،فأغلب الأمهات اللاتي يشتكين من فقدان شهية أطفالهن يتضح أن هؤلاء الأطفال يرغبون بهذا الطعام دون غيره، أو يشتهي الحلويات(وهو الشائع جداً بين الأطفال)، ولا يقدم على تناول الوجبات الغذائية المهمة، فالغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال ليسوا بفاقدي الشهية وإنما فاقدي الرغبة والتي يتداخل فيها أسلوب الأبوين في تغذية طفليهما.

والسبب في جعل العلماء يعتقدون أن الطفل ليس بفاقد للشهية، هو رغبته في تناول أشياء محددة دون غيرها ،أو يرغب في تناول الحلوى والبسكويت والمرطبات وغيرها دون أقدامه على تناول الأطعمة المهمة لبناء جسده، وهذا ما يدفع الطبيب الى توجيه اللائمة على الأبوين في طريقة تغذية طفليهما.

أن الأسباب العضوية التي تمنع شهية الطفل، أي بمعنى فقدان الشهية المَرَضي ، نادرة جداً من بين أسباب تلكؤ تغذية الطفل:

•     منها مؤقتة ،كارتفاع درجة الحرارة لأي سببٍ كان ،أو جراء تعرضه الى حادثٍ ما.

•     ومنها ما تكون مزمنة ،كفقدان الشهية العصابي ،وهي حالة موجودة تصيب المراهقين والمراهقات (المراهقات أكثر).

•     التشوهات الخلقية.

أن أغلب الأباء والأمهات تراودهم الشكوك في وضعية الطفل الصحية خصوصاً حينما يلاحظون اصفرار وجه الطفل، أو وجود هالات غامقة حول عينيه ،أو وزن الطفل أقل مقارنةً بأقرانه ،علماً أن اصفرار الوجه يدل على وجود فقر دم والذي ربما ينتج عن الديدان المعوية، أو لأسباب ٍ أخرى ،أما الهالات الغامقة ،فقد وجدنا ومن خلال الممارسة أن الكثير من هذه الهالات سببها وراثي متأتي من الأبوين أو من العائلات ،وبخصوص زيادة الوزن ،فالكثير من الأطفال تجدهم بصحة ممتازة الاّ أن أوزانهم أقل من أقرانهم وهذا ليس بدليل على الصحة المتردية ،فالعامل الوراثي أيضاً يلعب دوراً ،إضافة الى صحة الطفل حينما كان جنيناً في بطن أمه ،فكلما كان الحمل بشكل عام طبيعياً وصحياً كلما كان الناتج صحي ومعافى..الخ.

وهناك خلل أخر في تعاطي الأبوين مع حالة طفليهما ،فأضافة الى الفهم غير الصحيح عن "فقدان الشهية"، تجدهما يتعاملان مع الحالة في الكثير من الأحيان بوسائل غير سليمة كاستخدام أسلوب التهديد أو الشدّة، وهذا ما يُزيد الطين بلة كما يُقال، ومن حياتنا العملية أيضاً وضعنا اليد على خلل أخر ،وهو مفهوم شائع بين الناس ،الاّ وهو: "المشهّي"، فمن الناحية العلمية لا يوجد دواء مشهّي بمفهوم الأبوين ،فكما أوضحنا أن "الشهية" هي وظيفة دماغية بالدرجة الأساس ،فهل يوجد دواء أو مستحضر يحفّز الشهية مركزياً ؟نحن من الناحية الطبية لا نشجع على هذه المستحضرات حتى وإن وجدت، بل توجد بعض المواد التي تستخدم لحالات أخرى ،ربما من تأثيراتها الجانية أن تزيد شهية الشخص ،كمستحضرات الكورتيزون والبرياكتين(يستخدم ضد التحسس)، وكليهما لا يُستخدمان كمحفزين للشهية ،فتأثريهما على الجسم بهذا الاستعمال مؤذٍ جداً.

وفي كل الحالات التي أستخدم الأبوان فيها الأساليب غير التربوية واللا صحية، وأقصد(الشدّة والتهديد)، قد أعطت نتائج سلبية بسبب الأضطرابات النفسية كالقلق والخوف والحزن والأذى الجسدي والتي أثرت بشكل مباشر على مركَزي الشهية والشبع في دماغ الطفل.

لقد توصل علماء نفس الأطفال الى حقيقة ،مفادها :أن الحالة تخلقها الأم القلقة ،ومن ثم وخصوصاً(الطفل الذكي، النبه، الحرك) يستفيد من قلق أمه كوسيلة لإشباع رغبات أخرى.

أسباب عزوف الطفل عن تناول الطعام الأساسي في بناء جسده:ـ

1.   الطفل لا يعي نوعية الطعام التي تفيده في بناء جسمه وجهازه المناعي، فبتراكم المعرفة التي يمنحها له الأبوان يبدأ يميز.

2.   الطفل ولأسبابٍ فسيولوجية ونفسية ميّال الى السكريات والألوان والتنويع وشرب السوائل والعصائر وغير ذلك.

3.   أرغامه على تناول كمية أكبر من طاقته ،ضناً من والديه أنه سيكتسب الوزن بفترة قصيرة ،غير مدركين بأن ما يفعلانه هو دفع الطفل الى الهروب من تناول الطعام.

4.   ولا بد من الأبوين أن يدركا حقيقة مهمة ،وهي أن الطفل كلما تقدم بالعمر ،تبدأ نواة الاستقلالية تنمو عنده.

5.   التشديد في أستخدام ما يعرف بـ "آداب المائدة" أزاء الطفل ،تجعله يستثقل هذه "التوجيهات" والهروب منها بحجة الشبع.

6.   الإحساس بالشبع حينما يسبق الطعام المفيد، تناوله لقطع الحلوى وأشباهها.

7.   عدم انتظام مواعيد الوجبات الغذائية.

8.   ميول الطفل (وهي حالة طبيعية) لتقليد الأطفال الآخرين، فحينما يرى طفل أخر يتناول الحلوى مثلاً ،تراه يترك طعامه ليطلب الحلوى.

ـ يتبع ـ

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.