محطات طبية

هشاشة العظام.. الأسباب والوقاية والعلاج// د. مزاحم مبارك مال الله

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

 

هشاشة العظام.. الأسباب والوقاية والعلاج

د. مزاحم مبارك مال الله

 

يتناول الأطباء في أحاديثهم وبدأ المرضى بتداوله، مصطلحاً أصبح شائع الاستعمال في وصف حالة مَرَضية وهو "هشاشة العظام"، أو ما يعرف بـ "وهن العظام"، أو "تخلخل العظام"، أو "تنخر العظام".

هذه الحالة تتصف بمجموعة من الأعراض والعلامات تؤثر بشكل مباشر على نشاط وفعالية وحيوية الإنسان.

التراكيب الجنينية للعظم تحتوي على مراكز التعظم والتي وبمرور الوقت مع نمو الطفل وبعد الولادة، تبدأ بتعظيم (تصليب) المادة الغضروفية بفعل دخول مركبات الكالسيوم ومركبات الفوسفات في البناء العظمي، هذه المركبات مصدرها الطعام، وتحت فعل الهورمونات وبرمجة سلسلة من التفاعلات البايوـ كيمياوية في داخل الجسم وبمساعدة العديد من الفاتيمينات وأهمها فايتمين D (وهو موجود في الجسم بشكل غير فعال ولكنه حينما يتفاعل مع الأشعة فوق البنفسجية والموجودة في ضوء الشمس، من خلال الجلد فأنه يتحول الى فايتمين فعّال، وحينما يتحول الى فعال فأنه يتحد مع الكالسيوم ليصل الى النسيج العظمي)، كما أن هورمون الغدة جنب ـ درقية يعمل على تنظيم معدلات الكالسيوم في الدم.

وهناك هورمونات أخرى تلعب دوراً مهماً في تنظيم نسبة الكالسيوم وهي (كالسيتونين ،الثايروكسين،الأستروجين وهورمون النمو).

علماً أن للكالسيوم وظائف مهمة الى جانب بناء الهيكل العظمي فأنه مهم لعمل الخلايا القلبية والعصبية، ويدخل في صنع كريات الدم الحمراء والخلايا البيضاء والصفائح الدموية.

العظم نسيج صلب يتكون من مجموعة أنسجة حية (خلايا العظام، الخلايا الدهنية الى جانب الأوعية الدموية والأعصاب) وكذلك يتكون من مواد غير حية والمتمثلة بـ (مركبات الكالسيوم والفسفور وأملاح أخرى)، فالهيكل العظمي يمنح الجسم هيئته الخارجية، ولكن بنفس الوقت فهو جزء لا يتجزأ من الجهاز الحركي إضافة الى أنه يحمي الأعضاء الداخلية (يحمي الأنسجة الرخوة)، فالجمجمة تحمي الدماغ، القفص الصدري يحمي القلب والرئتين والأوعية الدموية الكبرى، الحوض يحمي الجهاز التناسلي والجزء الأخير من الجهاز البولي، وهكذا.

ولأجل أن يقوم الهيكل العظمي بواجباته على أتم وجه، فهذا يعني تأمين البناء الداخلي للعظم بصورته المتكاملة، وأن أي خلل سواء في بناء العظام أو في أنسجتها الرابطة ستتسبب في حصول حالة غير طبيعية لعمل تلك العظام.

العظام، تصاب بالكثير من الحالات المرضية، فبعيداً عن الكسور، هناك أمراض التهابية جرثومية، ومنها غير جرثومية، ومنها الأورام الخبيثة وغير الخبيثة.

ومن الحالات اللا جرثومية، "هشاشة العظام".

هشاشة العظام يعني فقدان العظام لكثافتها جراء انخفاض نسبة الكالسيوم فتتعرض للترقق. هذه الحالة تصيب النساء أكثر من الرجال (ولأسباب هورمونية)، وبنسبة امرأة واحدة من بين كل ثلاثة نساء، كما أن الملايين في أنحاء العالم يعانون من الهشاشة ومن كلا الجنسين.

الترقق يسبب ألام مستمرة مما يؤثر على حيوية المصاب وقدرته على ممارسة حياته الطبيعية، إن هذا الترقق يؤثر أيضاً على العضلات المرتبطة بالعظام فتنحني القامة في أغلب الأحيان ،يسبقها تحدد وصعوبة الحركة.

العظام حينما تصاب بالهشاشة فأن احتمالية تعرضها للكسر تزداد. السبب الرئيس لدى النساء هو هورموني وخصوصاً ما يتعلق بانقطاع الدورة الشهرية، حيث تنخفض مستويات الهورمونات المسؤولة عن الدورة الشهرية، وأن هذه الهورمونات وبالمحصلة النهائية، تشترك في عملية دخول مركبات الكالسيوم في البناء النسيجي للعظام.

أسباب الهشاشة:

1.   طبيعة النظام الغذائي الذي يتجاهل القدر الكاف من الكالسيوم، فبعد منتصف العمر تفقد العظام ما نسبته 1% من كثافتها، وتتسارع الى أن تصل الى 30% بعد بلوغ الخمسين،  ومصادر الكالسيوم هي منتجات الألبان والحمضيات والأسماك البحرية.

2.   نقص هورمون الأستروجين الذي يفرزه المبيضان، فكلما تأخر سن انقطاع الدورة لدى النساء، كلما تأخر حصول الهشاشة في عظامهن.

3.   تدني مستوى هورمون التستوستيرون لدى الرجال.

4.   مشاكل الغدة الدرقية.

5.   مشاكل الغدة فوق الكلية (الغدة الكظرية).

6.   التقدم بالعمر، كلما تقدم الإنسان بالعمر كلما زادت احتمالية الإصابة بالهشاشة نتيجة التآكل المستمر بكمية الأنسجة العظمية.

7.   العامل الوراثي، أفادت الدراسات والبحوث عن وجود علاقة وراثية للإصابة بهشاشة العظام، وخصوصاً فيما يتعلق بنقص مادة الكولاجين التي تقوّي العظام وتحميها من الكسر.

8.   أمراض الدم الوراثية، كفقر الدم المنجلي، والثلاسيميا.

9.   الاستخدام العشوائي ولمدد طويلة وبكميات غير محسوبة للهيدروكوتيزونات، كما في حالات تستوجب استخدام الكورتيزونات كعلاج، ومنها، الربو، التهاب المفاصل الرثوي، داء الصدفية، انسداد الرئة المزمن وزراعة الأعضاء التي تستوجب استخدام الكورتيزون كجزء من التعامل مع رفض الجسم للعضو المزروع فيه، لذا حينما يصف الطبيب مثل هذه الأدوية ولفترات طويلة، عليه مراقبة كثافة العظام وكتلتها من خلال فحوصات خاصة يجريها.

10.  هناك بحث يشير الى تأثير الأدوية المضادة للاكتئاب على الكتلة العظمية، وكذلك علاج الهيبارين المضاد للتجلط، وعلاج الميثوتريكسيت لعلاج الأورام السرطانية، وبعض العلاجات التي تستخدم لنوبات الصرع، وكذلك الأدوية المضادة للحموضة.

11.  مشاكل الأمعاء المزمنة المتعددة والتي تتسبب في قلّة امتصاص الكالسيوم وهذا يؤدي الى انخفاض مستواه في الدم، فمن تلك الحالات (سوء الامتصاص، التليف الكيسي، التهابات الأمعاء غير الجرثومية، التهابات الجهاز المناعي المعوي)، فعندها يعمل الجسم وتحت سيطرة الدماغ بتحفيز إفراز هورمون الغدة الجنب ـ درقية ليذيب الكالسيوم الموجود في العظام، وبالتالي تصاب تلك العظام بالترقق.

12.  انخفاض مؤشر الكتلة الجسمانية(مؤشر الكتلة الجسمانية هو ناتج قسمة الكتلة بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر)، فالحد الأدنى للشخص البالغ هو 18,5.

13.  التدخين، فالمواد السامة الموجودة في التبوغ إضافة الى تفاعلاتها مع عناصر ومركبات كيمياوية في داخل الجسم، كلها تعمل على تحطيم الأواصر الكيمياوية التي يدخل في مكوناتها عنصر الكالسيوم.

14.  قلّة الحركة، والتي بالنتيجة تؤثر على طبيعة انسيابية الدم في داخل النسيج العظمي.

15.  إدمان الكحول، فالثابت علمياً أن نسبة الكحول العالية تتداخل مع عملية التمثيل الغذائي ومع فعاليات الكبد المختلفة وبالنتيجة تؤثر مباشرة على امتصاص الكالسيوم والفسوفور.

16.  هناك نظرية تؤكد على أن المشروبات الغازية تحتوي على حامض الفسفوريك، والذي بدوره يتداخل مع امتصاص الكالسيوم مؤدياً الى الهشاشة، كما أن الكافائين والموجود في تلك المشروبات، يتداخل مع امتصاص الكالسيوم.

17.  حالات أخرى/ كسرطان الثدي وخصوصاً اللاتي يتلقين العلاج الكيمياوي، عملية قص المعدة، مرض كرون، حساسية الحنطة، متلازمة فقدان الشهية العصابي، متلازمة كوشنك، والإصابة بالأكتئاب.

الأعراض والعلامات

•     المراحل الأولى أو المبكرة، تكون خالية من الآلام أو أية أعراض أخرى، ربما بالصدفة ومن خلال أجراء فحوصات دم روتينية، نكتشف هبوط في مستوى الكالسيوم.

•     ولكن وفيما بعد، فأن المصاب يعاني من:

1.   آلام الظهر المستمرة.

2.   فقدان بالوزن مع حصول انحناءة بالعامود الفقري.

3.   حصول كسور في بعض أجزاء الهيكل العظمي، وقد سجلت أعلى نسبة من الكسور نتيجة لهشاشة العظام، في الفقرات، عظام الحوض، مفصل كف اليد.

نوعا الهشاشة:

•     الهشاشة الأولية/ تحدث في كلا الجنسين، وبعد تقدم العمر، حيث تصاب النساء أكثر من الرجال.

•     الهشاشة الثانوية/ والناتجة عن أمراض أخرى أو تناول أدوية(أن استخدام علاجات مضادة للحموضة والحاوية على عنصر الألمنيوم، تعد من الأدوية التي تتداخل مع امتصاص الكالسيوم فيقل مستواه بالدم).

المضاعفات:

الكسور، وبسببها يمكن حصول العجز، أو يمكن حصول مضاعفات متوقعة جراء الكسر نفسه او جراء التداخل الجراحي، وأحياناً قصر في أطوال العظام المصابة نفسها.

كيف يتم تشخيص هشاشة العظام؟

يمكن ذلك من خلال:ـ

ـ الشكوى العامة للمصاب(الأعراض والعلامات)، والعمر، والتأريخ المرضي.

ـ كسور العظام المتكررة وخصوصاً تلك الكسور التي تشمل النهايات العظمية والتي لها أهمية بالغة في المرتكزات الجسمانية كعظام الحوض(نسبة كسور الورك تبلغ 20%، وهي نسبة مرتفعة جداً).

ـ الأشعة السينية الاعتيادية .

ـ فحص الكثافة العظمية بواسطة الأشعة السينية المزدوجة والأمواج فوق الصوتية والتصوير المقطعيCT SCAN.

ملاحظة/ ينصح الأطباء السيدات (وهن أكثر عرضة لهشاشة العظام) بأجراء فحص الكثافة العظمية لكل من:

1.   بلغت الـ 65 سنة من العمر.

2.   بلغت سن انقطاع الطمث ولكنها تقع ضمن مجموعة اللاتي من المحتمل أصابتهن بالهشاشة.

3.   لها مشاكل بالعامود الفقري.

4.   تتلقى علاجات مستمرة وخصوصاً البريدنيزولون وأشباهه (كورتيزونات).

5.   تعاني من داء السكري النوع الأول(المعتمد على الأنسولين).

6.   تعاني من مشاكل بالكبد.

7.   تعاني من مشاكل بالكليتين.

8.   تعاني من مشاكل الغدة الدرقية.

9.   لها تأريخ عائلي بالهشاشة.

10.  إنقطاع الطمث في سن مبكرة.

ـ قياس نسبة الكالسيوم والفوسفات في الجسم.

ـ قياس نسب الهورمونات في الجسم.

الوقاية:

1.   الامتناع عن كل ما من شأنه أن يكون سبباً في حصول الهشاشة كالتدخين والكحول والتغذية غير الصحية وتناول المشروبات الغازية، فعلى سبيل المثال، أن تناول كمية عالية وباستمرار من البروتينات يؤدي الى إفراز الكالسيوم في البول، حيث يستشعر الدماغ بارتفاع نسبة البروتينات في الدم، مما يتسبب في انخفاض مستوى الكالسيوم في الدم.

2.   التعرض الى ضوء الشمس للحصول على فايتمين D الفعال خصوصاً الأطفال، وحينما يتقدم الإنسان بالعمر فيوصى بشرب الحليب المطعم بفايتمين D.

3.   ممارسة التمارين الرياضية.

4.   التقليل من تناول المشروب التي تحتوي على الكافائين.

5.   إضافة منتوجات الصويا الى قائمة الغذاء اليومية.

العلاج:

عدا الاهتمام بالكسور التي تحصل، والآلام التي يمكن أن يُستخدم لها المسكنات، الاّ أن الوقاية من حصول الهشاشة يبقى الأهم، وحين تشخيص الهشاشة، فهناك ثلاث خطوات في العلاج:

الأولى ـ التغذوية، والاهتمام بفايتمين دي والكالسيوم.

الثانية ـ  الفيزياوية، التعرض الى الشمس.

الثالثة ـ العلاجات والتي تشمل علاجات هورمونية وغير هورمونية.

إن تشخيص سبب الإصابة بالهشاشة يعد مفتاحاً لعلاجها.