كـتـاب ألموقع

إضاءة على المشهد العربي في فلسطين (4)// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

إضاءة على المشهد العربي في فلسطين (4)

د. سمير محمد ايوب

الاردن

 

عرفاتنا الرمز ، مفترى عليه

قولوا ما شئتم ، عن عرفات القائد – الرئيس ، او ما يرضيكم ، او ما يتفق مع مرجعياتكم ، القريبة والبعيدة ، واجندتها العابرة او الدائمة .  ثرثروا ما بدا لكم عن توظيفه للمال السياسي ، بل وحتى عن ذمته المالية . ومعاركه السياسية فوق الحبال المشدودة بين التناقضات العربية . دردشوا كثيرا او قليلا عن محاباته الادارية لمريديه ، وارتطاماته السياسية مع اخصامة في كوكب فتح ، وفي المجرة الفلسطينية ، او في الكون العربي المتصارع .

 

كان رومانسيا ، واهما ؟!  ديكتاتورا متفردا مستبدا ؟! عجولا متعجلا قصير النظر ؟! كاذبا مناورا مخادعا مراوغا بتاع الثلاث ورقات ؟!  لم يلجأ كثيرا في عمله ، لمظان العلم ولم يستعن الا لماما بأهل الخبرة ؟! وأن كل المفرطين في المشهد الفلسطيني اليوم ، هم من حوارييه ومن صنيعته  ؟!  فلان وعلان وعلتان ، ممن يتقاتلون كالديكة بوقاحة وطنية ، على غبار كعكة مبسوسة مغموسة بالدم والوجع والوهم ؟! قولوا ما شئتم من هذا او من ذاك ، علنا او سرا ، بفصيح اللسان او تأتأة .

 

لا بأس من القول . قد نتفق مع الكثير او مع القليل مما تقولون . وقد نختلف مع الكثير او مع القليل مما تقولون . كلها قضايا محض شخصية . لم تمس بحق الشعب الفلسطيني ، ووطنه وقضاياه وثوابته المصيرية . ولم تمس ثوابث الامة العربية ، ولا اي حق من حقوق المؤمنين بالله وكتبه ورسله .

 

عرفاتُنا في محصلة أدائه كقائد ، كان إنسانا غير معصوم . بالنسبة لنا قائد يؤخذ منه بالطبع ، ويرد عليه .  نعم ، هو كبعض حكام العرب ، مارس ديكتاتورية المستنير احيانا ، واحيانا ديكتاتورية المستبد . ولكنه ، كان في الحالين ذكيا ، يعرف متى يكون مستبدا ، ومتى يكون مستشيرا .

 

ولكن عرفات الرمز ، زعيم النضال الوطني الفلسطيني المعاصر ، تميز عن الكثير من اشباه الرجال المتصهينين ، من فلسطينيين ومن حكام العرب ، بالبقاء ليس كمثله احد منهم . عاش بالمعنى الأعم وطنيا ، ومات وطنيا . عرفات لم يكن جاهلا ولا غبيا ، في ظلال بعض اوهامه السياسية ، نعم أخطأ . وعبث كثيرا بفعله وبفعل فاعل عربي . ولكنه في كل فعله ، حاذر الإقتراب من ثوابث الامة .

 

إستقرأ عرفات تجربة فلسطين مع حكام العرب . ومع مبادرة فهد في قمة فاس ، فهم المعادله . فقال قولته المشهورة " وقعت الفاس في الراس " . وأستقر ووقر في وعيه السياسي ، ان اشباه الرجال منهم ، يقولون ولا يفعلون . وان التسوية وما يطرح فيها من تفريطات ، بالتصريح وبالتلميح ، هي كلها ، من منظور حكام العرب ، واقع حتمي لإستمرار عروشهم .

 

فانتقل بعمله ومناوراته ، من الخطة الف المتكئة على الكفاح المسلح ، الى الخطة ب المتكئة على الكفاح السياسي الممزوج بكفاح مسلح غير معلن .لذلك لم يَئِد عرفات سلاح الجناح العسكري في فتح . ولم يقم بتصفية حركة حماس ولا الجهاد الإسلامي ، ولم يصادر سلاح الفصائل الاخرى . بالاضافة الى انه لم يصف ولم يأمر بتصفية ، ايا من رموز الكفاح المسلح . ومن قام بتصفيتهم الميدانية  ،هم ادوات واذرع العدو المحتل .

 

بفهلوة حساباته ، المفارقة لثوابت علم الصراع الوجودي وقوانينه ، فهم عرفات معادلة اوسلو على انها نسخة معاصرة من صلح الحديبية بين المسلمين ومشركي مكة .  صلح سياسي لحصار مكة وتملكها بالكامل . فلجأ الى مفاوضات سياسية فوق الطاولة ، وصواريخ من تحتها .

 

في العام 1998 ، شارك عرفات عرفات برفقة محمود عباس واحمد قريع في مفاوضات واي ريفربلانتيشن ، وحضور ايهود باراك عن العدو الصهيوني ، بحضور الراعي الامريكي الرئيس كلينتون ووزيرة خارجيته مادلين اولبرايت . حشر جميع الحضور عرفات في الزاوية ، لأجباره على صفقة تغتال القدس ، فرفض بإصرار . أستحصلوا  له عبر الهاتف المباشر ، موافقات كل زعماء العرب والمسلمين ، المعنيين بالقدس ، على صفقة الاغتيال . فتملص بذكاء وبإصرار . ساعتها أدرك الحضور ، ان عرفات قد خدع الجميع  ، بما فيهم اعضاء وفده .  واخذهم الى نفاق سياسي دون أن يوقف عمل السلاح ، بل عطله ورقيا .

 

إنفض السامر . بعد ان اتخذ كل الحضور قرارا موحدا . ملخصه الاسراع بإعدام عرفات غِيلَة . صادق الحضور ، بالتفاهم الصامت او المنطوق ، على القرار والمكلف بالتنفيذ والطريقة . وغادر كل منهم الى ما كلف به من مهام . انتظارا لساعة الصفر .

 

وتلك حكاية اخرى لها اكثر من تكملة .

 

الاردن – 22/12/2017