كـتـاب ألموقع

الشجرة: قصة قصيرة// د. ميسون حنا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. ميسون حنا

 

عرض صفحة الكاتبة 

الشجرة: قصة قصيرة

د. ميسون حنا

الأردن

 

1 رقص

الشجرة تتمايل بفعل الريح، نظر الجميع بإعجاب . قال أحدهم : الرياح تداعب الأغصان برشاقة لا مثيل لها . أقبلت راقصة من وسط الحشد ، وأخذت تتلوى وتتمايل بفن بديع . تحولت الأنظار إليها .

قالت الشجرة: تتحداني ؟!

قالت الراقصة: أبدا ... إنما الموسيقى التي تعزفها الريح تطربني وتفعل فعلها السحري ، فأتحرك دون إرادتي .

ابتسمت الشجرة بصمت وواصلت الرقص .

قال رجل للشجرة : وما يحركك أنت غير ضربات الريح ؟

قالت الشجرة : الريح لا تضرب أيها الجاهل ، إنها ترقص ، فتصيبني العدوى .

وبسرعة عجيبة تفشى الوباء ، وأخذ الحشد يتمايل ويتراقص ، وموسيقى الريح تتصاعد وتتصاعد ، ويتصاعد الرقص . رقصت الناس حدّ الإعياء . وأخيرا سقطوا على الأرض دون حراك ، بقيت الشجرة تتمايل وتنظر إليهم من عل وتضحك .

 

2 الريح

فكرت الشجرة في نفسها وقالت : أكل الدهر علي وشرب ، ولم أعد شابة ، والريح لا تفتأ تحثني بنغماتها لألج الحلبة ، وأُبدع بالرقص ، وما عدت قادرة عليه كما كنت أفعل فيما مضى   ، الرفق ... الرفق ... قالت الريح

: هذا الأنين الذي أسمعه له نكهة الألم الممزوجة باليأس والندم ، لا تبتئسي أيتها الشجرة ، الريح تحمل بين ثنايا ألحانها آلامك كما حملت فرحك فيما مضى .

قالت الشجرة : حسبك أيتها الريح ، إرحلي ، شبابك الدائم يثير نقمتي .

قالت الريح: قوة كامنة في أعماقي تشدني إليك بالذات ، دعيني أحملك ، لتكن حركاتك انسيابية بين ضلوعي وثناياي .

وبدأت الريح ترقص وتداعب أغصان الشجرة العابسة ، واستمرت بحركاتها الرقيقة تتغلغل بين الأغصان ، وعندما رأت ابتسامة تتسلل إلى ثغر الشجرة ، ابتسمت هي الأخرى ، وانسحبت بهدوء .

أما الشجرة ففي غمرة اندماجها بالريح أدركت أن أنينها يحمل بين طياته الأمل ، وأصبحت تنتظر الريح كل يوم ليندمجا معا ، والمدهش أن الريح أصبحت تشعر بكيانها مكتملا أثناء رحلة الإندماج مما جعلها تتفانى في عملها لتكون دائمة التجدد ، وأدركت أن شبابها الدائم مصدره شجرة ذاوية .

 

*****