كـتـاب ألموقع

• حيرة مشروعة !

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

                     الكلام المباح ( 13)

حيرة مشروعة !

 

لم تكفني مشاكل وحرقة قلب صديقي الصدوق ، "أبو سكينة" ، حتى ظهر لي "أبو جليل" ، ولأني اعرف طبيعة العلاقة المتينة بينهما ، " التأريخية " مثلما يقول أبو سكينة ، فأن ذلك حتم عليّ ان أتحمل كل شلعان القلب والرذاذ واحيانا الاحجار الخشنة التي تصلني من المعارك بينهما ، التي لا تنتهي ، بسبب أو بدون سبب، لكن دائما السبب الاساس لها ـ كما يقول ابو سكينة ـ يكمن في : أحوال السياسة في العراق واخبارها!

ابو جليل ، سمعه ثقيل ، بصره ضعيف ، أضافة الى كونه يذكرني دائما بطرفة رواها لي احد الاصدقاء عن والده ، كيف غضب مرة وهو يستمع الى بلاغات اذاعة الديكتاتور المقبور صدام حسين تتحدث عن خسائر المعارك في حربه مع الجارة أيران وتقول : (خسائرنا اربعة جنود بقصف عشوائي ... ) ، فصاح الوالد المسكين بغضب صادق : ( الله واكبر ، يعني لازم كل يوم يقصفونهم وقت العشا ! ) ... هذه المرة ، خلال زيارتهما الاخيرة لي ، لم ينتظرا دخول البيت ، الملاسنة كانت مستمرة طوال الطريق وتواصلت عند الباب. فهمت ان موضوعها السيارات المصفحة التي صوت مجلس النواب لشرائها بقيمة 60 مليار دينار، حيث قامت الدنيا ولم تقعد بسببها !

كان أبو سكينة يصرخ حتى يسمعه صاحبه : (أي مسؤولية ، يا ابو جليل ، هل تتذكر حين راح مئة من النواب ، دفعة واحدة ، الى الحج وتركوا شؤون الوطن والمواطنين معلقة ؟ ليش تستغرب ان يفكروا الان بحماية أنفسهم فقط ولا يفكرون بهموم المواطن ؟! ألا تقول لي كم تبلغ قيمة المصفحات ؟ وماذا يمكن ان تقدم الحكومة للمواطن بثمنها ؟ فقط قول لي ... !! )

كان ابو جليل وهو يرمش بعيونه الكليلة ، سارحا في جانب اخر تماما ، ترك ابو سكينة والتفت لي ليحاول كسبي الى جانبه : (كلما اسمع الاخبار في التلفزيون يتفتت كبدي . أقول لكم يكذبون علينا ليل ونهار. اقول لكم يكذبون . بروح الماتوا لك ، شوف عندك ... كل مرة يقولون صرح سياسي مسؤول "رفيع" المستوى ، بشرفك .. بناموسك ، أتصدق بهذا الكلام ؟! ) .

أحاول ان افهم ما يريد الوصول اليه ابو جليل ، فأهز رأسي علامة على التجاوب . فيواصل كلامه : ( ثم نشوف صورة هذا السياسي المسؤول الرفيع المستوى في التلفزيون ، فنجد أنه لا رفيع ولا بطيخ ، يحتاج عشرة مرافقين حتى يحزموه ويلزموه ، كأنه يأكل مع عميان ويحتاج يفتحون له الباب على وسعه ، على مصراعيه ، حتى يدخل ، وثم يقولون لك بكل بساطه أنه رفيع ! اقول لكم يكذبون ! ويحيرونا معاهم . سألت أبني جليل وشوفني بالانترنيت صور هذه السيارات المصفحة وابوابها الضيقة ... انا محتار ... لو أشتروا هذه المصفحات كيف ان هذا السياسي، النائب " الرفيع "، راح يدخل من باب المصفحة الضيق ؟؟!! ) .

طريق الشعب العدد 138 الأثنين 5 أذار‏ 2012