• رسائل متأخرة لبوش الإبن

حامد كعيد الجبوري

مقالات اخرى للكاتب

رسائل متأخرة لبوش الإبن

 

        كان من المفترض أن توجه هذه الرسالة للرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية بوش الابن ، وبما أنه خارج السلطة الآن فسأوجهها له من خلال رئيسه أوباما  ، يقول السيد بوش المؤمن ، أن حلما أيقظه من قيلولته ليقول له حرر الشعب العراقي من كابوسهم الصدامي ألبعثي ، وهكذا جهز جيشه ومعداته وأركبهم الجو والبحر للوصول الى العراق ، وواقع الأمر أن الجيش العراقي آنذاك لا يمكنه مقاومة أو صد مثل هذه الحرب غير المتكافئة عددا وعدة ، ومع ذلك يقول القائد الأسطوري المضحك المبكي صدام حسين ، سيرفع أحد الرعاة العراقيون بغرب العراق صما من التراب وينثره بوجه الجيش الغازي وطائراته ودباباته وجنوده ويقول شاهت الوجوه ، فسيندحر من هذا الصم الترابي جيش الغزو الصليبي ، علما أن مثل هذا الراعي لم يخلق مع الأنبياء والمرسلين ، ولا حتى منح الله أنبيائه مثل هذا التراب ، ولربما منح لصدام لست أدري ، والدلائل برهنت أنه مجنون فعلا بهذه الأوهام ولا يملك هذا التراب الرباني .

       يقال والعهدة على مؤرخي اجتماعات ما يسمى المعارضة العراقية حقبة صدام ، وأقول ما يسمى وأنا جاد بقولتي لأني وجدت أن هؤلاء المعارضون ناوئوا صدام ليس لصالح الشعب العراقي ، وإنما لمآرب شخصية تخص الكرسي والاستحواذ على المال العام ، يقال أن السيد الأمريكي خاطب المعارضين قائلا ، هناك حلين عليكم اختيار واحد منهما ، الأول نسقط رأس النظام وزمرة ال (55) ثم تتولون مهمة تنصيب من ترونه مناسبا للرئاسات وللوزارات وغيرها تدريجا ، وثانيا نسقط لكم النظام بكل معنى السقوط ، أي إعادة البلد الى ما قبل النهضة الصناعية ، فأختار العراقيون المعارضون الفقرة الثانية من هاتين المطلبين أو الطرحين ، وعلى رأس هؤلاء الموافقون دائما أحمد الجلبي ومسعود البرزاني ، وبالمناسبة لو أنهم أختاروا الشق الأول لكانت النتيجة نفسها لأنهم مع لاعب هيأ كل شئ لهذا الغزو الذي لم تمنح موافقته لأمريكا دوليا .

          أسقط النظام كما أرادت أمريكا وكما طلبت المعارضة العراقية من حملة الجناسي مثنى وثلاث ورباع ، وشاهدت بأم عيني أرتال الناقلات التي لا تحصى وهي تنقل العتاد العراقي المكدس في مخازن تمتد من محافظة بابل وصولا الى بغداد على الجانب الغربي للشارع ، ناقلات لا يحصى عددها محملة بهذا العتاد ومن مخلفاته والتي تسمى عسكريا بالخراطيش البرونزية غالية الثمن ، وكل هذه الناقلات تسلك خطا واحدا لا غير ، بابل – بغداد – جلولاء – الحدود الإيرانية ، وحين أقول ناقلات أعني وكأنها تسحب أحداها الأخرى متصلة كمسبحة ليلا ونهارا ، وطبعا هذا ما شاهدته مع علمي القاطع ان هناك مخازن أخرى تمتد على المساحة العراقية وتعلمون جيدا أن الطاغية المقبور جعل البلد مستودعا للعتاد والذخيرة والأسلحة ، ويقال أيضا وهذا ما لا أشك به أن الأحزاب الدينية الشيعية والسنية لجهات أخرى باعت أو قدمت لإيران هذه الهدية الأولية وسيلحقها الكثير ، وشاهدت الأكثر من ذلك ، مخازن وزارة التجارة نهبت بأكملها ورأيت بأم عيني أكياس السكر تباع بالقرب من معرض بغداد الدولي وسعر الكيس الواحد بألف دينار عراقي – عملة صدام الملغاة - ، ووجدت قطع السلاح تشترى من قبل أحزاب معينة وجماعات ميليشلية – على وزن الشوشلية - وأرهابية معروفة للجميع ، رأينا العجب العجاب ، أحدهم أشترى بندقية كلاشنكوف وقرر ثمنها ودفع ، قال المشتري ربما هي عاطلة ، أجابه البائع (عمي هاي جديدة شو جيب دنجربها) ، وفعلا وضع الشاجور بها وبدأ يطلق رشقات منها وأعادها للمشتري وقال له خذها إنها صالحة ، وثمنها خمسة آلاف دينار لا غير ، والشواهد أكثر من أن تحصى ، ناهيك عن كسر أقفال البنوك من قبل جيش المحتل لنهب ثرواته من قبل الناس ، والكارثة الكبرى هنا هي المتحف العراقي وكنوزه الحـضارية ، فالقادم الجـديد يريد أن يبـني عراقـا لا يمت لـجذره بشـئ .

      الرسالة التي أريد توجيهها لأوباما ومن خلاله لبوش قائلا ، أنك أنفقت أكثر من 900 مليار دولار أمريكي ، وسقط من جنودك أكثر من 4500 جندي كما تزعم إحصائياتكم ، وحرمت الجنود الأمريكان من العيش مع عوائلهم وزوجاتهم وعشيقاتهم ، من أجل حلم بقيلولة مزعومة ، ومع ذلك نقول لك نحن العراقيون نشكر لك هذا الفضل الوهمي ، ولكن لماذا دمرت قواتك الغازية كل الأسلحة العراقية ؟ ، كل الأسلحة أعني به من الدبابة وصولا للبندقية ، أتعلم يا سيادة الرئيس أن الجيش العراقي كان يمتلك من الدبابات والمدافع الحديثة ما لا يملكه حلف وارشوا ، يا سيادة الرئيس أن الدبابة الروسية T 92 لا يملكها في العالم آنذاك إلا العراق والإتحاد السوفيتي المنحل أيضا ، وهل تعلم أن المدفع السوفيتي ذو العيار 180 ملم والذي مداه 42  كم لا يملكه إلا العراق والسوفيت ، أن كنت جئت لتحرير العراق من نظام مستبد فاشيست فلماذا دمرت آلتنا العسكرية لتقص أجنحتنا ونصبح فريسة بيد الإرهاب والأحزاب على حد سواء ، رسالة متأخرة أضعها أمامك وأجزم أن جوابك وأن وصلت إليك فستقول هذا ما أراده سياسيوكم .