اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (293)- حديث عن الاسلوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

يوميات حسين الاعظمي (293)

 

حديث عن الاسلوب

لما كنا لا نخشى الحديث عن تطور التراث واساليب عرضه، فأننا نحاول ان نجمع بين مشاكل الاسلوب الادائي وملائمتها للاذواق كعملية استاتيكية ينبغي ان تؤخذ بعين الاعتبار بشكل جاد. ومشاكل المادة التراثية التاريخية الاصولية في مضمون المقامات العراقية، ومع ذلك فان الاهتمام بموضوع ثوابت ومتغيرات المادة التراثية والحديث عن تطويرها والابداع فيها، يثير المناقشات المعاصرة حقاً..! وبشكل مستمر وبحماس واضح، واكتفي بالاشارة الى المحاولات الابداعية التي انجزت في القرن العشرين والتي سبق أن القينا بعض الضوء عليها.

 

كثيراً ما نلاحظ ان المتخصصين والمتتبعين لشؤون اداء المقامات العراقية يولون أهتماماً متزايداً لاسلوب المؤدي الذي يجب ان يقترب من أسلوب القدماء كما مرَّ بنا. فمن حيث المفهوم المعاصر فأن ذلك لا يبعث دائماً على السرور. وفي بعض الاحيان يُـتصدى لهذه الاهتمامات وهذه الافكار من خلال النزعات التجديدية والابداعية من قبل البعض من المتخصصين او بعض من الجماهير ولو بشكل غير مدروس اوغير مقصود في بعض الاحيان. فيحدث عندئذ الصراع العتيد في كل عصر بين القديم والجديد. ولكننا نحتاج الان الى الهدوء في مناقشة هذا الموضوع، لان مسألة التفضيل بين بقاء القديم او التجديد فيه يجب أن تستند الى اسس منطقية وعلمية وجمالية، ليتسنى لنا توضيح الكيفية التي يمكن بها ان نتعامل مع تراثنا الغناسيقي.

 

قبل كل شيء، يجب ان ننتبه الى اننا نتعامل مع تراث مدينة وليس غير ذلك، لان المقام العراقي ولد ونما وترعرع ومورس في المدن كبغداد ومدن كردستان شمال العراق على وجه العموم، وتأكيدنا على هذه الميزة، هو أن تراث المدن يختلف عن تراث كل البيئات مثل بيئة الريف او البادية او الصحراء او السواحل او الجبال... الخ، التي تتميز بثبات تراثها من حيث شكله ومضمونه تبعاً لثبات الحياة فيها، والتي تكون فيها الحياة متميزة بالاستقرار المشوب بالرتابة الى حد الركود. لتبعدها عن ديناميكية الحياة السريعة المتغيرة في المدينة. وعليه فأنه يتبادر الى اذهاننا عند ذكر مصطلحات بيئة الريف او البادية او... او.. الخ، تلك الحياة البسيطة من زراعة او تربية حيواناتاو غير ذلك. وتبقى كذلك كما كانت قبل ذلك نفس المنحى في الحياة التي تتسم بالثبات، بيد أننا لو تناولنا مصطلح المدينة فأننا سنصطدم بادئ ذي بدء بحركة الحياة المستمرة في ديناميكية لا تتوقف ومستمرة، سماتها التطور والتغير والابداع وزيادة على ذلك ان المقام العراقي لم يترعرع في المدينة فحسب، بل انه ترعرع في مدينة بغداد عاصمة العراق منذ العباسيين فهي اذن مركز الفكر ومركز الثقافة ومركز الدولة ومركز الدوائر الحكومية والجامعات ومركز الحضارة والمدنية لانها عاصمة الدولة وملتقى كل البيئات، فهكذا حال تتطور فيه المجتمعات وتبنى الحضارات وتكثر الابداعات بشكل مستمر. اذن فالتراث الغناسيقي للمدينة جزء من مكوناتها ومكونات حضارتها، فلا يعقل لجزء منها يمسه التطوير وجزء آخر يبقى ثابتاً جامداً، فلا بد ان يكون الظرف الثقافي شاملاً وعاماً لكل مكونات واجزاء الحياة في المدينة.

وبهذا فأننا عندما نتحدث عن تطوير غناء وموسيقى المقام العراقي ذلك لانه تراث مديني متقبل لكل ما يطرأ على حياة وظروف المدينة من تغيرات، فما يحدث في بغداد أو كركوك أو الموصل أو مدن كردستان في شمال العراق بشكل عام يتأثر المقام العراقي بهذه الظروف بطبيعة الحال. نعود مرة اخرى بحديثنا عن أساليب الاداء المقامي، فأن الاسلوب الفردي للمؤدي تتجلى فيه تأثيرات متباينة في التعبير الروحي عن أسلوبه المبتكر، أعتماداً على ذوقه المتكون كما قلنا من نشأته وثقافته وفطرته...الخ، أي انه ينشأ بين اساليب انفرادية ابداعية منتشرة حواليه، ليكون بعدئذ من هذا المزيج المتباين من التعبيرات الروحية. الاسلوب الخاص به، بعض التجارب المساعدة له على ذلك فمنها اعتماده على الاساس اللحني لمسار المقامات التي مر الحديث عنه. ان المؤدي يبلور عموم هذه التعبيرات الروحية في ادائه للمقامات الى خصوصية  تعبيره ضمن اسلوب ادائه المبتكر. بهذه الجهود كلها نكون قد فتحنا بعض الابواب التي كانت موصدة في وجه التطور الادائي للمقام العراقي طيلة قرون عديدة. ومن جانب آخر يمكننا أيضاً الاعتماد على المتلقي المرهف الحس الذي يفهم ولو بشيء من التبسيط لدقائق الاداء. فالعمل كلية يرقى الى فهم وتوضيح قوة الاسلوب الادائي لاجل استنفاذ معرفة، او الوصول الى معرفة الافكار الابداعية والمشاعر والاعمال المختارة في سبيل تربية حاسة المتلقي وارهافها وتهذيبها، واذا لم يحدث هذا ولم يتحقق فأن دراستنا وتحليلنا للاسلوب عديمة الجدوى.

 

يوحى لنا عند سماعنا مقام الدشت المؤدى من قبل المطرب الهادئ حسن خيوكة، ان فيه الكثير من خصوصية الاسلوب الادائي وخصوصية التعابير التي اختص بها وتميز حسن خيوكة عن غيره من المؤدين، وقد وضع خيوكة في هذا المقام أضافة اخرى كتحلية لهذا المقام لم تكن من قبل وهي مقطع ملحن وموزون يتكرر داخل غناء مقام الدشت عدة مرات بنفس ابيات القصيدة التي اداها في هذا المقام.وهو بلا شك ابداع رائع يضاف الى خصوصية اسلوبه المبتكر الذي لم يكن قد حسب له حساباً من قبل على الارجح ..! واليك عزيزي القارئ مطلع القصيدة التي اختارها خيوكة لهذا المقام والمسجلة بصوته في اذاعة بغداد

(قد حلا نظمي ورق الغزل / من هوى قوم بقلبي نزلوا)

يؤدى بأنشاد موزون

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

حسن خيوكة/ مقام الدشت

https://www.youtube.com/watch?v=7WZtPNuC7tk

 

يوسف عمر مقام النوى

https://www.youtube.com/watch?v=4yZ3sZCYADs

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.