أطلقوا سيقانكم للريح (1)

مراد سليمان علو

(1)

بعد أن تغادرُ القناديلُ مائدتي،

أبقى وحدي،

أنزعُ عني جلدي،

أدخلُ خيمتي،

وأطلقُ العنانَ لدخانِ سيجارتي الأخيرة.

الدخانُ يبحثُ عن ريحٍ،

لتسافر في دنيا الخيال،

وفراشاتُ منامي البيضاءُ

تتجمع على رأسي وتأتيها نوبةُ سعالٍ.

(2)

يا بنو أمي،

حينَ تدعوكم الحياةُ،

لبُّوا ندائها بحبٍ.

لن تلبسوا رداءَ الفضيلةِ،

ويقودُ قافلتكم ثعبانٌ أقرع.

الحوارُ يكتبه أكثرُ من قلمٍ،

ما بالُ كلماتي لا تُسمع؟

هل خُتم في آذانكم الرصاص؟

لمرَّةٍ واحدةٍ،

فكُّوا وثاقَ العقلِ،

أغلقوا البابَ على القلبِ،

وأطلقوا سيقانكم للريحِ.

 (3)

تحضنني خيمتي،

أحتاجُ إلى خرافةٍ قديمةٍ،

وسماءٍ صفراءَ تطيعني.

أحتاجُ صوتاً،

وصحراءً تشبه (سيباي)،

تمنحني أربعينَ أربعانيةً من التيهِ (2)

لأتعرف على ذاتي.

(4)

أنا أولُ أرضٍ (3)

وأولُ قبةٍ مستديرةٍ،

أنا أولُ حلمٍ،

وأولُ أسطورةٍ،

أنا أولُ إنسانٍ مملوءٍ بالدهشةِ،

وأولُ نورٍ.

أنا أولُ روحٍ تتناسخ،

وقد شهدَ المكانُ،

وأيقنَ الزمانُ

أنني كنتُ أولَ ضحيةٍ.

(5)

ألقيتُ الريحَ من يدي،

لبستُ روحي.

كنتُ قابَ قوسينِ أو أدنى من الموتِ،

سرنا معاً، أنا وروحي، إلى المدنِ البعيدةِ،

غرقنا معاً في بحرِ (إيجهِ) (4)

عرفنا طعمَ النومِ،

كم كنا جميلينَ في أحلامنا يا روحي.

(6)

بكبرياءٍ،

أفتحُ رسائلَ الوطنِ،

أتسلقُ سواترَ الموتِ،

وأرتقُ شقوقَ السماءِ،

ولكنْ بكبرياءٍ.

(7)

لستُ نادماً،

القريةُ كانت لطيفةً،

الزمانُ كان حلواً،

العيشُ كانَ رغيداً،

والشرابُ في الكأسِ يلمعُ.

تماماً.. مثلَ نصلِ السكينِ التي تحملها،

تماماً.. مثلَ الكلماتِ التي أقولها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذه دعوة للهجر إلى بلاد الله الواسعة.

 (2) المتعبد الأيزيدي عادة يصوم أربعين أربعانية.

 (3) حسب آراء بعض المختصين بتاريخ الأديان: الأيزيدياتي أقدم ديانة توحيدية.