اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الحكم على النائب السلامي ركل للدستور وردع للبرلمان عن دوره// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب 

الحكم على النائب السلامي ركل للدستور وردع للبرلمان عن دوره

صائب خليل

 

قامت وزارة التجارة بسحب دعواها ضد النائب السلامي (انظر الكتاب المرفق) لتنهي الموضوع الخلافي بشكل قانوني وتخرجه من دائرة النقاش والاهتمام!

 

موضوع هذه المقالة بكل تأكيد ليس الدفاع عن النائب، فالموضوع اكبر من ذلك بكثير وخلل أشد خطورة وضررا على المجتمع. ومن بين كل ما قرأت، فأن الوحيد الذي قدم الاعتراض الصحيح على هذا الخلل (حسب علمي) هو النائب سعود الساعدي الذي لم يركز على إنصاف النائب المتهم كما فعل غيره، انما طالب "بالتحقيق في أسباب الاخطاء الفاحشة" التي تسببت في انتهاك الدستور، وطالب "بمحاسبة من تسببوا بهذا الانتهاك والخرق لنصوص الدستور والقوانين النافذة بما يحفظ للقضاء هيبته واستقلاله وبما يحافظ على سمعة السلطة التشريعية الممثلة للشعب العراقي بكل أطيافه". (انتهى اقتباس النائب سعود الساعدي)

وهذا بالضبط ما يجب ان يحدث، أما التراجع وإغلاق الوزارة للدعوى فسيزيل الموضوع من دائرة الاهتمام ويحمي هذا الانتهاك المهين للدستور والبرلمان، من الافتضاح المحتمل اذا استمر النقاش.

 

كذلك يبدو انه كان مقصودا أن لا يتم التراجع عن طريق القضاء (كأن يستجيب مجلس القضاء الأعلى لرسالة رئيس البرلمان بالنيابة – المندلاوي، الهزيلة ويلغي الدعوى) فالمطلوب كما يبدو أن يعطى انطباع بأن الحكومة والوزارة هي التي تفضلت على النائب وعفت عنه، وأنه لولا تسامحها "هذه المرة"، لبقي النائب مسجونًا رغم كل شيء!

 

بتقديري أن كل الأمر كان مسرحية ولم يكن السلامي نفسه هو المستهدف، بل المقصود ان تكون "جرة إذن" لمجلس النواب ولكل النواب وترهيب وردعهم عن ممارسة دورهم الرقابي، وإفهامهم بأنه لا شيء يحميهم، لا دستور ولا قانون ولا قضاء، وأن عليهم لضمان سلامتهم، أن يهتموا بمصالحهم ومتابعة الواسطات الفردية، ولا يزعجوا وزارات الحكومة!

 

إضافة الى الابتزاز المباشر فأن في نص رسالة الوزارة ابتزاز آخر غير مباشر، فهي تذكر انها سحبت شكواها "حرصا من هذه الوزارة على هيبة السلطة التشريعية وللحفاظ على العلاقة المتميزة مع مجلس النواب الموقر وبما يضمن استمراريتها بشكل يحقق افضل الخدمات لشعبنا الكريم" (انتهى الاقتباس).

 

إنه ابتزاز ضمني متعدد الأوجه. فالوزارة هنا تقول بشكل غير مباشر انها كانت قادرة على انزال الأذى بـ "هيبة السلطة التشريعية" وقادرة على الإساءة الى "العلاقة.. مع مجلس النواب الموقر" وأنها لو أصرت على حقها فهذا لن "يضمن استمرارية" العلاقة بشكل يحقق الخدمة للشعب.

 

في هذه الفوضى السياسية علينا ان نستعيد الحقائق البسيطة والخطوط العريضة وإلا نسيناها. فطبيعة "العلاقة" بين الوزارة ومجلس النواب ليست "علاقة صداقة" ولا يجب ان تكون! وهي ليست علاقة "متكافئة" لتتكلم الوزارة بهذه الطريقة، إنما مجلس النواب جهة منتخبة مباشرة من الشعب ومفوضة منه، وهو الذي يعين الوزارة ورئيسها ويستطيع اقالتهما، والوزارة ليست كذلك فهي لا تعين او تحل البرلمان. كما ان علاقة مجلس النواب بالوزارة هي علاقة رقابة من المجلس على الوزارة والعكس ليس صحيح. والوزارة بالتالي ملزمة ضمن هذه العلاقة الرسمية غير المتكافئة، ان تتعاون بكل الاشكال مع مجلس النواب وواجبه الرقابي. هذه العلاقة هي ما "يحقق افضل الخدمات لشعبنا الكريم" وليس علاقة صداقة ومودة ودواوين وبوس لحى او زعل وخصام!

 

الطريقة التي خاطبت بها الوزارة المجلس، تنم عن تهديد بتخريب هذه العلاقة إن تصرف المجلس بطريقة "غير ودية" معها، وهو خلل كبير جدا! فالعلاقة السليمة يجب أن لا تكون "ودية"! فـ "الود" يؤثر على الرقابة تأثيرا سلبيا! مجلس النواب ملزم امام الشعب الذي انتخبه فقط، وليس أمام الحكومة التي انتخب من أجل "مراقبتها"!

 

هذه الحركة ليست سوى جزء من التوسع في الاستيلاء على السلطات من قبل حكومة السوداني، وهي بقيادة وتوجيه جهة يمكنها ان تدفع بقاض إلى مثل هذه الإهانة للدستور، وتستطيع طمأنته بأن شيئا لن يحدث له!

ولتعرفوا حجم الخلل انظروا كيف يتكلم النواب مع مسؤولي السلطة في البلدان الديمقراطية وكيف يرتجف أي وزير أمامهم وهم "يستجوبوه" وليس "يستضيفوه"! - تلك الكلمة التي ادخلها سوء فهم النواب السابقين لواجبهم الى العمل النيابي، وهي عبارة مخربة لصورة العلاقة السليمة – علاقة المحاسبة بين مجلس النواب والحكومة! هذا الخلل في الفهم وهذا النقص في الصلابة واحترام التوكيل الشعبي للنواب، هو ما أوصل الأمر الى هذا الحال المهين للمجلس، وجعل من مثل هذه المسرحية شيئا ممكنا، بل يكاد يكون مقبولا.. فهكذا تتقدم الحكومات نحو الدكتاتورية بخطوات صغيرة لا تلحظ حتى يكون الوقت قد تأخر وسبق السيف العذل!

في مقالة قادمة سأناقش نص المحكمة الدستورية الذي اعتمد للدفاع عن موقف القاضي، وحاول ان يثبت بأن الحكم ليس انتهاكا للدستور.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.