اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مقتدى يضع قدمه في مستنقع التطبيع فكيف الرد؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب 

مقتدى يضع قدمه في مستنقع التطبيع فكيف الرد؟

صائب خليل

 

تجرؤ مقتدى على وصف القضية الفلسطينية وصراع المسلمين والعرب بوجه عدوان شامل وصريح ومستمر، يستهدف كرامتهم وارضهم وحياتهم، وبشكل خاص العراقيين الذين تعلن إسرائيل هدفها احتلال وضم كل أراضيه غرب الفرات، على وصف ذلك كله بأنه "صراع سوري إسرائيلي" يجب ابعاد العراق عنه، خطوة هائلة نحو تقبل اتباعه للتطبيع، وتزيد جرأة الآخرين على خطوات مماثلة، حيث تبني الواحدة على الاخرى تدريجيا، فيجري الأمر نحو هدفهم دون صدمة كبرى قد تهدد بصحوة وبرد فعل شعبي معاكس.

 

من أجل ذلك، خلط مقتدى عبارته المخزية بخليط من الكلمات العشوائية غير المترابطة، وضع بيها عبارة "لا تطبيع"، وكأنه يحاول بذلك تخفيف الصدمة والطعم المر لعبارته تلك، واضاعة القارئ ومنح اتباعه الفرصة لوضع دفاع ما إن تم احراجهم، والاحتفاظ بخط رجعة مع من قد تثيره تلك العبارة من هؤلاء الاتباع، لدفعه الى التردد بالخروج عن طاعته وانتظار القادم للتوضيح ومنحه المزيد من الوقت. ورغم ان اتباع مقتدى ينظرون الى وضعه تلك العبارة وبعض من امثالها في التغريدة، نظر ارتياح وشكر لتقليل احراجهم، لكنهم في الحقيقة يجب ان يشعروا انها إهانة لهم وخدعة، لا يمكن ان تنطلي إلا على محبيه المستعدين لتصديق مثل هذه الخزعبلات التي لا محل لها من الاعراب في التغريدة.

 

إن تغريدة مقتدى مليئة بما ينفر منه العقلاء ويتجنبه الكرماء. وله من الوقاحة ان يحاول اقناعنا أن المقاومة (التي يسميها بالاسم الذي اختاره لها الاحتلال: الميليشيات) التي تضرب المحتل، إنما تساعد على بقاء قوات الاحتلال، وأنهم يفعلون ذلك عمدا لأجل إبقاء الاحتلال لأنه ضروري لبقاء الميليشيات! فهل كنتم أيضا تضربون الاحتلال من اجل ان يبقى وتبقون يا مقتدى؟ أو ليس مهينا للعقل أن يدعي مقتدى ان قوات الاحتلال تعمل على الخروج بنفسها، بالضبط كما يروج عميلها الكاظمي، وان الضربات تؤخر خروجها، في الوقت الذي يصرح فيه الجنرال مكنزي قبل بضعة أيام ان لا خطة أمريكية للخروج من العراق، وتجري الخطوات لدخول آلاف إضافية من قوات الناتو الى البلد؟

 

ولو فرضنا الفرض المجنون الذي يريدنا مقتدى ان نقتنع به، وان ضرب "الميليشيات" لقوات الاحتلال يهدف لإبقائها، فلماذا لا تخرج هذه القوات لكي تحل "الميليشيات" نفسها، وما هي خطوات مقتدى "السلمية والدبلوماسية" التي اتخذها للدفع بالقوات الى الخروج ليخلص العراق من الاحتلال ومن الميليشيات معاً، وهو الذي يدعي الوقوف ضدهما معا؟

وجدير بالذكر ان هذا المنطق المراوغ، القائل بأن ضرب قوات الاحتلال يطيل بقاءها، هو نفس المنطق الذي يستعمله وزير خارجية الكاظمي، الكردي المعروف بانبطاحه التام للاحتلال واصراره على بقاءه، وهو ايضاً نفس المنطق الذي استعمله عملاء الاحتلال قبل أكثر من عشر سنين ضد مقتدى نفسه وتياره حين كان هؤلاء يضربون الاحتلال من اجل إخراجه!

لكن مقتدى الذي يقول اليوم ان ضرب الاحتلال يطيل بقاءه، لا يستحي في نفس الوقت ان يباهي انه هو من ضرب قوات الاحتلال قبل 15 عاماً وان الفضل في إخراجها من العراق يعود إلى ذلك الضرب والكثير من التضحيات الصدرية! فكيف يباهي الصدر بما يقول انه خطأ وعمل مشبوه ويدعو إلى ضده في نفس الوقت؟ إن لم تستح فافعل ما شئت، وفي رواية اخرى: إن كان اتباعك بلا رؤوس فافعل ما شئت!

 

إن مقتدى، البريء منه كل رجال ونساء آل الصدر الأبرار كما تثبت كل التسجيلات والوثائق الباقية عنهم، سيكون رأس حربة في مثل هذه الخطوات بما يتمتع به من حماية قطيع مقسم ألا يفكر ولا يقرأ ولا يسمع إلا ما يريده مقتدى ومن يسيّر مقتدى ان يفعل. وسيستخدم لكسر الحواجز النفسية والاخلاقية والواقعية التي تحمي العراقيين من خطر التطبيع، خاصة بغياب القيادة السياسية الواضحة المضادة للمشروع، وباختراق امريكي غير معروف الحدود للمؤسسات العراقية السياسية والامنية والعسكرية والمدنية وحتى الدينية.

 

إضافة الى كل تلك الاخطار، فأن احتمال اغتيال الاحتلال لمقتدى، خطر يخيم على العراق بشكل مستمر. فإذا وجد الاحتلال انه يستفيد من اغتياله أكثر مما يستفيد من حياته، وتمكن من إيجاد طريقة لاغتياله دون ان يتحمل مسؤوليته (وهو ليس صعب على الإطلاق)، وتحويله الى "شهيد" يتهم به جهة معادية للاحتلال، فلن يتردد بذلك. والسؤال الذي يجب على مقتدى (واية شخصية معروفة) ان يضعه امامه دائما: متى يكون تحويلي الى "شهيد" ممكناً، وقتلي أكثر فائدة للقوة المتسلطة؟ والجواب على ذلك يبدأ من خلال قدرة الاحتلال على توجيه الاتهام للجهة التي يريد الاحتلال اتهامها، وبمصداقية كافية. وبما ان الجهات التي يريد الاحتلال اتهامها هي التي تريد خروج قواته وتعارض التطبيع، فأن أي موقف صريح مع بقاء القوات ومع التطبيع، سوف يهيئ الجو لاتهام أعداء الاحتلال باغتياله، بدعوى مواقفه المعارضة لهم. ويبدو لي ان مقتدى قد سار خطوة كبيرة في هذا الاتجاه بتغريدته الأخيرة.

 

ورغم ان موقف مقتدى ليس مناقضا لمواقفه السياسية الحقيقية الأخرى منذ عشر سنين، إلا ان هذه الصلافة مؤشر خطير أن خندق التطبيع أصبح يستشعر بالأمان اللازم لدفع عملائه إلى هذا الحد من الوضوح في موقفهم. ومن المحتمل انه استعجل دفعه الى هذا الموقف لموازنة الانتصار النفسي الكبير الذي حققه "الصاروخ المنزلق" في نفوس كل المسلمين والعرب، وما يبدو من نتائجه من حراك قوي وخطير في الارض المحتلة.

وصدمة مقتدى تتطلب رداً يتناسب مع حجمها من قبل مثقفي العراق والشرفاء من الساسة والقادة. لكن المشكلة في هذا الرد أنه من ناحية يجب ان يستهدف الجماهير الكبيرة المغيبة التي تتبعه بشكل مطلق تقريبا، ويسعى لإيضاح الحقيقة لها قدر الإمكان. وفي نفس الوقت يجب عدم الانجرار الى مناقشة الدعوة التي أطلقها مقتدى للنأي بالنفس عن الصراع مع إسرائيل، واعتبارها "رأياً" قابلا للمناقشة والدحض، والسقوط في فخ "تحويل الخيانة الى وجهة نظر"، بل يجب معاملتها كإهانة وضيعة من خائن يكشف نفسه، ولا تستحق غير رد اشبه بالصفع والتوبيخ والازدراء. هذا التناقض صعب الحل عمليا بالتأكيد.

 

ومن الجدير بالملاحظة أخيرا أن هذا التصعيد في الخطاب الاستسلامي التطبيعي لمقتدى، يأتي في سياق حملة إعلامية مشبوهة يشارك بها كل مجندي واحباب المعسكر الامريكي الإسرائيلي في العراق، بالمناداة والدعوة لاحتضان ما اسموه "قوى الدولة"، والداعية تحديدا للابتعاد عن المقاومة بحجج سخيفة تحملها مسؤولية الفوضى في العراق وتغري العراقيين بحياة هانئة بدونها، وهو نفس الخطاب بالضبط الذي يستخدمه مقتدى في تغريدته، ومثل أية حملة تطبيع تدعو للاستسلام والتسليم، في التاريخ.

 

السيد محمد صادق الصدر: الشعور بالوحدة والتضامن مع الثورة الفلسطينية المجيدة

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.