اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تُراثنا الغنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (12)// سيمون عيلوطي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سيمون عيلوطي

 

عرض صفحة الكاتب 

تُراثنا الغنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (12)

سيمون عيلوطي

 

(الحلقة الثانية عشر)

من المُؤكَّد أنَّ اهتمام أهل الفنِّ عندنا بتراثنا الغنائي الفلسطيني كان ضروريًا، بل يُعتبر واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا، خاصَّة في ظلِّ سياسة الحكومات الإسرائيليَّة المتعاقبة التي لم تكتفِ بمعاداة كل ما هو عربي فلسطيني فحسب، بل قامت بسرقة الكثير من تُراثنا، فأصبح رغيف الخبر العربي، "بيتا"، "פיתה"، والفلافل، "פלאפל"، والحمُّص، "חומוס"، وغيرها الكثير، كما جرت عدَّة محاولات لأسرلة تراثنا الفلسطيني بجميع عناصره الفنيَّة، ومركَّباته التُّراثيَّة، وأدواته الزراعيَّة والصناعيَّة الفلكلوريَّة، حتى البيوت العربيَّة التي أزالتها الجرَّافات الإسرائيليَّة في قرانا ومدننا العربيَّة، فإنَّ حجارتها الناريَّة، "الماغماتيَّة" تمَّ نهبها أيضًا ليشيِّدوا فيها بيوتًا في قراهم التَّعاونيَّة "מושבים" التي أقيمت على أنقاض قرانا ومدننا العربيَّة في الجَّليل والمثلَّث والنَّقب، وأنَّ هذه السَّياسة لم تزل مستمرة، وبشكل مدروس، منذ قيام الدَّولة عام 1948، وحتى اليوم، وذلك بغية طمس وتغييب التُّراث الشعبيّ الفلسطينيّ لتأكيد مزاعمهم: (أرضٌ بلا شعب، لشعبٍ بلا أرض). تفيد المصادر أنَّ هذا الادِّعاء قام بالتَّرويج له زعماء الحركة الصهيونيَّة، في مقدِّمتهم: "إسرائيل زانجويل" و "ثيودور هيرتزل"، ישראלזנגוויל، ותיאודורהרצל. وقد نتج عن ذلك إحدى أفظع الكوارث الإنسانيَّة التي حدثت في القرن العشرين، حيث تمَّ ترحيل الفلسطينيِّين عَنْوةً عن أرضهم وديارهم. غير أنَّ الأقليَّة الفلسطينيَّة التي بقيَت متمسِّكة بأرض آبائها وأجدادها، استطاعت رغم سياسة الاقصاء والتَّجهيل والتهميش أن تحافظ على لغتها العربيَّة، وهويَّتها القوميَّة، وثقافتها، وتراثها، بما في ذلك تراثها الغنائي الذي نحن بصدده. 

  

إزاء هذا الواقع، لا أعتقد أنَّه يوجد بيننا من لا يثني على مجهود مطرباتنا ومطربينا الذين قاموا بإحياء هذا الترُّاث وحفظه من الضَّياع، ولا أنسى منهم من جعل هذا التُّراث الغنائي مشروع عمره الفنِّي، وأدَّاه بصدق وأمانة، مثل المطرب النَّصراوي خليل موراني الذي كرَّس فنَّه للأغاني النَّصراويَّة، أو مثل المطربة والباحثة سناء موسى التي لم تتوقَّف في غنائها عند منطقة فلسطينيَّة بعينها كما فعل موراني، بل انطلقت بشموليَّة نحور هذا التراث الغنائي، فغنَّت باقتدار أغاني المدينة، والقرية والسَّاحل جامعة بين مختلف مضامين هذا الغناء بشكل متقن ومدروس. "موراني" و "موسى"، من هذه النَّاحية، هما وحدهما، دون سواهما من وظَّفا جلَّ اهتمامهما لأغاني الترُّاث الفلسطيني، ما ميَّزهما في هذا المجال، لا سيَّما أنَهما لم يفعلا مثل غيرهما من المطربين الذين غنُّوا لأم كلثوم، أو فيروز، أو عبد الوهاب، أو وديع الصّافي، أو غيرهم، ثمَّ بعد ذلك عادوا إلى الغناء التُّراثي من باب التَّنويع، أو لمسايرة جهة ما، أو لشعورهم بالوطنيَّة، أو لسهولة هذا النَّوع من الغناء التُّراثي الشعبي المكوَّن من تراكيب موسيقيَّة بسيطة، وهو رغم ما فيه من سحر وجمال، إلَّا أنَّه لا يحتاج إلى مساحات صوتيَّة واسعة، مثل الغناء الكلاسيكي العربي، ولا يحتاج أيضًا إلى بروفات كثيرة، باعتبار أنَّ هذا الغناء التُّراثي تحفظه الفرق الموسيقيَّة، لكثرة ترديده، عن ظهر قلب. 

 

أسئلة لا بُدَّ منها:

أجد نفسي أمام أسئلة تلحُّ عليَّ في هذا الباب، وهي: هل يكفي ما قدَّمه الفنَّانون حتى الآن خدمة لتراثنا الغنائي؟، وهل يكفي أن نواصل تقديم هذا التُّراث كما ورثناه عن آبائنا وأجدادنا، وبنفس الأسلوب؟، ألم يَعُد التِّكرار مملًا، أو على الأقل لم يضف جديدًا على هذا التُّراث الغنائي الخالد؟ 

 

  سأحاول في الحلقة القادمة أن أجيب عن هذه الأسئلة، والله وراء القصد.  

https://www.youtube.com/watch?v=Xe9lhwOPYjI&list=RDQMmxcO8Ll03lM&start_radio=1

 (يتبع)

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.