اخر الاخبار:
اطلاق رواتب المتقاعدين لشهر تشرين الثاني - الأحد, 03 تشرين2/نوفمبر 2024 09:39
"انفجار عنيف" يهز قاعدة أمريكية في سوريا - الأحد, 27 تشرين1/أكتوير 2024 20:25
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• بساتين النخيل تستباح في البصرة *

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبد الرضا المادح

بساتين النخيل تستباح في البصرة *

 

  2010 03 29

 

                        ســلام على هــضبات العـــــراق

                                                        وشـــطيه والجــرف والمنحنـــى

                       على النخـل ذي السـعفات الطـوال

                                                       علـــى ســـيد الشـــجر المقتنــــى

                       علـى الرطــب الغــض اذ يجتلــى

                                                        كـــــوشى العروس اذ يجتنــــــى  *

 

عُـرفت مدينة البصرة منذ مئات السنين بأنها جنة البستان ، حيث تنتشر غابات النخيل على اراضي واسعة منها ، من بداية شط العرب عند ملتقى النهرين حتى جنوب منطقة السيبة قرب مصبه في الخليج ، وكانت الغابات تمتد بعيدا ًعن ضفتي الشط ، بفضل شبكة واسعة من الانهر والقنوات التي حفرت بسواعد الاف البصريين والزنج ، فاصبحت البصرة بحق جنة تجري من تحتها الانهار ، وكانت الشبكة تشكل مبزلا ًعظيما ًلتخليص التربة من الملوحة ، وبيئة صالحة لعيش الاسماك ، وجهاز طبيعي لتلطيف الجو الساخن ، ولم تقتصر الغابات على اشجار النخيل ، بل كانت تثمر فيها اشجار الرمان ، العنب ، التين ، السدر .... ، الطماطة ، الخيار ، الباذنجان ... واصناف عديدة من الخضروات .... وكانت كذلك موطنا ً صالحا ً للبلابل ، الببغاء ، الهدهد ، البط ، البجع ، النوارس ، الفخاتي ، زرازير البراري ، الخنازير ، القنافذ ، الثعالب وغيرها ، هذا بالاضافة للحيوانات المدجنة التي كان الفلاحون يربونها في بساتينهم من البقر ، الغنم ، الماعز ، الدجاج ، البط ، الخيل ، الحمير ، كما كانوا يربون النحل ليحصلوا على عسل ممزوج بحلاوة التمر .

هذه الصورة الجميلة بدأت تتشوه منذ بداية سبعينات القرن العشرين ، فكان قرار بناء معمل الاسمدة الكيمياوية على ضفة شط العرب وسط غابات النخيل ، طعنة في خاصرة النخيل تركت اثار سيئة على البيئة ، رغم تحذيرات المختصين حينها من كلية الزراعة في جامعة البصرة ، ثم توالت الكوارث نتيجة السياسات الغبية وكانت الطامة الكبرى ، هي الحرب العراقية الايرانية فأجتث النظام اعناق ملايين النخيل لتوفير ساحات لصولاته البدوية ، كما اجتث اعناق البشر وزج بالاف الفلاحين وقودا ًللحرب الهمجية ، بعدها خاض حرب رعناء اخرى لتستكمل بحصار لا انساني اسهم بتدمير البشر والارض .

استبشر العراقيون بالخلاص من النظام الهمجي ، ولكن الفرحة اغتصبت مرة اخرى ، فالتغيير لايجري برمشة عين ، خاصة اذا كان اصحاب القرار تربوا في ثقافة الحصار والفساد وقيم البعث التسلطية التي نخرت الروح الوطنية عميقا ًواصبحت قيم الانانية ، الجشع ، الاستحواذ ، استغلال السلطة للاثراء هي لغة القوم للاسف .

واليوم تستمر تراجيديا النخيل ، فانخفاض منسوب المياه في شط العرب نتيجة للسياسة المائية لجيران السوء ، ادى الى ارتفاع مياه البحر ونسبة الملوحة في التربة ، وطمرت عشرات الانهر والقنوات بسبب سياسة البناء الافقي الساذجة ، ونتيجة لذلك هجر الفلاحون الزراعة ، وهاجرت الطيور بلا عودة واختفت الاسماك من الانهر ، كما تنتشر في المدينة لافتات تعرض اراضي للبيع فتكتشف انها اراضي زراعية ( يستثمرها ) تجار العقارات ليحققوا ارباحا ًبالملايين ؟! حيث يشترون عشرات الدونمات الزراعية و يفرزوها لتباع كأراضي بطابو مشترك ، ثم يجري البناء فيها تحت عين الشمس بعد أن ازيل عنها ظلال النخيل ؟ ولا ادري كيف تسمح بذلك دائرة التسجيل العقاري في البصرة وكذلك البلدية وماهو موقف مجلس المحافظة من ذلك ؟  وهناك حديث في الشارع بأن بعض المسؤولين يمارسون نفس اللعبة ؟ بالتأكيد أن وزارة الزراعة تتحمل مسؤولية كبيرة في التصدي لذلك لانقاذ ماتبقى من ثروتنا المهدورة ؟

الصورة القديمة المرفقة تظهر غابات النخيل على ضفة شط العرب من جهة التنومة ، وياللكارثة فقد اختفى هذا المشهد الرائع واختفت معه انواع عديدة من التمور الحلوة المذاق ؟!

.........................

 

البصرة

 

* نشر المقال في جريدة طريق الشعب العدد 148 / السنة 75 .

** اضفت لاحقا ً الابيات الشعرية للشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري .

 

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.