اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

"قتلة زهرة القمر" .. نسخة حديثة جدا من شايلوك البندقية وموقف أخلاقي تجاه عنصرية هوليود.!// هايل علي المذابي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

هايل علي المذابي

 

عرض صفحة الكاتب 

"قتلة زهرة القمر" ..

نسخة حديثة جدا من شايلوك البندقية وموقف أخلاقي تجاه عنصرية هوليود.!

هايل علي المذابي

 

شاهدت حديثا فيلم "Killers of the Moon flower "؛ وهو يحكي قصة إبادة شعب الأوساج من الهنود الحمر، السكان الأصليين لأمريكا، على أيدي الأمريكان البيض، ورغم الأوبئة والأمراض التي كانت تحدق بهم إلا أنها لم تفتك بهم مثلما فتك بهم البيض.

 

تذكرت الروايات الست للانجليزية: جاين أوستن، أول ما كتب من روايات تناهض العنصرية في التاريخ، وربما لأن جاين أوستن بريطانية، ولبريطانيا يعود الفضل في اكتشاف القارة الأمريكية الشمالية، ولبريطانيا أيضا ينسب نفي كل المجرمين من داخل سجونها ومدنها إلى قارة أمريكا المكتشفة حديثا آنذاك كعقاب لهم ولتعميرها والوقوف في وجه السكان الأصليين، بل ولقد جلبت ما استطاعت من الأفارقة ونقلتهم بسفنها إلى أمريكا عبر بريطانيا بطريقة تجارية ممنهجة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الرق، وكل ذلك ليعملوا كعبيد لبناء العالم الجديد لدى أعتى المجرمين الذين تم نفيهم من أوروبا إلى أمريكا... فالذي وقع بحق السكان الأصليين من الهنود الحمر من جرائم إبادة لا يمكن أن يفعله إلا مجرم ليس له قلب.. ومازالت السياسة الأمريكية ضد شعوب العالم تؤكد ذلك..

 

أشارت بعض الحوارات في الفيلم إلى أخوية "الكو كلوكس كلان" وهي أقدم منظمة عنصرية معادية للأقليات في أمريكا، قامت أركانها معمدة بدماء الهنود الحمر، ثم السود الأفارقة، ثم الأقليات الأخرى في العصر الحديث..

 

وبالنسبة لدوافع الممثل روبرت دي نيرو لتقديم أهم دور في فيلم "قتلة زهرة القمر"، فثمة قصة لها تعود جذورها إلى سبعينيات القرن الماضي..

 

في عام 1972 كان الدور الأهم في حياة للمثل السينمائي العالمي مارلون براندو الفائز السابق بجائزة الأوسكار، وهو الممثل المعروف بسوء اختياره لأدواره في الفترة القريبة من هذا العام، وكان يحاول أن يقدم توجها واقعيا للسينما الأمريكية بعكس صورة البطل اللامع التي كانت منتشرة في فترة الخمسينيات والستينيات، وترشح براندو لدور"دون كرليوني" كبير عائلة كرليوني، وهو دور مهم جدا في فيلم الأب الروحي Godfather، وقد رفضه طاقم الكاست كله، إلا أن المخرج فرانسيس فورد كوبولا تمسّك ببراندو، وعلى عكس المتوقع أبهر مارلون براندو العالم بالدور الذي لعبه وتحول فيلم الأب الروحي للفيلم الأهم في التاريخ، حسب الاحصائيات النقدية، وحقق شهرة واسعة في العالم كله، وقد شهد الجميع بآداء برادو غير المتوقع، وأشادوا به وكان ذلك سببا في ترشحه لجائزة الأوسكار.. وفي عام 1973 وقبل توزيع جوائز الأوسكار بيوم واحد، سربت بعض الجرائد الفنية خبر إعلانا مفاده أن مارلون براندو  مقاطعٌ لحفل الأوسكار في ذلك العام بدون توضيح أي أسباب لتلك المقاطعة، لكن الجمهور اعتبروا ذلك الخبر مجرد إشاعة، ولم تعلق باعتبار أن حضور براندو لحفل التكريم بديهيا؛ وفي اليوم التالي وفي منتصف حفل التكريم، لم يحضر براندو ولم يكن له وجودا بين المدعوين، أهم وجه ونجم الحفل ليس موجودا، وعندما حانت لحظة إعلان الفائز بجائزة أفضل ممثل، فاز براندو بجائزة الأوسكار والمقدمين هتفوا بإسمه من أجل أن يصعد إلى المنصة لاستلامها، في تلك اللحظة تفاجأ الجميع بغياب براندوا وبدلا من ذلك كان هناك سيدة ترتدي الزي الفلكلوري للهنود الحمر أو السكان الأصليين لأمريكا، نهضت من على كرسيها وصعدت إلى منصة التكريم، ويأتيهم الخبر الصاعق أن تلك السيدة هي ساشين ليتل فيذر رئيسة منظمة الممثلين المنحدرين من الهنود الحمر، وتقترب فيذر من المقدمين لإعلان الجائزة وترفض استلام الجائزة، ثم تصعد على منصة إلقاء كلمة المكرمين لتلقي كلمتها القصيرة المشهورة التي تم تنبيهها وهي على المنصة تهديدا من قبل اللجنة بطردها من الحفل، وذلك من ألا تقرأ كلمة خطابها المكونة من ١٥ ورقة، وقد حدث ذلك وسط تصفيق البعض وعبارات الاستهجان العنصرية من البعض الآخر.

 

رفض مارلون براندو استلام أهم جائزة عالمية في مشواره الفني في ذلك الوقت، عن أهم دور في حياته، وأرسل السيدة فيذر لتقوم مقامه من أجل إيصال صوت الهنود الحمر عن حقهم المهدور ل٨٥ مليون مشاهد ومتابع للحدث، وهذا بسبب أن السينما والأوسكار في هذه الفترة كانت عنصرية تجاه المختلف عنهم، وصناع السينما كانوا يتعمدوا إظهار الهنود الحمر على أنهم متخلفين متوحشين وبدائيين وأشرار، رغم أن أمريكا هي المحتلة لأراضيهم، وكانوا يرفضون إسناد الأدوار المهمة لأي ممثل من غير الجنس الأبيض.

 

وبسبب السينما كان السكان الأصليين يعانون من الإضطهاد على أرض الواقع وفرض عقوبات عليهم وآخرها كانت محاصرة القوات الامريكية لناشطين هنود في ساوث داكوتا، واستطاع براندو أن يوصل رسالة للعالم لأول مرة عن قضيتهم، ونجح في هذا في النهاية لأثبات أن الفنان ليس مجرد أداة في يد المخرج إنما هو واجهة ومنصة لإيصال الأفكار.

 

يومها قالت ساشين ليتل فيذر في بداية كلمتها: "إنني أمثل مارلون براندو الذي طلب مني أن أقول إنه ممتن لكم على هذه الجائزة، لكنه يرفض استلامها، بسبب سوء تعامل الصناعة السينمائية في هوليود مع الهنود الحمر" ..

 

هذا الموقف الأخلاقي لمارلون براندو تجاه عنصرية هوليود السينمائية تجاه السكان الأصليين لأمريكا "الهنود الحمر" أمتد أثره إلى روبرت دي نيرو والذي حصل هو الآخر على جائزة الأوسكار بسبب ذات الدور الذي لعبه مارلون براندو في فيلمه الأب الروحي عن نفس الشخصية، وظل موقف براندو هاجسا يؤرق لاوعي دي نيرو، وقد أكد هذا الهاجس فعليا بعودته في نهاية هذا العام 2023 مجسدا التوجهات الواقعية لمارلون براندو في أعماله السينمائية، ومعبرا عن موقفه الأخلاقي تجاه عنصرية هوليود السينمائية وممارستها ضد الهنود الحمر، وبصحبة أهم رفاق مشواره الفني، وأهم مخرج في عالم هوليود مارتن سكورسيزي، وبمعية النجم ليوناردو دي كابريو، الذي يتقمص شخصية مارلون براندو في هذا الفيلم حرفيا من خلال طريقة حديثه ومن خلال تورم فكه الأسفل على طريقة براندو ذاتها في فيلم الأب الروحي Godfather، وكأن ثمة رسالة مبطنة في تفاصيل هذا الأداء، ليقدم هؤلاء الثلاثة للعالم قصة واقعية في فيلم "قتلة زهرة القمر" تناهض العنصرية السينمائية تجاه الهنود الحمر "السكان الأصليين لأمريكا" طيلة قرن من تاريخ السينما..

 

في فيلم قتلة زهرة القمر Killers Of The Flower Moon، أيضا قد يتعجب المشاهد مستنكرا لما يقوم به اليهوديان اللذان يقوم بدورهما ليوناردو دي كابريو و روبرت دي نيرو حيث يأمر العم الذي يؤدي دوره روبرت دي نيرو ابن أخيه الذي يؤدي دوره ليوناردو دي كابريو بأن يرتبط بالهنديةالتي تؤدي دورها ليلي غلادستون لأنها غنية، وهنا قد يضع المشاهد ألف استفهام.. نعم إنهم يفوقون شايلوك في مسرحية شكسبير تاجر البندقية جشعا ولؤما، وسيتسائل أيضا كيف أن مثل هذا يحدث مجاهرةً؟، لولا أن لليهود طبيعة خاصة وعادات وتقاليد عُرفت عنهم منذ القدم، فهم إن زوجوا أو تزوجوا لا يزوجون ويتزوجون إلا للمال أي هم قوم لا يؤمنون بالحب ومثل هذه الأشياء، ولا يهمهم الجمال مثل المسيحيين أو الحسب والنسب كما العرب قبل مجيء الإسلام الذي رفض كل ذلك وجعل الزواج للدين والخلق..

 

لا ننسى في ختام هذا المقال ذكر نيكولاس كيج المنبوذ من استيودهات هوليود بسبب فيلمه عن تجار السلاح حيث يصنع فيلما عظيما ينصف فيه السكان الأصليين لأمريكا واسمه معبر بوتشر، ومثلما تألق روبرت دي نيرو في قتلة زهرة القمر سار كيج على نسقه..

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.