كـتـاب ألموقع
• جرائم الدم

هاشم عبود الموسوي
جرائم الدم
متى نرى جثامين القتلة معلقة على أعواد المشانق ؟
من أولويات قوانين العقوبات ( ومنذ أن عرفت الخليقة ( سن و تشريع القوانين) أن تعتبر العقوبة الا جزاء لما اقترفت يدا الجاني ، والجزاء لا بد و أن يكون عادلا و لابد بالتالي من أن يكون متناسبا مع الأفعال المرتكبة . و لقد أدخل المشرعون الجرائم التي تمس الشعور الديني أو الوطني مع الجرائم المخلة بالأمن العام .. وبهذا أصبح القضاة أكثر شدة و قساوة في هذه الحالات مراعاة للشعور العام .
لقد سبق وأن نشرت مقالا يخص تجربة مررت بها قبل أربعين عام ..تحدثت فيه عن ولوجي في مجال الترجمة الفورية ، و اندفاعي فيها ، وذلك في اثناء اقامتي في المانيا للدراسة فيها . ومن خلال هذه التجربة ، أقحمت بالدخول الى عدد كبير من التخصصات ، والتي كان يجب علي أن أدرك وأتمعن في بعض جوانبها و مصطلحاتها ، لأتمكن من الايفاء بواجبي كمترجم فوري .. ورعم توقفي لفترة عن اكمال دراستي . الا انني أدركت فيما بعد ، أن تلك الفترة بالنسبة لي مضيعة للوقت .. فقد توسعت مداركي في كثير من ميادين الحياة و في عدد من التخصصات التي لم أكن أستطيع أ ن أحصل على فرصة للتعرف عليها ، لولا الترجمة التي أدخلتني أحيانا الى بعض دهاليز أسرارها .
لقد صادف أن أستدعيت من قبل بعض المحاكم للترجمة ، في بعض مجريات التحقيقات و المرافعات . وبهذا استطعن أن أطلع على بعض جوانب القانون و كيفية التعامل معه من قبل الحكام و المحامين .. وكنت أحيانا أستعين ببعض الكتب و الملازم لغرض الأطلاع عليها و معرفة جوانب هذا العلم الواسع ، وفهمت بعض الأحكام و تبريراتها من قبل القضاة الألمان بما يخص جرائم القتل العمدية المشددة ، مع سبق الأصرار. وقد فهمت بأن الأمان ( وعلى خلاف ما اطلعت عليه فيما بعد من وجهات نظر أوربية أخرى ) يرون أن سبق الأصرار عبارة عن الروية و التفكير ، والمقصود بذلك، هو أن يكون القاتل قد وزن فعله بصورة جيدة وبعلقية واعية ، قبل ارتكابه فعل القتل، والأضداد الناتجة عن فعله هكذا فان التفكير و الروية و ارتكاب الفعل يتحدان في ساعة واحدة.. و (هذا ما شاهدناه لدينا من اعترافات المجرمين الذين يقومون بالقتل و التفجير و لأكثر من مرة و بدم بارد، وبقناعة كاملة بأفعالهم ) .. وأنا أرى و على تواضع معلوماتي بالنواحي القانونية والقضائية الدقيقة ، ان سبق الأصرار يتكون كما علمنا من عنصرين هما : القرار المسبق ، وهدوء النفس ساعة اتخاذ القرار والفترة الزمنية التي تفصل لحظة اتخاذ القرار عن ساعة تنفيذه . في كل الأحوال ان طبيعة الترصد تنم على غدر الجاني ، اذ تعتبر كل القوانين ان طعن القاتل المترصد خصمه من الخلف يدل على الغدر و على جبن و لؤم الجاني . مما اضطرت كل التشريعات الى تشديد العقوبة على الجانب .اذا كيف يمكن لنا أن نحتسب هذا القتل الجماعي الذي يتكرر كل اسبوع بل أحيانا كل يوم ن ونحن نسمع ونرى من على شاشات التلفزيون عشرات من القتلة ،وقد وصلت أعدادهم الى الآلاف ممن يرتكبون أبشع الجرائم و يتم القاء القبض عليهم و يعترفون باجرامهم ، ويودعون السجن لمدد قصيرة ثم يعلن عن هروبهم أو اطلاق سراحهم ..بالرغم من صدور الحكم على الكثير منهم بالأعدام و اكتساب الحكم درجة الثبات .
ورغم كل المحاصصات و الأئتلافات السياسية المريضة التي تجري في وطننا .. بهذه الحالة لا يسعنا أيها السادة المتحكمين بالقرار في بلادنا ، الا ابلاغكم ، ان مجتمعنا العراقي على قدر ما نقدر، لم يعد يتقبل بعد فكرة الغاء عقوبة الاعدام خاصة ، و ان الله ، سبحانه وتعالى قد كتبها على المؤمنين كعقوبة قصاص .
وهل تعلمون بأن قانون العقوبات السويسري الصادر سنة 1937( المادة 112) .، والذي لا زال نافذ المفعول ، يشترط أن تكون العقوبة مشددة تصل للاعدام لجريمة القتل العمد والتي تدل على وحشية و قساوة طبع الجاني وخطورته على المجتمع .
ونحن المجني عليهم في كل يوم ، يا سادة يا كرام ، عجزنا عن مقاومة ارتكاب الجرائم التي تتساهلون بالتعامل معها ..فهل تملكون ضميرا حي لتدافعوا عنا ؟؟؟
ولتأخذوا عبرة لما حدث للمرحوم عبد الكريم قاسم ، وما جرى بعده من مآسي على الشعب العراقي، ولمدة أكثر من نصف قرن من جراء مقولته : ( عفى الله عما سلف ) .
اللهم أشهد انني بلغت .
المتواجون الان
616 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع