اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الكلام المباح (21) - معايير متميزة !!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

مقالات اخرى للكاتب

الكلام المباح (21)

معايير متميزة !!

كان أبو سكينة في فراش المرض واجماً ، يستمع إلينا نتداول تفاصيل الاخبار عن العمليات الارهابية التي جرت مؤخرا بالتزامن مع مراسيم زيارة الامام الكاظم ، واستمرار تردي عموم اوضاع البلاد في خلفية تواصل الكتل السياسية المتنفذة بالصراع والشد والجذب دون فعل ملموس على الارض يقدم للمواطن العراقي أفقاً لتجاوز الازمة التي يستغل الإرهابيون اجواءها بأفضل ما يكون لإلحاق المزيد من الأذى بأبناء شعبنا الأبرياء . كان أبو جليل يرتجف غضبا وهو يستمع الى زوجتي تقرأ له ما نشرته الصحف من احصائيات عن الانفجارات ، السيارات المفخخة ، العبوات الناسفة ، كواتم الصوت وأعداد القتلى والجرحى. من مكانه قال أبو سكينة : ( بس هذا ؟!) . شخصيا استغربت هدوءه في طرح سؤاله ، بينما رد أبو جليل بعصبية : ( ها خوية أبو سكينة يبين المرض أثر عليك ، شنو تشوف عدد الضحايا قليل ؟! ) . من أيام وأبو سكينة يلازم فراشه اثر وعكة صحية وأذ لاحظت انه صار يعتمد الهدوء في نقاشاته ، بدا لي ملتزما بنصائح الطبيب بالأبتعاد عن الاثارة والتوتر، لكني ـ عزيزي القاريء ـ اعرفه جيداً فمن المستحيل ان يترك تعليقا لأبي جليل يمر دون جواب ، فأغمض عينه اليسرى وقال بنفس الهدوء : ( ألم يقل أحد القادة السياسيين ان الخلافات الســياسية هي التي أثرت على الوضــع الأمنــــي ؟) قالت له زوجتي : (كثيرون يقولون هذا ؟ ) . أستعدل أبو سكينة في فراشه ومط رقبته : ( لا يا أبنتي ، هذا الفطحل العبقري لم يقصد ما تفكرين به .. أنا تابعت كل كلامه .. هو يريد اقناعنا بأن الانتقادات للعملية السياسية هي السبب ، وعليه وارتباطا بنظرية هذا الفطحل وبما قاله مسؤول أمني من "ان هذه العمليات لا تعتبر خرقا امنيا " ، أنا اعتقد ان عدد الضحايا قليل .. بل قليل جدا ويشكل أهانة للعملية السياسية في العراق الجديد ! ). بدا لي وكأن ابو سكينة يهذي بتأثير الحمى ، لكني اذ اعرفه جيدا واصلت الاستماع بأهتمام : (بما أن العملية السياسية معقدة ويستعصي حلها بسهولة ، ووفقا لتصريحات هذا السياسي الفطحل ، فان عدد الضحايا يجب ان يتناسب مع درجة أستعصاء العملية السياسية .. صعبه تفهمون ذلك .. شوفوا .. نحن في العراق الجديد متميزون بكل شيء .. نحن من البلدان التي تعاني من قضايا الفساد المالي والاداري ، لكن سمعة فاسدينا ـ والحمد لله ـ متميزة بين الفاسدين في العالم ... الفاسدون في العراق لا يسرقون ارقام بالاف ... عيب .. انهم يسرقون بالملايين والمليارات يعني ارقام متميزة ... وهكذا فأن عدد ضحايانا يجب ان يكون رقما متميزا حتى يمكن تسجيلهم كخرق أمني ... صعبة عليكم تفهمون هذه المعايير .. طيب .. ابسطها لكم .. حسب المعايير الجديدة .. أن أهل المواطن العراقي سيفتخرون اذا ابنهم صدمته سيارة ومات ، ولكن سيكون عيب عليهم ان يموت ابنهم اذا صدمه بايسكل ! )

عن طريق الشعب العدد 204 الأحد 24 حزيران‏ 2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.