اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• صهيل البرق..

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صباح كنجي

 

مساهمات اخرى للكاتب

صهيل البرق..

صهيل البرق يشرب نخب اغترابي.. ديوان الشاعر المبدع في زمن القهر (علي حمدان الفالح).. يحكي في قصيدة نثرية طويلة، قصة خياره وانتمائه وعشقه لقيم فكرية ترفعُ من قيمة الإنسان وتعظم شأنه، قيم تتبنى في مسعاها تحقيق متغيرات لصالح الكادحين وخلاصهم من الاضطهاد والقهر، فيواجه بالسوط ويلاقي من يحفر له ويسعى للخلاص منه ومن أفكاره ومثله.. لا لسبب إلا لكونه حالماً بحياة أفضل له ولغيره من البشر.. عشق قيماً فكرية وتمسك بها مختصراً في الإفصاح عنها فوصفها (بعشقه للآل) في استعارة رمزية للون الأحمر للدلالة على انتمائه الفكري لليسار وبيرق ثورتهم الحمراء.. بالأحمر الذي استعاره من اللغة التركية والصبغ الأحمر للخشب الذي كانوا يمتهنون حرفته في بغداد عهد الدولة العثمانية يعلنُ هويته التي حورب بسببها واعتبر بلوى قبل ضياعه في دهاليز المعتقلات التي دخلها ليبدأ مشوار قهره الذي تتناغم أبيات ديوانه في تصويرها محطة بعد أخرى فكان هذا الديوان/ القصيدة من الشعر القصصي الذي توقفنا عند محطاته نلج أبوابها مع علي حمدان الفالح ابتداء من...

(سر ضياعي

إني عشقت الآل

فتلاقفتني الدروب

واني لست نادماً يا خير محبوب)

ليبدأ صراعه غير المتكافئ مع السلاطين والأمراء والمستبدين المستحكمين بشؤون المجتمع في دولة السلطان مع مشوار ملاحقته ومطاردته ليعتقل ويودع السجن وزنزانات التعذيب.. هنا تبدأ صفحة أخرى دامية من معاناته في الأقبية و يتعمق عنده شعور يجعله يكتشف اغترابه داخل الوطن المكبل، الذي يصطاد أبنائه ويلقيهم خلف الجدران، ليتفسخوا ويمرضوا ويموتوا معزولين، لا يحس بهم احد ولا تصل إليهم يد منقذة.. فيعيش الشاعر هاجس الحذر والخوف والقلق متوتراً يسترجعُ في ذاكرته ماضيه وعلاقاته وأحبائه و يحتسب خطواته المرصودة من جلاوزة السلطان متمنياً.. ( لعل عيون السلطة تخطئني) .. بعد أن أصبح في نظر البعض مجرد بلوى يتحاشاه الناس، بعد أن وصفه الجلاد بالخائن الذي يستحق الموت.. فتردد النسوة ببلادةٍ وغباء من شدة الهلع في أحاديثهن حكاياته الخطيرة.. بلا وعي ينقلن أراجيف السلطة عنه فيتحول في نظرهم إلى بلوة يتجنبوها.. بلوه خلفها أبيه بحكم النسل..

(لغط النسوة

ما كنا نظن حمدان يخلف بلوى)

قبل أن يودع القفص ويسجن ويعذب ويعلق وينزف الدم و يقترب من الموت والتضحية بنفسه عبر.. (طريق مسرج في الدم).. يكتشف فيه فقدانه لرفاقه وأصدقائه.. طريق..

(ينحر

رفقتي

حولي في الظلام)..

وفي إشارة ساخرة للتعذيب وبشاعة الحال يقول ساخراً:(أعيتني الوقفة مقلوباً) كأنه مخير في هذا الوقوف غير مجبر عليه بفعل (السياط جارحة) بعد أن ألغى وجوده (الحارس القمعي) الذي جرده من أوصافه ولقبه واسمه فتحول إلى مجرد رقم عليه ترديده..

(احمل رقماً

بعد أن صادر المحقق اسمي

وإن أخطأته الذاكرة

تنهمر السياط

ماطرة جسدي)

وفق متطلبات التخاطب في أجواء القمع التي يتحكم فيها السجان و.. (يبتكر لغة في الزنازين) هي في واقع الحال صدىً لـ ( طبول الحروب) و لغة الموت الذي.. (يدور بين المقاصل والمقابر) ليعزف (لحن الذهول) فرحاً بتفشي الخراب.. ( في الشرق كل ألوان الدمار) من المادي المحسوس كـ..

(دوي قذائف

أزيز رصاص

موت وجوع )

ومنها لا محسوس ناجم من الوهم والتشبث بالسراب، عبر حكايات يرددها وتتناقل بين الأجيال ..

(كعجوز تحيك من ورم الغبار

في الظلال حكاية بائدة)

يحدث كل هذا بصمت ولا مبالاة.. تحدث الفظائع وتبتكر طرق للقتل والموت ويتفنن المستبدون في غيهم..

(في زمن يبجل فيه المجون

تهضمنا الثرامات

ذات القواطع في الأقبية

أو تفرقنا المقاصل

جثثا في الشطوط

والناجي منا

تعلبه السجون)

وتتواصل مهزلة الصمت واللامبالاة وعدم الاكتراث .. (تستغيث .. ولا مغيث .. والرمح كالجمر أوغل في الخاصرة) إلى حد يشترك البحر فيه (البحر غير مبال بموتاه .. غير مبال بقتلاه).. ويبقى السجين.. سجيناً يعد الأيام فيطول الزمن إلى حدٍ (صار السجن وكراً أليفاً..) له رزنامته الخاصة التي تسجل ..(التواريخ الصفيقة.. على حائط السجن).. لكنه لن يستسلم .. يبقى يسعى للخلاص حتى لو كانت عبر (حفرنا بالأكف المدماة أنفاقاً في الحجر).. وتجاوز (المحن المتواترات) ليقف يستعيد ذاته المسلوبة ويرفض أن يقاد .. ( كالوسيلة في يد الجزار).. فالسجن الذي سلبه الكثير من حقوقه الإنسانية، علمه أيضا الإصرار والثبات على الموقف ومنحه الثقة بالنفس وغرس في أعماقه اليقين بصحة الخيار ومواصلة الرفض..

( أورثني التساؤل

والغناء أورثني العذارى

والسوط أورثنا الرفض مذ كنا صغاراً

في الزنازين لغة وحشد شعب

لن يموت)..

وفي إشارة رمزية للإقطاعي وسلوكه الهمجي المستهجن المستلب لحقوق الناس وقوتهم.. المعادي للحرية.. المحرم للفن والغناء.. يتواصل الشاعر متدفقاً بشعلة الشعر يقاوم الملثمين والمستغلين للدين عبر هذه الاستعارة للمقارنة بجوهر الموقف وذات السلوك عبر استفهام واضح الدلالة في هذا المقطع البليغ ليسجل ليس موقفاً بل فصلا جديداً من حكايته و كفاحه من أجل الحرية رافضاً دكتاتوريات التوريث والاستبداد الديني..

(من ذا القائل....؟

من حق الإقطاعي

أن يصادر قمحي

أو يشطب اسمي

وان غنيت سوف اجلد

كون الغناء

في عرف الإقطاعي

حرام).

وكل ما يخرج عن ركبه..مرتداً

ويقام عليه الحد)

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

صباح كنجي

هامبورغ / منتصف آذار 2012

ـ صهيل البرق شعر علي حمدان الفالح مؤسسة الفكر الجديد 2009 العراق/ النجف

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.