اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• دعاء في زمن المحنة و التغيير ..

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صباح كنجي

مقالات اخرى للكاتب

دعاء في زمن المحنة و التغيير ..

الدكتور.... السوري من أشهر الأطباء المعروفين في ألمانيا .. هو للذي لا يعرفه ويتردد على عيادته طبيب في غاية الود يخلق علاقة مع مرضاه والمراجعين له من شتى البلدان ، يمكنك أن تلتقي في عيادته بالألماني والعربي و الكوردي والأفغاني والروسي و الإيراني نساء ورجال من مختلف الأعمار يراجعونه في حالات مرضية واستشارات طبية يسألهم ويجادلهم ويناقشهم ليحفزهم على تجاوز معاناتهم المرضية والإنسانية بأسلوب ودي قبل أن يكتب لهم الدواء والوصفات الطبية ..

الدكتور .... الذي تعرفت عليه من 15 سنة مضت مع بدءِ مراجعتي له نموذج إنساني راقي تحس به، قبل أن تتعامل معه بحكم المهنة التي تجمع بين طبيب ومرضاه ..

لم أكن بحاجة لأسأله يوماً عن ميوله الفكرية .. أو إنْ كان متديناً أو مؤمناً .. فهو من النوع الذي تحسُ بمشاعره دون سؤال .. هكذا تيقنتُ من شدة تعلقه بوطنه .. الوطن الذي حرصَ على زيارته ليقضي في ربوعه اياماً كلما سنحت الفرصة في عطله السنوية .. يفرح .. يحزن .. يتفاعل .. مع ما يرشح من أخبار وطنه .. المفرحة منها اختفت .. المؤلمة تفاقمت بعد أن تعقدت الصورة وعصيت على الحل .. لذلك تراهُ حزيناً كئيباً تكاد الدموع تطفر من عينيه وهو يستقبل مرضاه هذه الأيام ..

قال لي وهو يناولني كارت التحويل الى طبيب متخصص : ادعو لنا .. ادعو لنا كان الألم والحزن الشديدين بادياً عليه الى درجة لا توصف ..

عادت بي الذاكرة لسنوات المحنة في العراق .. حينما ضاقت بنا السبل ونحن نتجرع كأس القهر رغم مقاومتنا لدكتاتورية الاستبداد بكل الوسائل .. فقد انتصرت علينا آلة الدولة البوليسية العسكرية التي رشقتنا طائراتها الحربية ومدفعيتها البعيدة المدى بالصواريخ الكيماوية التي شلت قدراتنا على المواجهة وأجبرتنا على مغادرة شِعابِ الجبال الوعرة نحو البلدان المجاورة في آب عام 1988 .. إذ توجهتُ نحو سوريا منتصف تشرين الأول من عام 1989 بعد بقائي لأكثر من سنة وحيداً بين جبال كردستان اتجرع الجوع والموت كل يوم .

سوريا البلد الذي احتضننا في تلك المحنة موفراً لنا الآمان الذي فقدناه في الوطن الذي فديناه بأعز ما نملك وكانت النتيجة خراب شامل وبقاء لتواصل الاستبداد لسنوات قضيناها في المهاجر .. وحدها سوريا لم تكن مهجراً .. كانت وطناً آخر لنا نخلقُ فيه صداقات وعلاقات بنصف حرية ممنوحة لنا تكفي للتغلب على معاناتنا الاقتصادية مقارنة بما كان يعانيه المواطن السوري في وطنه ..

هاهي المحنة تدور ..

تدكُ القوات السورية الأحياء السكنية في منعطف الصراع المحتدم ويختلط الحابل بالنابل .. لتسير الدماء انهاراً ويصبح السوريّ رخيصاً لا قيمة له "يستحق " التخلص منه .. يفرض عليه الحصار وتقطع عنه خدمات الماء والكهرباء وشبكة الاتصالات ، وإنْ لم يرضخ لإجراء وأوامر العسكر وأجهزة القمع و الشبيحة .. يعذب .. يذبح ... يقتل ... تقطع اوصاله وتستأصل حنجرته ويرمى في القمامة !.. مع الصورة البشعة ثمة فصول عناوينها المَخفية .. اغتصاب .. حرق .. مسالخ بشرية ... قبور جماعية تنفذها ذئاب بشرية في وضح النهار ..

ذئاب تتقمصُ حِلة العروبة والدجل القومي .

وذئاب تتقمصُ عباءة الدين وغوغاء الأيمان .

وذئاب تتقمصُ حالة المعارضة والفعل المضاد .

لتصبح سوريا ساحة ومسرحاً وملعباً للذئاب ، غابة وحوش تتصارع فيها الأضداد.. أمريكا .. روسيا ..الصين .. السعودية .. قطر .. تركيا .. إيران .. ولا تنسوا دولة ما بعد حدود الجولان .

بين هؤلاء .. ثمة خطان متوازيان لا يلتقيان .. خط الاستبداد المتشبث بالسلطة رافضاَ التراجع .. يزج الجيش والقوات المسلحة في المدن .. يدكها .. ينسفها يدمرها .. يعتقد انه يحمي سوريا المختزلة بالرئيس .. الأسدُ باق .. الحزب باق .. الجيش باق .. بالقوة باقون .. وبالقوة سوف نمحو من يقف بوجهنا ويصر على معارضتنا .. انه منطق البقاء للأقوى مستمد من شريعة الغابة .. إنْ كنت ذئباً جباناً بالت عليك الثعالب .. الرئيس اليافع مازال في عنفوان شبابه وهيهات أن يتحول من ذئب الى ثعلب جبان .. يقال أن انيابه الحادة تعودت قضم العظام البشرية وبدأ يستسيغها ويخشى من إدمانه لها .

الثاني خط الجوع والعطش وانعدام الخدمات .. خط الحرمان والبؤس والذل الذي تفاقم ليتراكم منتجاً شعباً منتفضاً اعلن ثورته وحمل شعارات التغيير مطالباً بالرحيل .. خطاً يجمعُ الكادحين والعمال والشباب والمثقفين وكل من يتطلع للحرية والكرامة ويكافح من أجل التنمية للارتقاء من حالة الذل باحثاً عن وسائل تجديد تحقق شيئاً من العدالة الاجتماعية للمواطنين من دون رياءٍ في إطار دولة مدنية تكفل حقوق الناس دون تمييز .

خطان دخلا مرحلة الوقت الضائع من اللعب لا ينفعُ فيه الدعاء .. مع ذلك سأدعو كما طلبتَ مني .. خشيتي أن لا يستجيب إلهُ الكون لدعوانا بعدَ أن عِدنا لزمن الغابة وأصبح لكل منا الههُ الخاص .

هاهم ...

العروبيون في سوريا ... يرفعون من شأن الرئيس ليصبح الههُمْ يمجدونه يسجدون له .. لا يعصون امره حتى لو طلب منهم تدمير الشام ومدنها واحدة بعد الأخرى! .. عروبيون في السلطة مستعدون لتدمير البلد ... كل البلد من أجل الإلهِ الجديد الحافظ لسلطتهم .

فهل ينفع ان ندعو معهم لبقاء الرئيس ؟!! .

وإسلاميون .. اخوان و غيرهم .. ركبوا موجة التغيير و حملوا الراية بدعم من آل سعود في مكة والجزيرة ينشدون دولة دينية يستقدمون مفاهيمها من عصر ما قبل التاريخ .. دولة خالية من حقوق المواطنة و المساواة .. إلا مساواة النسوة المحجبات بالمبرقع الأسود ..

فهل ينفع أن ندعو لهم بالانتصار وتحقيق حلمهم ؟!! .

وشرذمة عصابات رأس المال المالي في عهد العولمة المتوحشة تبحث عن مصالحها واستحقاقات قوتها الاقتصادية التي تفرض اعادة النظر بالمفاهيم وتعيد تصديرها بمحتوى جديد .. تسمي التدخل العسكري تحريراً .. والحرب المدمرة للبلدان تدخلا لإنقاذ الشعوب .. تصدر الديمقراطية وحقوق الانسان لقاء ثروات البلدان .. تبيعنا ما لا نملك من مفاهيم العصر وتعيد ترتيب أوضاعنا .. وفقاً لسياقات عقولنا ومورثات ثقافتنا الصحراوية .

هل نقف معها وندعو لها ونستعجل الزمن لتحقق المزيد من النجاحات في اقصر فترة ممكنة حتى لو جلبت لنا المزيد من الخراب ؟!!.

مع هذا سأستجيب لطلبك .. سأدعو يا دكتور .. سأدعو من أجل سوريا وشعبها من أجل بقية الشعوب .. سأدعو كما دعوت منذ اربعة عقود مضت حينما حلمت في يافعة شبابي بعالم افضل متطلعاً نحو شعاع الشمس استمدُ منه وضوح الرؤيا واليقين .. يقين الخيار بأن عالماً افضل يمكن التحقيق .. لذلك سأدعو حسب طلبك هذه المرة من أجل سوريا وشعبها .

سأختار أولاً .. إلهُ الشمس الحمصي .. في قلب سوريا التاريخ والوطن الجريح الذي يئن من الوجع في هذه المرحلة المحتدمة النافثة للدماء الغزيرة وانتهاءً بآلهةِ الكون .. ليجنبوا سوريا والسوريين المزيد من الخسائر في طريق تحولها الى دولة تستجيب لقيم البشر .. دعوة ودعاء من أجل .

ـ ايقاف العنف .. كل اشكال العنف فوراً .

ـ دعاء خاص لإزالة الدكتاتورية والاستبداد و مخلفاته .

ـ دعاء مكرر لوجه السماء أن لا تدخل سوريا في حقبة دولة الاخوان الدينية .

ـ دعاء للجيش والقوات المسلحة .. هي امنية .. للتوقف عن تنفيذ الأوامر وقصف المدنيين العزل .

ـ ودعاء هو حلم من أجل مشاهدة سوريا الحرة في وضع افضل من التي هي فيه .. الشعب السوري يستحق وضعاً يليق بالبشر ..

ـ يا إلهَ الشمس الحمصي شل قدرة كل من يسعى لخراب سوريا ويريد للسوريين السوء .

ـ يا إلهَ الشمس الحمصي .. ارفع من الصدور الاحقاد والضغائن واعد البهجة للنفوس .

ـ يا إلهَ الشمس الحمصي أعدنا لمرحلة تليق بالبشر .. و انقذنا من معشر من يسعى لديمومة أيام الحشر .

ـــــــــــــــــــــــ

صباح كنجي

منتصف نيسان/2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.