اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

دُمْيَتِي أَمْ سَيَّارَتِي؟- قصة قصيرة// مارتن كورش تمرس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مارتن كورش تمرس

 

عرض صفحة الكاتب 

دُمْيَتِي أَمْ سَيَّارَتِي؟- قصة قصيرة

مارتن كورش تمرس لولو

الوالد والمحامي والقاص

 

أنا (سيمون مارتن) لم أكن أتوقع بأني في يوم ما بأنني سأفقد سيارتي التي ابتاعها لي والديَّ من أحد معارض السيارات، حديثة لم تلامس إطاراتها الشارع بعدُ، هدية صباحية ليلة زفافي على عروستي (ديانا) التي عشت معها قصة حب فريدة من نوعها لمدة سنتين قبل الخطوبة. وقع الحادث المروري لسيارتي بينما عائدٌ من الجامعة ومعي صديقي (أوكن زيا) حتى بدأت النيران تشتعل فيها ولم يكن بنا سوى النزول منها هربًا لكي ننجو بحياتنا، غدت تحترق أمام عيوني وأنا غير قادر على إنقاذها من بين ألسنة النيران المستعرة بشكل جنوني. لا أنكر بأن السبب الرئيسي كان ولا زال السرعة! لكن أن تموت كل محاولاتي بالإستنجاد طالبًا العون من كل المركبات المزدحمة على الطريق دون أن أحصل من أصحابها على أية مساعدة ولو بمقدار قطرة ماء! حاولت مع صديقي جاهدين أن نطفئ النيران بجهاز إطفاء الحريق الذي أحمله في سيارتي لكن وجدته هو الآخر مرتبكًا أكثر مني ولا يقوى على الزفير ولو لإطفاء لسان واحد من ألسنة النيران الملتهبة. لقد خارت كل قوى إنقاذ سيارتي مما جعلني أن أتركها مرغمًا وسط تلكم النيران كما يترك الطفل شادنه (صغير الغزال) الجميلة أمام ذئب لا يرحم!

لم يكن بيدي سوى أن أسلم مخيلتي لزمن الرجوع إلى طفولتي وأنا عائد من مدرستي إلى البيت وقد دخلت غرفة الإستقبال ووضعت حقيبتي المدرسية جانبًا واستلقيت على أرضية الغرفة المفروشة بسجادة الكاشان الإيرانية، لأنفرد بكل سياراتي الصغيرة أحركها كيفما أريد وقد عملت لها جسرًا من المسطرة ومرآبا من المحايات (مِسَّاحة) والمبردات (مقطاطة) وهي لحظات فيها يسرقني سلطان النعاس فأنام. لأجد نفسي بعد ساعتين وقد فِقتُ من نومة هادئة وأنا على سريري وقد غيرت لي أمي الحنونة ملابسي. إذا بهذه اللحظة تجتمع عبر الزمن في يومٍ آخر يجمعني مع والدي وهو يدخل إلى غرفة الاستقبال وهو يُكلم نفسه:

-    لا أعرف أين وضعت كوتيبيَّ، قانون المرور وقانون العقوبات!

إذا به يسحق بقدمه اليسرى إحدى أغلى سيارات لُعَبِي! فصرختُ باكيًا:

-    لماذا يا بابا؟

لأدخل في بكاء طويل! ليقف مندهشًا! وهو ينظر تحت قدميه، ثم يجلس القرفصاء ويربت على كتفي ويقول لي:

-    لا عليك يا بني. سأشتري لك واحدة أخرى أجمل وأحدث منها!

أجبته وقتها دون أن أنقطع عن البكاء:

-    لا أريد جديدة! أريدها هي نفسها.

ها أنا الآن أبكي على سيارتي التي كانت تقلني كل صباح من وإلى دائرة عملي، وكل مساء من وإلى الجامعة. سيارتي البيضاء التي رفضت أن تخلع ثوب العروسة حتى بعد إنتهاء شهر العسل. سيارتي التي كانت تجذب الأنظار إليها وأنا أقودها وإلى جانبي زوجتي ديانا. سيارتي التي لعب بزمارها كثيرا فلذة كبدي ( إيليامو) دون أن أوبخه. هذه مركبتي وتلك كانت لعبتي الصغيرة.

لكن شتان ما بين البارحة واليوم. ما بين الطفولة والشبيبة، ما بين المدرسة والجامعة، ما بين لُعَبي من السيارات وبين سيارتي هذه التي أراها تحترق مستنجدة بي ولا أقوى على إنقاذها. لذلك وسط حرارة النيران المستعرة فكرت لو كانت لي القدرة على أن أفتح صنبور عيوني على آخره وأوجه دموعي تجاهها، لعلها تخمد نزولًا عند حزن شاب بكى في طفولته على لعبته وهي تدهس تحت قدم والده! واليوم يقف خائر القوى أمام سيارته وهي وسط ألسنة النيران الملتهبة. أنا هو هذا الشاب المحب لعروسه، لحبيبته، لزوجته، لشريكة حياته، وهي جالسة على الدوام إلى جانبي وفي حضنها تحمل ثمرة حبنا، زواجنا وفلذة كبدنا إيليامو.

كأني أفيق من حلم من بعد أن التهمت النيران سيارتي وحولتها إلى رماد. صرخت من أعماق نفسي:

-    يا أبي لو كنتَ في الوطن لما حدث كل هذا! لو كنتَ هنا لما سمحتَ أن تسقط دمعة من عيوني، كنتُ على الفور أتصلُ عليكَ طالبًا نجدتكَ، عندها كنتَ ستهرع راكضًا حافيًا متحديًا ثقل ستين سنة عمر على ظهرك... أنا أعلم بأنكَ لست أسرع من أضعف ألسنة نيران، لكنني أعلم علم اليقين بأنكَ الحضن الذي أحتاجه الآن لألقي بنفسي فيه وأبكي من كل أعماقي! لتزيد في احتضاني وتمسح دموعي بردن قميصكَ الأبيض، كأنه لحية شيخ هرم أكل الدهر على ظهره وشرب، وتقول مطبطبًا على ظهري:

-    لا عليك يا بني. أشكر الله على نجاتكَ مع صديقكَ وخروجكما من الحادثة بسلام.

بعد أن تُخمد النيران، تراني مُحتضنًا من قبلكَ ونحن على الطريق سائران عائدان من تجربة وإلى البيت الذي فيه أمي وزوجتي خائفتان تبكيان وهما تتتضرعان إلى الرَّبِّ الفادي المخلص، عندها كنتَ تراني متحررًا من حضنكَ كي أمسك بيد حبيبتي وأحتضن فلذة كبدي، ثم ألقي بنفسي إلى أحضان أمي مع كل أثقال الحادثة، لأبدأ بسكب ما تبقى من الدموع في حضرة أمي. قبل أن تبادر يا أبي بمسح دموعي، تجد أمي قد سبقتك ونشفتها بثوبها الجديد الذي اشترته لتحضر به حفل زفاف شقيقي (سركون).

عودة تشبه عودتك إلينا في الثمانينيات من القرن الماضي من جبهات القتال، عودة جندي باسل، حمل الوطن على ظهره! وأنت تقول:

    دعنا نصلي ونشكر الرب يسوع المسيح "له كل المجد" على هذا الإختبار، الذي سمح به لكي نخرج منه بدرس بليغ.

كنت ستشرح لي الدرس هذا وأنت متفاؤل مؤمن بأن الرَّبَّ لم يتركني. لكنكما يا أبي ويا أمي لستما هنا. لكن هذا لم يجعلني وحيدًا. أبدًا. لأنكما دوما تُصليان من أجلنا أنا وشقيقي وشقيقتي لكي نكون محمين من قبل آبونا السماوي. أكيد كان الرَّبُّ حاضرًا وه الذي أخرجني مع ديقي من تلك الحادثة بسلام.

اليوم عرفتُ الرَّبَّ المعلم قبل أن أعرف قيمة الدرس. نعم لا أخفي عليكم بأن الدرس كلفني ماديًّا! لكني أعلم علم اليقين بأن حياتي أغلى. لك الشكر يا رَبُّ على نجاتي أنا وصديقي.

 

الوالد والمحامي والقاص

مارتن كورش تمرس لولو

ملاحظة: القصة حقيقية. شكرا للسيد المسيح الذي أنقذ ابني وصديقه من هذا الحادث المروري بسلام.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.