اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الإنتفاضة تكشف ما في داخل إسرائيل من قذارات// معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الإنتفاضة تكشف ما في داخل إسرائيل من قذارات

معتصم حمادة

فلسطين

 

أثارت الإنتفاضة جدلاً في إسرائيل كشف ما فيها من قذارات وأكد أن هذه الإنتفاضة صارت جزءاً من المعادلة السياسية الإسرائيلية.

لا تتوقف الإنتفاضة الفلسطينية عن إنجاز المآثر النضالية يوماً بعد يوم، إن في مواصلة الصدام مع قوات الإحتلال وعصابات المستوطنين، أو في تزويد المجتمع الفلسطيني بمزيد من الحيوية الكفاحية، عبر إحتضان الإنتفاضة وحمايتها، على الضد تماماً من تصريحات القيادة الرسمية التي تكشف أن ممارسات الأجهزة الأمنية مازالت ترتبط إرتباطاً وثيقاً بإتفاقات التعاون الأمني مع سلطات الإحتلال، وأن هذه الممارسات «تطور» نفسها يوماً بعد يوم على أمل أن تسهم في محاصرة الإنتفاضة وخنقها ووأدها قبل أن تتفاعل تأثيراتها اليومية وتتراكم لتستكمل إغلاق الطريق أمام سياسات أوسلو، وبحيث لا يتبقى إلا طريق العودة إلى البرنامج الوطني المرحلي بصيغته النقية، بإعتباره برنامجاً لحركة تحرر وطني لشعب تحت الإحتلال يناضل بكل الوسائل والأساليب من أجل الحرية والإستقلال والعودة وتقرير المصير.

من القضايا التي نجحت الإنتفاضة الفلسطينية في الكشف عنها، ردود الفعل الإسرائيلية، والتي بدأت، تحت الضغط اليومي للحركة النضالية الفلسطينية، تتنوع، بحيث بدأت، من داخل إسرائيل، أصوات تدعو إلى مراعاة الرأي العام العالمي، عبر التراجع عن بعض الممارسات الفاشية. وحتى ولو كانت هذه الدعوات، تهدف إلى «الحفاظ» على وجه إسرائيل «كدولة ديمقراطية»، إلا أنها في حقيقتها، وبغض النظر عن نواياها، أسهمت في الكشف عما في داخل هذا الكيان من قذارات وعفونة فاشية.

ولم يكن لهذه الأصوات أن تتصاعد، وأن تسهم، ولو بغير قصد في الكشف عن «الوجه البشع» للإسرائيلي [كما كشفت حرب فيتنام عن «الوجه البشع» للأميركي]، لولا الفعل الميداني للإنتفاضة الفلسطينية، ولولا قدرة هذه الإنتفاضة على كسب الرأي العام الدولي والإنساني، ولولا قدرتها أيضاً، على التأثير في داخل الكيان الإسرائيلي. فعمليات الصدام على أيدي مناضلي الإنتفاضة، وإرتكاب سلطات الإحتلال والمستوطنين الجرائم اليومية ضد شباب الإنتفاضة، وتصاعد موجات الكراهية والتمييز العنصري الإسرائيلي ضد كل من هو فلسطيني في الـ 48 أو في الـ 67، والإنزياح الإسرائيلي، يوماً بعد يوم، نحو اليمين واليمين المتطرف، كلها عوامل لها فعلها وتأثيرها في الحالة الإسرائيلية الداخلية. فأياً كانت تركيبة المجتمع الإسرائيلي، فإنه لن يستطيع أن ينجو بنفسه بعيداً عن التفاعلات السياسية والإقتصادية والإعلامية والثقافية التي تنتجها الإنتفاضة يومياً.

***

المحكمة الإسرائيلية المسماة بمحكمة العدل العليا، كانت من المؤسسات الإسرائيلية، التي لم تستطع أن تجاري السياسات الفاشية لحكومة نتنياهو، خاصة في ظل إتساع حركة المقاطعة في صفوف الأكاديميين الأوروبيين والأميركيين وغيرهم للمؤسسات الإسرائيلية، ما اضطرها، تحت ضغط الحدث اليومي، إلى الحرص على «سمعتها» ضمن الحدود المتاحة إسرائيلياً، فإتخذت في الأيام الأخيرة على لسان بعض قضاتها مواقف تدعو إلى وقف نسف منازل أبطال الإنتفاضة، كعقاب جماعي يمارس على عائلات هؤلاء الأبطال. صحيح أن المحكمة لم تسقط عقوبة هدم المنازل من حساباتها، لكن دعوتها إلى التمييز بين منزل خاص بالموقوف أو الشهيد، ومنزل عائلته، والكف عن ممارسة العقاب الجماعي، خطوة جديدة في حسابات القضاء الإسرائيلي الخاضع للنفوذ السياسي اليميني في إسرائيل.

وإذا كان بعض القضاة قد لجأوا إلى التوراة لتبرير مواقفهم بالقول «لا يعاقب الآباء على الأبناء ولا يعاقب الأبناء على الآباء. وكل يعاقب على خطيئته». فاللرد على الأصوات الفاشية التي تتخذ هي الأخرى من التوراة، غطاء لها، في إستخدام سياسي فظ للديانة اليهودية، على غرار ما هو سائد في منطقتنا.

مواقف بعض قضاة المحكمة العليا، دفع «هآرتس» للذهاب أبعد من ذلك، بالدعوة إلى الكف تماماً عن نسف المنازل لأن هذه الصيغة، وقد اعتمدتها السلطات الإسرائيلية طوال خمسين عاماً من إحتلالها للضفة والقدس والقطاع، لم تجدِ نفعاً ولم تنجح في «ردع» الفلسطينيين ودفعهم إلى التراجع عن نضالاتهم ضد الإحتلال والإستيطان.

***

إلى جانب أصوات قضاة في المحكمة العليا، وقف إبراهام بورغ، المسؤول الإسرائيلي العمالي السابق، موقفاً مشابهاً، حين نفى المزاعم الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي «يدافع» عن إسرائيل، وإن سلاحه «طاهر».  بورغ قال بالفم الملآن إن سلاح هذا الجيش ليس طاهراً، وأنه ليس جيش الشعب الإسرائيلي، لأن فئات كثيرة من هذا الشعب لا توافق على ممارساته، وأدان بورغ السياسات الإسرائيلية اليومية التي «حولت الفلسطينيين إلى عبيد» في خدمة إسرائيل وشعبها، معتبراً أن هذه الممارسات تندرج في السياق التاريخي لما إرتكبته إسرائيل من جرائم ضد شعب فلسطين منذ العام 1948 حتى الآن. ونزع بورغ عن الجيش الإسرائيلي صفة «الأخلاق» لأنه جيش إحتلال، ولم يكن لبورغ أن يتخذ هذه المواقف لولا  الدور الذي لعبته الإنتفاضة في إزاحة الستار عن وجه إسرائيل البشع، وعن كشف حقائق السياسات الإسرائيلية مقابل كم الأكاذيب التي تطلقها وسائل الإعلام العبرية.

إلى جانب بورغ، المعروف بليبراليته، تصاعدت أصوات شعارها «أنقذوا إسرائيل ــــــ أوقفوا الإحتلال»،  وهي أصوات ترى في مواصلة إسرائيل للإحتلال من شأنه أن ينخر مجتمعها وأن يغلب «الأصوات الكاهانية» كما قالت «هآرتس» على غيرها من أصوات النواب في الكنيست وخارجها.

«الأصوات الكاهانية»، هذه، والتي قدمت نفسها في سلسلة من مشاريع القوانين التي تغذي السياسات العنصرية في إسرائيل، دفعت بعض الأكاديميين كالبروفسور زئيف شترنهل، الباحث المهم في تاريخ الفاشية في العالم، إلى القول أن «الديمقراطية الإسرائيلية» بدأت تخلي مكانها للفاشية. ورأى كذلك أن ركوب الدبابات، والذهاب إلى غزة لتدمير المنازل والمستشفيات والمدارس على رؤوس المدنيين «فاشية أيضاً».

ومع ذلك فمازالت إسرائيل تحت هيمنة القرار والصوت الفاشي، ولعل موشيه أرنس، وزير الحرب الإسرائيلي السابق، واحد من هذه الأصوات التي لا تتوقف يوماً عن وصف الفلسطينيين بالإرهابيين، ولا تقرأ التاريخ سوى أنه تاريخ إرهاب فلسطيني ضد الوجود اليهودي في إسرائيل منذ العام 1921 وحتى الإنتفاضة الحالية. إسرائيل في موقف الدفاع عن الذات، والدفاع عن الذات يبرر للإنسان سلوك كل الأساليب التي تضمن حمايته من الإرهاب. يقول أرنس لذلك لا يرى أرنس، في إعدام الجرحى من الفلسطينيين، وإطلاق النار عليهم «لتحييدهم» سوى «عمل أخلاقي» يمارسه جيش الإحتلال. ويرفض أرنس الإلتزام بقواعد الحرب وقوانينها، وبالتالي فإن كل جريمة ترتكبها إسرائيل هي في ذاتها، كما يرى أرنس «عمل أخلاقي».

جدل إسرائيلي، أثارته الإنتفاضة الفلسطينية وهي تدخل شهرها السابع، وهو جدل، لم يكن ليثار لولا أن الإنتفاضة دخلت بقوة المعادلة السياسية الإسرائيلية

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.