اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• لم لايكون الكل (رهيف) ؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 
بشرى الهلالي

مقالات اخرى للكاتبة

لم لايكون الكل (رهيف) ؟

 

  لااعرف الرجل، ولم اسمع به من قبل، لكن اثارة قضيته على وسائل الاعلام جذبت انتباهي كما جذبت انتباه الكثيرين. ماذا لو كان قد قتل، اليس هو ابا واخا وابنا؟ الم يكن يعلم بانه قد يقتل، ومالذي دفعه لمواجهة كل المخاطر التي يدركها جيدا في زمن القتل؟ اهو ايمان بقضية ام نزاهة ام مبادئ نشأ وترعرع عليها هذا الرجل فلم يستطع وضعها تحت الكرسي كما فعل الكثيرون ممن تسلقوا الكراسي؟ كل هذه الاسئلة وردت في ذهني كما وردت في اذهان كل من علموا بقضية الدكتور رهيف، ربما اعتبره بعضهم بطلا، بينما اعتبره البعض الاخر مجنونا يقاتل طواحين الهواء، وربما ظن غيرهم بانه يبالغ في محاولته لاصلاح الكون بينما عليه ان يحني رأسه للريح و(يمشي الامور) كما فعل الكثيرون غيره ممن تقلدوا مناصب مهمة. وبعيدا عن كل ماقيل ويقال، وجدت في هذا الرجل جنديا يخترق الخطوط الامامية لمواجهة عدو ضخم اسمه (الفساد) ولم يتسلح سوى بسلاح وحيد طالما ارهق حمله ابطال العصور الوسطى والحديثة هو (الضمير). من المؤكد ان الرجل كان واعيا تماما لما يفعله لانها لم تكن المرة الاولى، فقد مضى عليه عدة سنوات منذ تولى منصب المعاون الاداري لكلية التربية وهو يواجه قضايا الفساد ويتحداها بكل شجاعة وصبر، اما نوع قضايا الفساد هذه، فهو ماسبق وتحدثت عنه كل وسائل الاعلام واثير حوله الجدل تحت قبة البرلمان وصدرت بشأنه القرارات، لكن دون جدوى!! فتزوير الشهادات صار جزءا من (برستيج) بعض كبار موظفي ومسؤولي الدولة، فكيف الحال بصغارهم؟

طيلة سنوات عمله، كشف الدكتور رهيف العديد من الشهادات المزورة لموظفين ومسؤولين، ورفض تصديق الكثير، رغم تلقيه العديد من رسائل التهديد والوعيد من ناحية واغراؤه بالهدايا والاموال الطائلة من ناحية اخرى. ولاتسلم (الجرة) في كل مرة كما يقال، فقد اضطر للوقوف بمواجهة شخص يعمل في وزارة الداخلية لجأ اليه للحصول على (صحة صدور) لشهادته المزورة، وعندما رفض الدكتور رهيف كل الاغراءات المادية وغيرها، وجد نفسه يتلقى رسائل تهديد ووعيد، وعندما لم يستجب لها ايضا، فوجئ بنفسه قيد الاعتقال بعد تعرضه للضرب امام طلبته وفي وضح النهار، حيث اقتيد الى احد مراكز الشرطة لغرض ترهيبه وربما قتله!!

 ربما الحظ هو من انقذ رهيف، وربما طلبته والاساتذه الذين شهدوا الواقعة والذين يكنون له كل الحب والاحترام حتى قاموا باضراب وامتنعوا عن اداء الامتحان، مما اوصل الامر الى وسائل الاعلام الى مكتب رئيس الوزراء الذي اصدر امرا فوريا بالتحقيق بالامر، حيث تم تحرير الدكتور المخطوف والقاء القبض على منتسبي الداخلية المتورطين في خطف رهيف. فهل هو الحظ فعلا، ام دعوات والدته واولاده، ام هي اعماله الحسنة ونواياه، ام هو الصدق والشجاعة التي مازال يمكن لها ان تحيا في بلد نخر اضلاعه الفساد الى الحد الذي اصبحت كل الممنوعات مباحة، وبالكاد يستطيع القانون ان يتنفس في دولة القانون.

فهل يقف الدكتور رهيف وحيدا في صف المقاتلين عن الحق، ام ان هنالك غيره الكثير ممن اضطر بعضهم لدفع حياته ثمنا لمبادئه؟ والغريب ان قضية رهيف، وان تكن مرت بسلام، لكنها مرت.. فلم يشر ايها الراي العام على انها قضية ارهاب للعقول والضمير، ولم تكلف وسائل الاعلام بتقديم تحية للرجل الذي كاد ان يفقد حياته ثمنا لايمانه بضرورة محاربة الفساد.

عندما كنا اطفالا، كان كل من نعرف يشبه رهيف، اباؤنا واخوتنا، عندما كان الصدق حقيقة، والشرف رجولة، والايمان مبادئ واخلاق، فكيف تغير كل شئ، ليصبح الدكتور رهيف وامثاله مخلوقات غريبة تطاردها جيوش الشيطان. ربما الخوف يمنع الكثيرين من ان يكونوا مثل رهيف، وقد يكون بعضهم معذورا في زمن الكواتم والعبوات اللاصقة والخطف، لكن الخوف مثل اي مارد، يتراجع فورا ان وجد نفسه وحيدا امام قوة الايمان التي لاتقهر، فكيف سيكون حال بلدي لو كان الكل مثل رهيف؟

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.