اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• لون أيّامنا الدامي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

بشرى الهلالي

 مقالات اخرى للكاتبة

لون أيّامنا الدامي

 

(الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام.. حتى الظلام، هناك أجمل فهو يحتضن العراق).. كلمات قالها السياب ولم يكن يعلم إنه سيأتي يوم يحتضن  فيه الظلام عقولا تغتال شمس العراق، وأن شمس العراق لم تعد أجمل من سواها، فقد ضمخ الدم جدائلها الذهبية واختلط وهج أشعتها بدخان البارود فلم   يعد الليل يميز النهار وضيع الغروب توقيته، فيوم الحزن طويل ياسياب، ولدى الباكين يتواصل الليل بالنهار. فكم يوما وضع الموت على بابه شمعه الأحمر في الاحد الماضي في كربلاء، وكم حياة توقفت في كركوك اليوم؟ ليس حياة من رحلوا أشلاءً مبعثرة دون أن يسعدهم الحظ بالنوم ولو في تابوت وهم يغادرون هذا العالم المليء بالموت، ليست حياتهم فقط، بل حياة طفل عاد مسرعا ليبشر أباه باستلامه الكتب في يومه الاول، فإستقبله عويل أمه الثكلى، وحياة أم قضت بعض النهار في طبخ أكلة يعشقها إبنها الشاب.. وقبل أن ينضج الطعام، رجف قلبها مع صوت إلإنفجار وتوقف وجيبه مع رنات هاتفها النقال، وحياة زوجة ربما كانت تفكر بلون الثوب الذي يفضله زوجها لتستقبله به عند عودته، فضرب لها (القتل) موعدا مع السواد، وربما حياة عاشقة وعاشق وزوج وأطفال لم يروا حتى جثة لأمهم التي ودعتهم الى مدارسهم بقبلة وإبتسامة وغادرت الى وظيفتها وهي تفكر بما سيفعله إبنها اليوم.

 

لم يختلف الأحد الدامي عن الأربعاء الدامي وعن مذبحة الصدرية والمستنصرية وقرى الموصل والبطحا وتلعفر والعاشر من محرم ومجمع الصالحية، وغيرها، تعددت أيامنا الداميات وطغت على ألوان الشمس والغيم والأحلام. انزوت كل الألوان الأساسية وغير الاساسية بعيدا أمام غزو الأحمر والأسود. فهل اختلف الموتى؟ ربما لم يختلفوا كثيرا في نظر تجار الخبر والسياسة وقنوات الإعلام، فهم عشرات أو مئات من الرجال والنساء والأطفال، مع التشديد على مخارج الحروف والكلمات التي يستعملها المذيع أو المذيعة ليترك الخبر وقعا في نفوس المستمعين ولتحصل قناته على سبق إعلامي وتغطية. فهل غطى الخبر جثث الأحلام التي تناثرت بين ركام الأشلاء؟ وهل وضعت جملة النهاية الحد لسيناريو الموت الذي أجبر العراقيون على أن يكونوا أبطاله؟ لم يكن لدى المسؤولين رد سوى إطلاق صفة (الدامي ) على يوم يحمل بين طياته موتا أكثر من غيره، لكن الموت واحد ياسادة، كثر العدد أو قل، فكم من الضحايا سقطت وكم من المفاوضات جرت من أجل حياة الطيار الإسرائيلي جلعاد، فهل سيتمنى كل عراقي لو كان جلعاد لتكون لحياته قيمة في عيون المسؤولين عن حياته؟ ولم يختلف المسؤولون في دولة إسرائيل (الموصومة بالإرهاب) عنهم في بلادي؟

 

جريد ةالناس /مركز النور

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.