كـتـاب ألموقع
قيّم الركّاع من (القضاء)// بشرى الهلالي
- المجموعة: بشرى الهلالي
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 31 آب/أغسطس 2015 19:30
- كتب بواسطة: بشرى الهلالي
- الزيارات: 2361
قيّم الركّاع من (القضاء)
بشرى الهلالي
تقول الحكاية أن شارل ديجول، حين دخل باريس بعد تحرير بلاده من الغزو الألمانى، سأل عن أحوال البلاد ومؤسساتها فأخبروه أنها بأسوأ حال، فسأل هل القضاء بخير؟ فقالوا نعم، فأجاب بقوله الشهير (إذا كان القضاء بخير ففرنسا بخير.. فهو الدعامة الأساسية للنهوض بالدولة). كذلك حدث مع رئيس الوزراء البريطانى تشرشل، أيام الحرب العالمية الثانية، حيث سأل مستشاريه عن حال القضاء في بلاده بعد أن وصل الاقتصاد إلى الحضيض، فأجابوه: أنه بخير.. فكانت مقولته المشهورة أيضًا (طالما أن القضاء والعدالة فى البلد بخير، فكل البلد بخير).
وصلتني رسالة على بريدي الخاص من احد القراء يروي فيها متألماً، ما مر به في محكمة الخالدية قبل أيام، حيث ذهب لعمل وكالة خاصة يخوله فيه والده بتسلم راتبه التقاعدي. لكن كاتب العدل رفض عمل الوكالة بحجة عدم توفر شهادة الجنسية الاصلية التي ضاعت بعد نزوحهم من الرمادي اثر دخول داعش. وبعد ان استنفد الرجل كل انواع التوسل والشرح، انسحب مستسلما، وقبل ان يدلف السيارة، أستوقفه احد رجال الشرطه ليعرض عليه اكمال المعامله مقابل١٠٠الف وخلال ربع ساعه فقط، فهل يعقل ان 50 او 75 او حتى 100 الف ثمناً مناسباً لبيع (العدل)؟
خلال الاسبوع الماضي، تناولت معظم البرامج التلفزيونية (اصلاح القضاء) الذي تحول الى مطلب جماهيري في تظاهرات الجمعة، وغالبية المتحدثين اجمعوا على انه (لدينا قضاء فاسد، وليس قضاة فاسدين)، فما زال معظم قضاتنا يتميزون بضمير مهني وجدية في العمل، لكن الفساد هو في المؤسسة القضائية التي تضع القوانين وتتحكم في سلوك القضاة وقراراتهم وتتدخل في قراراتهم، وتضع عليهم الجواسيس والمخبرين السريين. وهكذا فان قضاتنا (يمشون جانب الحيط)، وهذا أمر لم يحدث حتى في زمن النظام السابق الذي كانت فيه للقاضي هيبة وسطوة، وكان يستمد قوته من قوة القانون كماهي الحال في كل العالم.
وسط شلال الاصلاحات التي وضعها السيد رئيس الوزراء، لم تتناول أي من فقراتها موضوع القضاء، أمر غريب حقا؟ سيقول البعض لان السلطة القضائية مستقلة وليست من صلاحيات الدكتور العبادي، لكنه الان يمتلك سلطة كاملة بموجب الدستور، بعد ان خوله الشعب هذه السلطة، فلم سكوته عن القضاء؟
بات أمراً طبيعياً ان يتحول المسؤول او حتى بعض رجال الدين الى موضوع للسخرية، سواء في السر او في العلن. ولو حدث وأن عاد كل من شارل ديغول او تشرشل الى الحياة وزارا بلادي وسألا عن القضاء، فسنقول لهما: انه ليس بخير، لأنه ولأول مرة في تاريخ العراق، تتصدر صورة رئيس مجلس القضاء (رمز القضاء) صور الفاسدين في التظاهرات، يلطخ وجهه (صبغ الاسود) وتلقى عليها الاحذية، ويتحول الى مصدر للسخرية، عندئذ سيتنهد ديغول و يبكي تشرشل وسيقولان معاً: قيم الركاع من القضاء العراقي.. لن تقوم لبلدكم قائمة اذن…
بشرى الهلالي
المتواجون الان
222 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع