اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• أين انتهى الكتاب الأخضر أين معمر القذافي؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مصطفى محمد غريب

مقالات اخرى للكاتب

أين انتهى الكتاب الأخضر أين معمر القذافي؟

31/08/2011

 

التاريخ هو الحكم والفيصل ولن يرحم أحداً تضادد أو يتضادد مع الحقيقة وإن طال الزمن،والتاريخ يكرم الخيّرين من صانعيه أفراداً وجماعات ، وفي هذا المضمار يذكرنا انه قال كلمته سابقاً في النظام العراقي و يقولها مع الحكام الجدد الواعدين بالديمقراطية أولاً لكنهم اختاروا المحاصصات الطائفية والحزبية الضيقة وبدلاً من نقل البلاد إلى الاستقرار والأمان والرفاهية ازدادت المعاناة وكثرت المآسي، وقالها التاريخ الآن في تونس ومصر وليبيا وغيرهم وسيقولها في كل مكان لا تحترم فيه حرية الرأي وتحجب فيه الحريات الشخصية والعامة والديمقراطية..

تسنى لي أن ازور ليبيا وبالتحديد طرابلس مع أخ (لا ارغب أن اذكر اسمه لأسباب منها قد يكون رافضا) مدعوين لحضور اجتماع لمؤتمر الشعب العربي في وقت ارتفعت حمية البعض من الحكومات العربية بعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وكذلك الحرب العراقية الإيرانية وقضايا أخرى ، وفي ذلك الاجتماع الذي حضره العديد من القوى المعارضة العراقية حينذاك وفي مقدمتهم السيد مسعود البرزاني وأعضاء من المكتب السياسي للاتحاد الوطني والدكتور المرحوم سامي عبد الرحمن ( كان رئيساً لحزب الشعب الكردستاني ) وعدنان المفتي ومحمد الحبوبي والدكتور المرحوم ماجد عبد الرضا ممثل الحزب الشيوعي العراقي حينذاك وبعضاً من الأحزاب والأسماء التي لا أتذكرها ووفوداً من الدول العربية وأحزابها العاملة العلنية والسرية ومن أفريقيا وأمريكا اللاتينية ووفداً من الهنود الحمر الأمريكيين وشخصيات أوربية وأتذكر أن بروفسورا إنكليزياً حضر افتتاح المشروع المائي في الصحراء فقال " ضربوا في الصحراء فتدفق الماء كأنها عصا موسى ".

في أول يوم الافتتاح على ما أتذكر حضر العقيد معمر القذافي محاطاً بثلة من المجندات الموجودات في حمايته الشخصية وعزف النشيد الوطني الليبي وبعد أن اعتلى المنصة ورحب بالوفود أعلن عن وحدة ليبيا مع المغرب مما جعل الكثير من الوفود العربية تستغرب للفرق ما بين النظامين فليبيا جمهورية بينما المغرب دولة ملكية ثم الفرق بين الخطاب السياسي الليبي والخطاب السياسي المغربي ثم انتقل في خطابه حول المؤتمرات الشعبية الليبية التي كانت في حينها تعقد مؤتمراتها العامة ،وجلجل صوته في العديد من المرات يذكرنا بالكتاب الأخضر الذي أحدث ضجة ليس في الدول العربية بل في جميع الدول ومنها الدول الاشتراكية السابقة واعتبره الحل الشافي لمعضلات الشعوب والعالم وقال بالحرف الواحد " لقد حل الكتاب الأخضر مشاكل ليبيا والليبيين فهنا لا يوجد حاكم ولا محكومين الجميع سواء " ونصح الحاضرين بدراسته والاستفادة منه واستمر خطابه منتقلاً من قضية إلى أخرى حتى حط رحاله على المقاومة الفلسطينية ففاض وزاد على الفلسطينيين الموجودين الذين كانوا بالضد من معاهدة كامب ديفيد ومنهم الديمقراطية والشعبية وفتح الانتفاضة وموقفهم المشكك بالوحدة التي أعلنها معمر القذافي .

لم اكتف بالجلوس في فندق " باب البحر " هذا كان اسمه ولا اعرف إن غيروا الاسم أو بقى كما كان سابقاً وحاولت استغلال ما يمكن من الوقت بعد جلسات المؤتمر وبخاصة وقد أفردت لي سيارة ومرافق سائق مستعد لتنفيذ طلباتي في زيارة طرابلس فأخبرت السائق الدمث برغبتي الشديدة للإطلاع على البعض من المعالم وزيارة الأسواق والمحلات والأماكن الثقافية فاخبرني بابتسامته التي لن أنساها بأن ذلك أمر سهل للغاية وسوف ينظم ذلك وفعلاً بدأ بتنفيذ وعده وفهمت بعدها أن هنالك تحذيرا لهم بعدم تعميق العلاقات مع الوفود وفعلاً بدأت جولاتنا في أرجاء العاصمة وزرنا الأسواق " ومنها أسواق كبيرة ومتطورة وأماكن ومحلات عامة عديدة ولفت انتباهي أن جميع العاملين فيها ليسوا من الليبيين وخاصة الخدمية منها وحاولت مع مرافقي فهم هذا الوضع فكان قليل الكلام يحاول التخلص من بعض الأسئلة بشكل دبلوماسي رقيق وكنت أدرك وضعه ووضعي أيضاً لكثر ما رأيت من إجراءات أمنية منذ دخولي الطائرة وحتى وصولي إلى الفندق فالرجل من رجال الحكومة ولا اعرف نوع وظيفته لكنه كان بشوشاً وواعياً، دافئاً بكل ما في كلمة الدفء من حرارة وعمق ولهذا لن اذكر اسمه حفاظاً على تلك المودة والثقة التي أولاني إياها عندما كنت أتحدث عن الأحزاب في بلادي وبلدان أخرى وعن القضايا العربية وقضايا عصرية تتسارع ومواقف الحكام من القضايا المهمة التي تجابه الشعوب العربية فقد كان يهز رأسه موافقاً وفي الوقت نفسه حذراً، ولم اكتف بهذه الزيارات الخاصة التي وفرها لي مرافقي لأن مؤتمر الشعب العربي وفر لنا زيارات ميدانية لمدن أخرى ومنها مدينة سرت الجميلة كما وفرت لنا فرصة الالتقاء مع وفود عربية وغير عربية والإطلاع على الأمور المخفية، كما جرت لقاءات مع منظمات ليبية في مقدمتها اتحاد المنتجين الليبيين الذي كان بديلاً لاتحاد النقابات الليبية، وأتذكر ألآن أننا دعينا لحضور الاحتفال بالفاتح من سبتمبر في الساحة الخضراء وجلسنا في المنصات القريبة من منصة معمر القذافي والبعض من أركان نظامه ووفوداً عربية وافريقية حيث استعرض أمامنا سلاح البحرية قدراته والسلاح البري بدباباته وصواريخه المحمولة وكانت الطائرات تحلق فوق رؤوسنا جميعاً.

خلال جلسات المؤتمر ومنذ الجلسة الأولى قدمنا طلباً لإلقاء كلمة تخص الأوضاع في العراق وسياسة النظام الدكتاتوري داخلياً وخارجياً لكن الطلب أهمل بشكل غريب وعندما ألححنا على طلبنا أتضح لنا أن رئاسة الجلسات لديها ملاحظات حول صعودنا المنصة وإلقاء الكلمة حول الأوضاع في العراق وتبين ذلك من خلال طلب دكتور لبناني كان المنسق بين جلسات المؤتمر (نسيت اسمه) قد اخبرنا ناصحاً أن هناك آراء تقف بالضد من إلقاء كلمة بخصوص الأوضاع في العراق والاكتفاء بتقديم الملاحظات والمقترحات وبهذا تركنا الأمور تسير واكتفينا باللقاءات مع الوفود والشخصيات التي حضرت المؤتمر وفي آخر جلسات المؤتمر تمت المصادقة على الوثائق والتوصيات والبيان الختامي ولم تحمل أي إدانة أو تلميح للأوضاع في المغرب وكذلك العراق مع تجنب الخوض بشكل جدي بالأوضاع الفلسطينية .

في ذلك الوقت لم أجد ذلك الحماس لدى الشعب الليبي الذي كانت تتناقله وسائل الإعلام الليبية والبعض من وسائل إعلام أخرى عربية وغير عربية في تأييده للكتاب الأخضر أو ما كان يحدث من جدل حول الطريقة التي تدار فيها البلاد، فعلى الرغم من تغيير أسماء المناصب الحكومية والحديث عن الشعبية بتغيير أسماء السفراء وغيرهم فقد ظل المواطن الليبي بعيداً عن القرار السياسي وقد أقول بالتأكيد أن أكثريته كانت معزولة عن الصخب الذي يصور في وسائل الإعلام ، وقد لمست بعدما قال لي مرافقي عن البعض من الوفود ـــ سيدي هؤلاء مستفيدين مادياً من هدايا معمر القذافي، وعندما استفسرت عن الهدايا قال لي موضحاً بإشارة من يده ـــ يا سيدي ، وعندها أدركت أن هناك من كان يقبض ويدعي وقيل بعد ذلك عن اكتشاف المدعيين الذين ادعوا بأحزاب وتنظيمات قوية ما هي إلا دكاكين لا تتجاوز أصابع اليد لكنهم كانوا مرتزقة همهم هدايا معمر القذافي التي كانت تسرق من فم الشعب الليبي ، وعندما كنا نتجول حول طرابلس وسألته عن أطنان من الزبالة ولماذا لا ترفع أو يجري التخلص منها لأنها تنقل الأمراض قال ضاحكاً وساخراً في ذلك الوقت ـــ سيدي الكتاب الأخضر سيحل مشكلتها، وبعد صعودنا في الطائرة عائدين قلت للأخ الذي كان معي

ـــ تعرف أني اكتشفت من خلال اللقاءات والزيارات وكلام المرافق النقدي أن أكثرية الشعب الليبي في وادي والكتاب الأخضر ومعمر القذافي ومؤتمراته الشعبية في وادي آخر، فتمتم طالباً مني عدم الخوض في هذا المجال متحججاً أن نائب الرئيس حافظ الأسد حينذاك "زهير مشارقة" كان جالساً غير بعيد عنا تفصلنا عنه حوالي خمس مقاعد بالتتالي ..

إن انتصار الثورة الليبية وتضحيات الشعب الليبي كشفت عورة ليس النظام الليبي فحسب بل أكثرية الأنظمة العربية التي كانت تتغنى بحب الشعب لها، وأكدت الثورة فعلا أن الكتاب الأخضر لم يحل أية مشكلة وان معمر القذافي الذي يقول أن لا منصب لديه فهو وعائلته يملكون جميع المناصب ومليارات الدولارات واليورووات وقد تكن أيضاً جنيهات إسترلينية حسبما نشرته وسائل الإعلام ،وظهر أن الشعب لا يملك شيئاً سوى هرج ومرج معمر القذافي وهو لا يحبه كما يدعي والا كيف ذلك وهو الآن مطارد يفعل المستحيل لإنقاذ نفسه، وعلى ما يبدو أن " زنكه .. زنكه " طبقت عليه وكلمة الجرذان التي أطلقها وصاحَبته منذ البداية وحتى النهاية.. ومن حقنا أن نسأل لعل السؤال يستفيد منه الحكام الضالعين بمعاداة شعوبهم والذين يتصورون أنهم باقون إلى الأبد بواسطة القتل والاضطهاد وحجب الحريات

ــــ أين انتهى الكتاب الأخضر؟ وأي مشكلة حلها هذا الكتاب الرميم؟ وأين معمر القذافي؟

إنه حكم التاريخ عظة لمن لا يتعظ.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.