اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

محمود صبري.. نصف قرن من الابداع في براغ -//- رواء الجصاني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

في ذكرى رحيله السنوية الاولى

محمود صبري.. نصف قرن من الابداع في براغ

توثيق ... وشهادات

رواء الجصاني

أمضى المفكر والفنان الرائد محمود صبري، حوالي نصف قرن في العاصمة التشيكية - براغ، منغمراً في البحث والتنظير والابداع، كما وفي النشاط العراقي العام، والسياسي المباشر منه، وكل ذلك يتطلب – كما نزعم – توثيقاً ملموساً، لذلك التاريخ الشخصي الثري من جهة، والوطني الحافل، من جهة ثانية. وهكذا فان هذه الكتابة ومحاولة التأرخة، قد تروح، وحسب، حافزاً، ومحفزاً، لجمع من المعنيين والمتابعين والاصدقاء، لاضفاء المزيد والمزيد من التفاصيل ذات الصلة بالراحل الجليل... وإذ ندلو بدلو في ذلكم الكم الجزيل والوفير، نثبّت ان ما سيرد عن الفترة 1963 الى 1979 قد اعتمد على وثائق وأوراق جمة... ثم، ومن الفترة 1979 وحتى تاريخ الرحيل المؤسي، للفقيد، في الثالث عشر من نيسان 2012 فجاء اعتماداً على معايشة مباشرة، ومشاهدات ملموسة...

في الشـــأن الوطنــي

فور وصوله إلى براغ، أوائل العام 1963 يشارك محمود صبري، وبجزالة، في مهام اللجنة العليا للدفاع عن الشعب العراقي التي تشكلت بعيّد انقلاب الثامن من شباط، البعثي، الفاشي، في العراق. وقد ترأسها كما هو معروف، الجواهري الكبير، وضمت جمعاً من الشخصيات السياسية والثقافية البارزة ومنها: نزيهة الدليمي، فيصل السامر، ذو النون أيوب، صلاح خالص، وكذلك جلال طالباني لفترة محدودة، ممثلاً عن الحركة التحررية الكوردستانية... وقد تولى الفقيد الجليل في تلكم اللجنة، رئاسة تحرير مجلتها "الغد" التي صدر منها ثلاثة أعداد، كان من ضمن موادها، الدراسة المقارنة، المهمة، التي كتبها حول الفاشية والعفلقية(1) .

وفي شؤون ذات صلة، وابداعياً هذه المرة، يؤرخ محمود صبري في براغ لبعض من نضال شعبه العراقي، وحركته الوطنية، عبر اثنتي عشرة لوحة بالزيت، صدرت بألبوم موحد عام 1964 ومن بينها عن الشهيد حسين الرضي (سلام عادل) سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الذي أعدمه الفاشيون عام 1963 . وقد كان ومحمود صبري في علاقة شخصية، وسياسية وطيدة، منذ أواسط الخمسينات، وفي إطار التمهيد لحركة الرابع عشر من تموز 1958... (2)

ثم يستمر المفكر والفنان المبدع في اهتماماته، بالشأن الوطني، على مدى العقود اللاحقة، ونشير هنا من بين ما نشير اليه:  بحوثه ودراساته، وكتاباته، وحواراته السياسية، المنشورة أو المسجلة، ولقاءات الشخصيات الوطنية معه، ولقاءاته معها، خاصة وان العاصمة التشيكية براغ كانت مركزاً أممياً، للشؤون النظرية على الاقل، للحركة الشيوعية العالمية، من خلال مجلة قضايا السلم والاشتراكية، الى جانب مقرات ومراكز : الفيدرالية الدولية للنقابات، ومنظمة الصحفيين العالمية، واتحاد الطلاب العالمي. وقد كان في جميع تلكم المنابر، من يمثل قيادة الحزب الشيوعي العراقي فيها، اولى العديد منهم اهتماماً  بأفكار محمود صبري، وآرائه التجديدية والتنويرية. بينما اعتبرها عديد آخر، من أقطاب السياسة، الماركسيين آنذاك، خارجة عن المألوف السائد، والمقبول، على أبسط وصف...

كما  ونوثق لمحمود صبري أيضاً في هذه التأرخة الموجزة، الكثير من النشاطات المباشرة، ومنها في الندوات والمؤتمرات والفعاليات السياسية والفكرية، في براغ ولندن وغيرهما، ومن أبرزها مشاركته في مؤتمر المعارضة العراقية في بيروت عام 1991 لمناهضة نظام  صدام حسين الدكتاتوري. وايضاً دراسته التي لم تنشر كاملة عن التجديد في الفكر الماركسي (3). . وكذلك ما شمله الحوار الموسع معه بعنوان "واقعية الكم بين الفلسفة وعلم الجمال" والذي نُشر في بيروت عام 1981(4) ... ذلك فضلاً عن تفاصيل أخرى نشير لها، وهي تحمل مؤشرات عميقة في مدلولاتها، ومنها: الجدال بين علماء اجتماع وسياسيين من ممثلي قيادات أحزاب شيوعية حاكمة، مع محمود صبري، حول نظريته "واقعية الكم" وعلم الجمال الماركسي، وذلك في مقر مجلة قضايا السلم والاشتراكية، ببراغ، أواسط الثمانينات الماضية . وكذلك مناظرة الراحل الجليل حول التجديد والتنوير والجدال الماركسي والبريسترويكا، مع  الشخصية الوطنية – الشيوعية، زكي خيري، في ندوة لفرع رابطة الكتاب والصفحيين العراقية، نظمت في  براغ عام 1988(5). كما نشير في السياق نفسه، الى المقترح الابداعي الذي قدمه محمود صبري لقيادة الحزب الشيوعي العراقي  في اواخر الثمانينات ، بتجديد شعار الحزب، وذلك بأن يكون للقلم، رمزاً للمثقفين، مكان وسط ، بين مطرقة العمال، ومنجل الفلاحين، ولم يحظَ المقترح، كما يبدو بالقبول، وإلى اليوم (6). كما كان الفقيد، الى جانب كل هذا وذاك  حريصاً، جهد ما سمح به الوقت والانشغالات، على حضور الكثير من الفعاليات المحلية في براغ، وخاصة الجماهيرية والديمقراطية العامة، كالندوات والمحافل التضامنية والمناسبات الوطنية والاستذكارية (7).

ومما هو حري بالتأرخة أيضاً – باعتقادنا – التنويه ولو الموجز، إلى اهتمامات الراحل الجليل، بعهد ما بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003... وتطلعاته الى عراق جديد، وقد واكب المفكر والمبدع الجليل مختلف التطورات، مقيّماً بالايجاب، التحولات المدنية والديمقراطية، ونابذاً لما شهدته البلاد من مآس ودمار. مع التأكيد هنا بأن تلكم الشخصية الوطنية الرائدة، لم تلقَ الاهتمام الحكومي الرسمي بها لا من قريب أو بعيد، كما نشهد على ذلك، وبثقة .... باستثناءات محلية محدودة في براغ، الاولى قبل رحيله، والثانية بعده(8) .

في الشأن النظري، والابداعي

... وكما هي اهتمامات، ومثابرة محمود صبري، الوطنية والسياسية المباشرة، يبرز مثيلها في الشأنين النظري – الفكري، والابداعي، ولا شك فثمة مشتركات وتداخلات بين المضمارين.  وهكذا ايضا كان للفقيد الجليل محطاته المتميزة، بل والرائدة في براغ، وأهمها: اطلاق "اعلانه" عام 1971 ذي الشأن بنظريته "واقعية الكم" . وقد اقام في براغ ايضا عام 1972 معرضاً حول تلكم النظرية التي ترتكز على ارتباط الفن بالعلم والمستقبل، والتي أثارت، وما برحت الى اليوم، جدالات واهتمامات عديدة ومتشعبة لدى المختصين والمتابعين، العلماء والسياسيين وغيرهم.

وتتوالى المحطات والنشاطات ذات الصلة، بأشكال متعددة، ويتداخل فيها الابداعي مع السياسي، وبحدود متشابكة، كما اسلفنا... فهناك لوحتان من أعمال الراحل- الخالد، في خزائن الكاليري الوطني التشيكي... وهنا علاقات وطيدة مع المبدعين التشيك، وغيرهم من المثقفين والفنانين العراقيين والعرب، الحريصين، والذين لا تكتمل زياراتهم الى براغ إلا باللقاء مع "الأستاذ" صبري... ذلك ان لم تكن تلكم الزيارات مقصودة له فقط، تأرخة وزيادة معرفة، وتعلماً. ونشهد شخصياً هنا، بهذا السياق، الى حواراته مع فيصل لعيبي، وعباس الكاظم واسماعيل زاير، المنشورة والمسجلة وكذلك مع بهجت صبري وقتيبة الجنابي، اللذين انتجا فيلمين تسجيليين في براغ عن الراحل، الخالد، وذلك عامي 2007 و2008 حمل الأول عنوان "محمود صبري بين عالمين" والثاني "انعكاس ضوء". كما ولا يفوتنا ايضاً التوقف برهة لنشير الى الندوة المهمة التي نظمها فرع رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين العراقين في قاعة المحاضرات بمتحف"لينين" ببراغ عام 1988 وقد عرض  خلالها الرائد الكبير بعض خلاصات عن نظريته في واقعية الكم، وشؤون فكرية وسياسية عامة(9) .

كما ونوثق هنا أيضاً الى الاهتمامات الاضافية الأخرى التي لم يكن ليقصر فيها الرائد الكبير، في براغ، برغم مشغولياته وانشغالاته العلمية والفلسفية والابداعية ومن بينها، للمثال وليس للحصر: اتمام تصاميم وتشكيلات فنية لرابطة الكتاب والصحفيين، ورابطة المرأة العراقية، والمنتدى العراقي في الجمهورية التشيكية، وعديد آخر.

وفي ذات الشأن الذي نوثق له، ولربما وبشكل متميز هذه المرة، ننوه هنا الى العناية المتميزة التي أولاها محمود صبري لمشروع "بابيلون" الثقافي الاعلامي، الذي انطلق في براغ اواخر العام 1990 ... وقد تبناه فكرة ومشروعاً،  توجيهاً ورعاية، وتصاميم ومتابعة أسبوعية، بل ويومية بعض الأحيان... وقد عزم على تطوير ذلك المشروع، بكل حميمية، وبهدف ان يطلقه من واقعه المحلي، الى منبر فكري عام، ومن بين ذلك مشروع اصدار مجلة ثقافية فكرية(10). وتكررت الحال ذاتها، وبحرص حميم، عشية التهيئة لاطلاق مركز "الجواهري" للثقافة والتوثيق عام 2002 والذي كان محمود صبري يتابع أمره، وحتى جزئيات اطلاقه، ومن بين ذلك محاولته لتوفير الدعم المادي له، وثمة لهذا الموضوع  تفاصيل عديدة، ليس من حيز مناسب للتوقف عندها، في التأرخة على الأقل.

خاتمة – مقدمة، لتوثيق آخر...

... وإذا ما كان هذا التوثيق الموجز قد تحدد بشأنين بارزين، متداخلين، لا فكاك بينهما، ونعني بهما الوطني – السياسي، والابداعي – الفكري، فثمة ثالث متميز، ونعني به الشأن الاجتماعي، الانساني، لمحمود صبري، وعلاقاته العامة وحياته اليومية، وزهده وشموخه... ونزعم ثالثة – وأخيرة  هذه المرة– انها جديرة بالتوثيق، إذ تعبر عن الكثير من صفات المثقف العبقري، المتواضع الكبير، وذلك ما نعد بالسعي لاتمامه، محاولة لبعض وفاء لمعلم، وصديق نتباهى بالتفرد معه، بعلاقة شخصية وخاصة، وعلى مدى ثلاثة عقود على الأقل.

هوامـش واحالات

1- اعاد اعلام الحزب الشيوعي العراقي، في شباط الماضي نشر تلكم الدراسة بحلقاتها الثلاث .

2- تفاصيل وافية حول ذلك في ذكريات السياسي العراقي البارز محمد حديد ... ونشير هنا ايضا الى اللقاء بين سلام عادل، ووصفي طاهر، ممثل حركة الضباط الأحرار، في بيت محمود صبري، في بغداد، عشية حركة الرابع عشر من تموز 1958 التي أسست للجمهورية الاولى في العراق.

3- نشرت مجلة "الطريق" اللبنانية أواخر التسعينات فصلاً منها، باهتمام مباشر من المفكر كريم مروه، بعد لقائه مع محمود صبري- بحضورنا-  في بــراغ .

4- اتمم الحوار: مجيد الراضي وفالح عبد الجبار ويحيى بابان (جيان).

5- نشرتها مطبوعة "مرافئ"  الدورية، في اصدار خاص، وكان يشرف عليها، صادق الصائغ، في براغ، كمنبر أوربي للرابطة .

6- نشرت المقترح (القلم بين المطرقة والمنجل) الصحيفة المركزية للحزب الشيوعي العراقي أوائل التسعينات.

7- نشير هنا على سبيل المثال لا الحصر، الى بعض حضور، ومشاركات محمود صبري في براغ، ومنها: حفل افتتاح مؤتمر الطلبة العراقيين في الخارج الذي انعقد عام 1983. وكلمته المهمة في اربعينية غائب طعمة فرمان، عام 1990 ... ومشاركته في اجتماع تمهيدي، عام 1998  لتشكيل هيئة للتضامن مع نضال الشعب العراقي ضد الدكتاتورية والارهاب. وكذلك  حضوره لحفل الاحتفاء المهيب بمئوية الجواهري، عام 2000.

8- تم في براغ، عام 2008 وبرعاية سفير العراق، ضياء الدباس، احتفاء انيق بمناسبة العيد الثمانيني لمحمود صبري. كما ورعى سفير العراق، حسين معله الحفل التأبيني للراحل الجليل في حزيران2012.

9-  حضر الندوة نحو مئة شخص، وتحدث خلالها، اضافة لمحمود صبرى، كاتب هذه التأرخة، ومفيد الجزائري، وكذلك، الشخصية الوطنية العراقية البارزة، عامر عبد الله.

10- حملت، وتحمل، اغلفة مطبوعات "بابيلون" منذ اثنين وعشرين عاما والى اليوم، تصاميم رئيسة، اتممها محمود صبري، خصيصا، لتلكم الاصدارات.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.