اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• المنطقة الامنة لمسيحي العراق . . حـوار ونقاش

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

لطيف روفائيل

المنطقة الامنة لمسيحي العراق . . حـوار ونقاش

 

     بعد ان خفت حمى النقاش والحوارحول موضوع القومية واشكالاتها ابتداءً بالتسمية وتنوعها ,مرورا بتعدد الاحزاب والحركات واضرارها ,حتى الصرخات التي اطلقت لتوحيد هذه الاحزاب تحت تسمية قومية واحدة تجمع الاشوري والكلداني والسرياني , وتباينت المواقف والاراء بين المشجع والراغب الى الوحدة والتسمية الواحدة  وبين من يصر على الاسم المنفصل والتجزئة مستندا على مبدأ النفي للاخر , وبين هذا وذاك اخذ السجال منحى الحوار الشخصي  واستخدمت فيه لغة الشتائم والتعرية  وكاننا في مناظرة او في برنامج الاتجاه المعاكس السيء السمعة والذي يقوده فيصل القاسم من على قناة الجزيرة .

 

      بعد ان هدأت هذه الحمى ,دقت الاقلام من ابناء شعبنا نواقيسها  وهي تكتب عن موضوع لايقل حساسية عن سابقه  واتسع الحوار واخذ حيزا في النقاش ألا وهو ( المنطقة الامنة لمسيحي العراق ) , ولعمري اجد ان كل هذه الحوارات  حالة صحية تدل على الاهتمام المتزايد والوعي المكثف بما يدور من احداث ومستجدات , سواء منها ما يمس ابناء شعبنا او ما يمس الشعب العراقي باكمله رغم الاختلاف بالاراء , ولكن لغة الاهانة والشتائم عادت من جديد تطرق مسامعنا  لتقلل الكثير من جدية الموضوع , وتحُول من الاهتمام الموضوعي  في الحوار الى ثارات شخصية  وهذه بتقديري ليست لغة النقد والانتقاد , بل هو اسلوب التشهير الرخيص والذي لايخدم احدا بل يسيء الى الوعي والثقافة كجزء من شخصيتنا .

 

    هذا الاسلوب بدأ جليا في المقالات المكتوبة والردود عليها  التي تبتعد تماما عن الاسلوب الحضاري المتمدن في الطرح والحوار , اسلوبا مشاكسالايمكننا عبر استخدامه من اضفاء اية قيمة حقيقية ذات منفعة لاي موضوع يدخل ضمن دائرة الحوار والنقاش . ان كل فرد منا يحترم عقله الذي هو اثمن مايملكه  وعليه احترام الاخر المخالف له ويؤمن بحقه في الكلام والتعبير عن رأيه  مبتعدا عن كلام الانتقاص والبحث عن ثغرة في خلفيات الاخر غالبا  ماتكون مصطنعة لمجرد تفريغ حقد  او كراهية مشحونة , ولكي تتعمق المناقشات وتتسع وتاخذ المنحى التفعيلي لها  للافادة والاستفادة بما فيها من بذور فكرية , من الضروري الابتعاد عن اساءة المقابل , وتكون المقالة المكتوبة فيها قدرا من المروتة والانفتاح وقبول الاخر والايمان بمبدأ نسبية الحقيقة  وانها ليست سلعة للامتلاك الشخصي , وان  لايكون الهدف من المقالة الاصرار بحد ذاته لتندرج في مفهوم - من ليس معي فهو ضدي –

 

       وبالمقابل ان تكون الردود متسامحة وداركة بان المقابل يمتلك وجهة نظر فكرية تستحق الاهتمام والحوار لا الازدراء والانتقاص والاحتقار بل احيانا محاولة الاقصاء , كما لايمكن النظر الى الحوار على انه معركة او حلبة صراع هدفها احراج الطرف الاخر , بل النظر اليه من خلال جهد فكري معرفي للطرفين يتم تبادل وجهات النظر حول موضوع معين بطرحه للنقاش وينظر اليه المتحاورين من زوايا مختلفة واراء مختلفة - اي بمعنى ان القضية هي الحرية في الرأي وهي قضية حقوق متبادلة بين الاطراف المتحاورة .

 

  هناك خلفيات ثقافية متعددة يتميز بها الاشخاص فرادى  وانطلاقا من هذه الخلفية وارتكازا الى افكاره يقدم ما لديه من مشروع  ويحاول ان يجد جسرا لافكاره يعبر بها الى المشروع في مجال التطبيق من جانب الاهتمام بالموضوع من الزاوية الاكثر صح , وهكذا كلٌ يكتب بشكل قريب مما يفكر او يترجم افكاره على الورقة مع الانتباه دون المغالاة  بما يسيء الى  الموضوع .

 

      اذا علينا  ان لاندع العواطف تسبقنا الى الفكرة كمسيحيين عندما نجتهد في البحث عن الحلول في دائرة الارهاب القائمة , عندها سننفي العقلانية في طرح الرؤيا وسيكون جلً اهتمامنا بقشور الفكرة والسطحي منها , وعلى العموم فاننا نكتب ترجمة لافكارنا واراءنا ليس كاصدار قرار بل كجهة ضغط على اصحاب القرارالسياسي - كما كانت النتائج الايجابية للمواضيع العديدة التي تطرقت الى القومية والمطالبة لايجاد حلا يجمع الجميع بدل التمزق الحاصل , من خلال تغيير الخطاب السياسي لغالبية الاحزاب والحركات الممثلة لهذا الشعب , باننا شعب واحد وقومية واحدة والذي نتمناه ان تكون الاقوال متزامنة مع الافعال .

 

  خلاصة القول لترتقي مستوى حواراتنا سلم التحضر للوقاية من اي داء يصيبنا الان ومستقبلا , وعليه فانني سانقل وجهة نظري بما يخص المنطقة الامنة لمسيحيي العراق  مسترشدا بقراءاتي للوقائع والاحداث  والتي في تقديري انني بالاتجاه الصح .

 

   بدءاً اعتبر انه لاتوجد اية مبررات لانشاء منطقة امنة لمسيحيي العراق  وحسب المفهوم الذي اقتبسته من بعض المقالات المطروحة - ان المنطقة الامنة تعني ايجاد الحماية لاقلية  كانت قومية او دينية تتعرض للاضطهاد وتغيير الهوية اما بالقتل والتشريد او اجبارهم على النزوح وترك موطنهم . وتؤكد عدد من المقالات ان مسيحيي العراق يتعرضون الى هذا النوع من الاضطهاد وعليه فان المنطقة الامنة هي افضل الوسائل التي يمكن ان تحصل لاجل حمايتهم .

 

 هل مسيحييوا العراق مضطهدين ؟؟

 

 كيف ومن اين ؟؟

 

 

  ان واقع العراق الحالي يفرض علينا تجزئته الى منطقتين جغرافيتين , الجزء الشمالي او اقليم كردستان والتي تقطنه الغالبية الكردية  والجزء التي تقطنه الغالبية العربية الممتد من الموصل حتى اقصى الجنوب  والمسيحيون متوزعون في بلدات وقرى في الجزأين المذكورين , تنتشر القرى والبلدات المسيحية في اقليم كردستان في اماكن متفرقة من المنطقة  وهي لاتعاني من اي شكل من اشكال الاضطهاد , وقد تكون هناك بعض التجاوزات المحدودة  التي هي تجاوزات فردية وغير منظمة وغير مدعومة من قبل القيادات الكردستانية , بل ان هذه القيادات ( الحكومة ) تحد من هذه التجاوزات وتحاول بكل مافي وسعها لحل الاشكاليات التي حدثت في الماضي واعادة الحق الى اصحابه , وهنا لااريد ان اجعل من القيادات ( الحكومة ) الكردستانية نموذجا مثاليا فهي ايضا وليدة الظرف والمجتمع والفكر القومي وتسجل عليها من الاخطاء ما هو كثير ولكن يجب ابراز ماهو مسجل لصالحها وماهو ضدها ,

 

      ومن خلال المعلومات التي تصلنا من عدة جهات سياسية و اجتماعية فانه تم وسيتم اعادة بناء القرى المسيحية المهدمة في عهد نظام صدام حسين واعادة المرحلين الى ديارهم , وكذلك اعادة الحق الى اصحابه المتمثلة بالتجاوزات الفردية من قبل بعض الاكراد على الاراضي والمساكن العائدة للمسيحيين ولقد تم فعلا انجاز الكثير بهذا الاتجاه , ومما يلفت النظر اليه بحق مسيحيوا اقليم كردستان هم في حرية تامة في مزاولة اعمالهم ونشاطاتهم وطقوسهم  , ولايوجد ما يذكر الى تعرضهم او تعرض كنائسهم الى عمليات ارهابية , او اي نوع من المضايقات ,وليس هناك اكراه على النساء المسيحيات لارتداء الحجاب  وحكومة كردستان لها من الامكانية على سحق اي مجموعة ارهابية وهي في مهدها , وبما ان اوضاع المسيجيين مستقرة في هذا الجزء من العراق , يمكننا القول انه لاتوجد اية مبررات لانشاء منطقة امنة لهم, بل ان اي محاولة للضغط بهذا الاتجاه سيولد حتما شعورا بالكراهية والحقد لدى الاخرين تجاههم, ويكون من اثاره السلبية ماهو غير متوقع , بتقليص نشاطات المسيحيين بالاتجاه القومي والسياسي , بحشرهم وحصرهم داخل هذا السياج الامني في بقعة جغرافية محددة.

 

     اما الجزء المتمثل بالغالبية العربية والتي تنتشر فيه القرى والبلدات المسيحية وهي لاتتعدى اصابع اليد ومنتشرة في سهل نينوى وعلى منطقتين جغرافيتين , احداهما تشمل تللسقف , باطنايا , تلكيف , باقوفة , شرفية ,  زائدا القوش اذا اعتبرت ضمن المنطقة فهي واقعة على سفح جبل , والثانية كرمليش , بخديدا , برطلة , واذا اضفنا المسيحيين الساكنيين في بحزاني وبعشيقة وهي ليست بلدات مسيحية خالصة , ( هذا اذا كنت موفقا في احصائها ولم تخونني الذاكرة ) , فلم نسمع تعرضها الى اعمال ارهابية يجدر الانتباه اليه باستثناء بخديدا التي تعرضت الى عدة قذائف ومن على بعد , ونحن هنا امام العائق الاول في تحديد المنطقة الامنة جغرافيا لمجموعتيين متباعدتين وتتخللها قرى وبلدات عربية , يستوجب ازاحتها وترحيل سكانها لاجل تنفيذ المشروع وهو امر لايوافقه العقل  وفي حالة تركهم ضمن المنطقة الامنة , من ذا الذي يضمن عدم تغلل الارهاب بين هذه البلدات الاسلامية , وليس عمليا ايضا القبول بمنطقتين امنتيين منفصلتين او ترحيل سكان احدى المجموعتين الى الثانية فالعملية في غاية السوء . وهذا حتما يتطلب ترحيل المسيحيين القاطنيين في المحافظات الاخرى لاجل حمايتهم وبالتالي عليهم ترك منازلهم واعمالهم ووظائفهم ومصالحهم والاعتماد على وكالة الغوث الدولية لتسعفهم بالغذاء والملبس وانشاء المستشفيات وعلى الطلبة اما ترك الدراسة او المطالبة بانشاء جامعة داخل المخيم  وكل هذا ولااحد يستطيع تحديد السقف الزمني لعودة الامور الى وضعها الطبيعي واستقرارها وتبقى هذه العوائل داخل المخيم تنتظر الضوء في اخر النفق الطويل ,

 

   ان تحييد المسيحيين وعزلهم عن المجتمع العراقي يمنح مبررا مجانيا للقوى الظلامية والارهابية لترويج وتأكيد شعاراتها بالحرب الصليبية الجارية للقضاء على الاسلام والمسلمين , وتسجيل نقطة لصالحهم لتمرير اهدافهم في تفكيك مكونات الشعب العراقي وتسهيل مهامهم التخريبية والاستمرار في الفوضى السائدة واشاعة وتقوية روح التعصب والكراهية تجاه المسيحيين في الظرف الذي يستوجب كسب الراي العام العراقي الى جانبنا باعتبارنا اقلية تتعرض للاضطهاد من قبل مجموعة لاتريد استمرارية الوحدة الوطنية والخير والسلام للوطن  .

 

  ان الهدف الذي يطالب به البعض من انشاء منطقة امنة للمسيحيين هو حمايتهم من الاخطار والهجمات التي تطالهم , ولكي نكون منصفين في تقديراتنا وباستثناء الكنائس  وعمليات فردية ضد الساكنيين في المحافظات لم يتعرض المسيحيون داخل قراهم الى اية عملية ارهابية , وهذا لايعني انهم بمأمن من الجرائم المتوقعة حصولها, ولكن بعملية حسابية بسيطة نستنتج , انه من الغباء ان تُقدم القوى الارهابية على هذه الخطوة وهي لاتملك جيشا منظما يمكنه الزحف لاحتلال القرى وتدميرها , وان امكانية تحركهم لا يتعدى  تمثيلهم  على شكل مجموعات تستخدم اسلوب الكر والفر وهذا الاسلوب لن يجدي نفعا للعمليات الكبيرة كاحتلال قرى ليس لهم فيها انصار ومؤيدين تساندهم , اضافة الى ان كل قرانا مسلحة وفيها من المقاتلين مايجعل القوى الارهابية ان تفكر مئات المرات قبل ان تقدم على هذه الخطوة , ولربما يتحجج البعض بان بخديدا  تعرضت الى عملية ارهابية بالفذائف , وقتل الحجة يكون بان المنطقة الامنة وسياجها لن يمنع من وصول القذائف اليها  من مسافات بعيدة , واذا تحجج البعض بما يتعرض له المسيحيين الساكنيين والكنائس في بغداد والموصل , فقتل  الحجة ايضا يكون بان المنطقة الامنة ستدعوهم جميعا للهجرة والانظمام اليها  وهذا لايختلف عن الهجرة الداخلية الحاصلة الان  لساكني المحافظات الى قراهم وغالبيتهم هم المهاجرين من هذه القرى الى المدن بحثا عن عمل ,

 

    ولذا فالغالبية لديهم مساكن واقارب في هذه القرى وكذا تكون النتيجة هي في كل الاحوال تساوي واحد , وكوننا نتفهم ان الارهاب القائم حاليا ليس ارهاب دولة اوسلطة ضد اقلية دينية او قومية بل ليس مدعوما من قبل الجكومة وانما الحكومة هي التي تعاني منه وان كافة مكونات الشعب العراقي ليست بمنأى عنه , ولايفوتنا ان العناصر الارهابية ليست عراقية خالصة بل هي مزيج من الاسلاميين السلفيين والقادمين من مختلف البلدان العربية والاسلامية مع الظلاميين العراقيين والعناصر البعثية التي فقدت مناصبها ومكاسبها والتي تحاول جاهدة اعادة الوضع الى ماقبل التغيير , هذا المزيج الارهابي المتخلف لايود التطور والتقدم للعراق , فهل يمكن ان نبقى بعيدا عن الشعب العراقي باكمله و نعزل انفسنا   في مخيم  ولا نتصدى لهذا المزيج الملثم بالتخلف ونتركه يعبث فسادا .

 

  لكل ماسبق يمكننا ان نتفهم بان الظروف الموضوعية والضروف الذاتية للمسيحيين لاتسمح باقامة منطقة امنة لهم فنحن لاخوف علينا ولاهم يحزنون وعكس ذلك سنكون من الخاسرين .

 

كم منطقة امنة يجب ان تقام ؟؟

 

ان المجتمع العراقي يُشبه بالموزائيك فهو يتكون من قوميات واديان وطوائف متعددة , ومن المؤكد ان الارهاب المتمثل بالتكفيرية والرافض للاخر لايميز بين الاديان  والمذاهب المخالفة له , بمعنى ان سيفها مرفوع بوجه المسيحية والمندائية والايزيدية والشيعة وحتى السنة التي لاتوافقها الرأي , وكما انه ليس بمقدورنا الانكار بالتهديد الصريح للمسيحيين في يغداد والموصل وبالاخص المناطق ذات التواجد الكثيف للسٌنة والذي يمثل ينبوع الارهاب سواء من خلال المنشورات الموزعة او العمليات التي طالت الكنائس , لايمكننا ان نهمل ما يتعرض له المندائيين والايزيدية من تهديد مباشر , وخلال شهر نوفمبر لوحده قتل اكثر من 40 ايزيديا في مدينة الموصل لوحدها بل اصبح تواجدهم وتنقلهم الى هذه المدينة من المحرمات عليهم فقد اصبحت الموصل بالنسبة لهم مصدر خوف ورعب وكذا الحال بالنسبة للصابئة التي تقطن مناطق الفرات الاوسط والمناطق التي تسمى بمثلث الموت , فهم لايستطيعون الكشف عن هويتهم خوفا من ان يكون القتل من نصيبهم , فاذا كانت المطالبة بانشاء منطقة امنة للمسيحيين فحريا ايضا ان تكون المطالبة بمنطقة امنة للصابئة والايزيدية  وهم ايضا يمثلون اقلية دينية لاحولة لها ولاقوة ومستهدفة بكل معايير الاستهداف , وبالتالي فاننا نحتاج الى ثلاث مناطق امنة في العراق  وبالتالي سيكون العراق مقسما الى عدة كانتونات , وهذا مرفوض منطقيا , كما ان اية حلول جزئية للعراقيين هي مسبقا لن تؤدي الى الغاية المرجوة ولن تحل مشاكل الارهاب

 

 المنطقة الامنة للاكراد عام 1991 نموذجا ----

 

استرشدت عدد من المقالات بالمناطق الامنة الي انشئت في العالم ومنها المنطقة الامنة للاكراد والتي اقيمت بعد حرب الخليج الثانية , بنتائجها الايجابية في حماية الاكراد من الابادة , وبمقارنة تلك الحالات بالوضع الحالي للمسيحيين , اقتنعوا بان المنطقة الامنة هي افضل وسيلة لحمايتهم من الاضطهاد , انني ارى ان هذه المقارنة غير موفقة , لعدم تماثل الاسباب في الحالتين ولاختلاف الظروف الزمانية والمكانية ونوعية الاضطهاد وشدته ونتائجه ناهيك عن المشروعات السياسية لاصحاب القرار , فلايمكن الاخذ بالمنطقة الامنة للاكراد كنموذج يمكن الاحتذاء به وتطبيقه الان , لقد كانت هناك اسباب سياسية وانسانية دعت المجتمع الدولي الى التفكير جديا بالقومية الكردية لايجاد حلا يحميها من الابادة , فالاكراد تعرضوا للابادة الفعلية من قبل النظام الدكتاتوري الفاشي , ومن ضمن ممارساته العملية , ضرب الاكراد بالاسلحة الكيمياوية , وعمليات الانفال السيئة الصيت , واتباع سياسة الارض المحروقة في تدميره للعديد من القرى وترحيل سكانها الى مناطق اخرى من العراق , اضافة الى محاولاته في تغيير هوية عدد من المدن وتعريبها كمدينة كركوك مثلا ,  واخيرا الهجرة المليونية للاكراد  بعد حرب الخليج الثانية الى الاراضي التركية والايرانية في تلك الظروف الشتائية القاسية والتي اودت بحياة المئات ممن لم يستطع تحمل قساوة الجو والطبيعة , ولم تتمكن المخيمات التي اقيمت في هذين البلدين من استيعاب ذلك العدد الهائل من النازحين ..  تحرك الضمير العالمي على اثرها وكانت فكرة انشاء منطقة امنة للاكراد لحمايتهم , فهل المسيحيون يتعرضون الى هذا النوع من الابادة الحقيقة , وهل هم بنازحون  من قراهم انقاذا لارواحهم وهل الارهاب على المسيحيين ارهابا منظما وقادما من السلطة ام من مجموعة ارهابية لاتستثني احدا من ابناء العراق ؟؟

 

  ان المشروع الذي طرح في حينها لحماية الاكراد , لم يكن مشروعا امريكيا , بالقدر الذي كان فكرا ومشروعا فرنسيا , جاء نتيجة ضغط الرأي العام الفرنسي على الحكومة الفرنسية للتحرك بهذا الاتجاه , اما الادارة الامريكية  فانها وافقت على المشروع ليس من باب حماية الاكراد وانما لتحسين صورتها  امام انظار العالم بعد استخدامها لاسلحة محرمة في حربها ضد العراق وبعد الدمار الهائل الذي الحقته بالبنية التحية للمجتمع العراقي , وبعد ان تهربت لوعودها للعراقيين بدعوتهم للانتفاضة , وتحرك العراقيون وحدثت الانتفاضة عام 1991 وكان النظام قاب قوسين او ادنى من السقوط  وتخلت الادارة الامريكة عن مساندتها , وكان الضوء الاخضر لصدام حسين لاجهاضها  ( بحجة ان الذي يحدث شأنا داخليا  وان تجيش جيوشها كان لتحرير الكويت وحسب , وكل تحليلاتنا لهذا الموقف لايتعدى الاجتهاد والاسباب الحقيقية هي في خزنة الادارة الامريكية. ), هذا الضوء الاخضر الامريكي كان يحمل في اشعاعاته مرسوم الابادة الجماعية للشعب الكردي , هكذا كانت اللافتة الامريكية سوداء امام المجتمع الدولي وعليها ان تتحرك لتبييض اللافتة , فكان مشروع المنطقة الامنة الفرنسي المولد افضل وسيلة  للتحرك  وكانت الاستجابة الامريكية سريعة , وطرح في اروقة الامم المتحدة , واتخذ به قرارا , وهنا تعانقت الاهداف السياسية والاهداف الانسانية. الاهداف السياسية على المدى البعيد لاحتواء صدام حسين وتقييد حركته واضعافه ,

 

     واستمرت الاهداف السياسية تنشط فيما بعد وكان حظر تحليق الطائرات فوق المناطق الجنوبية تكتيكا سياسيا اخرحجته حماية الشيعة  , بهذا التداخل للاهداف السياسية والانسانية اقيمت المنطقة الامنة للاكراد , فماهي الاهداف السياسية والانسانية التي تلح على اصحاب القرار لانشاء منطقة امنة للمسيحيين ؟؟ بل اعتقد اذا اقدمت امريكا الى هذه الخطوة ستنال من السيئات اكثر من الحسنات .

 

   اما الحديث عن المنطقة الجغرافية المحددة لاقامة المنطقة الامنة , فنقف عند الاكراد الممتدة اراضيهم من زاخو حتى السليمانية  وهي بقغة جغرافية جاهزة ولاتحتاج الى جهد عملي لانشاءها سوى تحذير نظام الحكم بعدم التقرب منها , وهي  منطقة مترامية الاطراف وواسعة  اضافة الى جاهزيتها المؤسساتية , الادارية والتعليمية والاقتصادية والفنية والتجارية ولاتحتاج الى اي عون من منظمات الامم المتحدة او اي منظمات اخرى تتحمل مثل هذه المسؤوليات , وعليه فان الموظف لايحتاج الى ترك وظيفته والطالب ليس مجبرا  لترك دراسته ولا اصحاب الاعمال الى هجرة اعمالهم ولاترك المواطنيين لمنازلهم ,ولا ..ولا...الخ , فاين المنطقة الامنة للمحبين اقامتها للمسيحيين من كل هذه العوامل المساعدة , وكما اسلفنا الارض وحدودها ؟؟

 

ايجابيات المنطقة الامنة الكردية عام 1991 ---

 

كما التقت مصالح الشعب العراقي مع مصالح الامريكان في تغيير نظام الحكم الدكتاتوري وهلل غالبية الشعب العراقي لهذا التغيير , كذلك في عام 1991 التقت مصالح العراقيين مع مصالح الامريكان في انشاء المنطقة الامنة في شمال العراق , وكما اسلفنا عن الاهداف السياسية للامريكان من وراء اقامة المنطقة , فانها ايضا  عادت للعراقيين بالمنافع الكثيرة , كانتقال المعارضة العراقية في حينها بكل ثقلها الى الداخل بعد ان كانت مشتته في دول العالم وصوتها بالكاد يسمع , ونتيجة هذا الانتقال تمكنت الاحزاب الوطنية العراقية من نقل كل تحركاتها الى العمق العراقي واصبحت امكانية توزيع صحافتها السرية وادبياتها ومناشيرها الى العمق بسهولة وسرعة , كما واصبحت هذه الاحزاب على تماس مباشر بالاحداث اليومية للشعب العراقي من اعدامات واعتقالات ومعاناة وعموم الحياة وتمكنت من ربط خلاياه التنظيمية بشكل افضل والسرعة  في ايصال التبليغات والتوجيهات الحزبية , كما ان المنطقة الامنة كان لها الفضل في امكانية انعقاد مؤتمرات المعارضة داخل الاراضي العراقية وامام اعين النظام دون ان يتمكن من ان يحرك ساكنا , ولقد كان لهذه المؤتمرات الاثر البالغ في توصيل الفكرة الى العراقيين , كما ان المنطقة اصبحت ملاذا امنا للعراقيين الملاجقيين امنيا الذين اذا شعروا بالخطر يداهمهم ينتقلون الى الاراضي الكردستانية ويكونوا في مأمن, ولقد اصبح للمعارضة العراقية من قلب كردستان صوتا مسموعا للعالم , وانتبه العالم ولاول مرة بان هناك معارضة قوية وحقيقية في العراق تستحق الاحترام والاهتمام ,

 

     وتمكن الاكراد من لفت انظار العالم اليهم , وكانت المنطقة الامنة مناسبة لاجراء الانتخابات ولاول مرة في احد اجزاء العراق ورغم النواقص والاخطاء والممارسات المرفوضة الا انها كانت تجربة انتخابية لجزء من شعب العراق  واعطت امكانية لتجاوز المغالطات التي حدثت مع استمرارية النموذج الديمقراطي كنهج  يرغبه العراقيون بكل الوانهم لتداول السلطة سلميا .. ومن منافع المنطقة الامنة ايضا بناء قدرة قتالية من حيث جيش منظم ومدرب متناسقا مع الاسلوب الحديث في بناء الجيوش بدلا من حرب العصابات الكر والفر , وذلك جعل النظام عند التفكير  باقتحام المنطقة ان يدفع خطوة الى الامام ويرجع خطوة الى الوراء ,,,

 

  فماهي الفوائد والمنافع التي يمكن ان نجنيها من المنطقة الامنة للمسيحيين , في زمن مختلف والحكومة ستكون منتخبة والقانون العراقي يحمي المسيحيين وحدد حقوقهم وواجباتهم بوضوح كمواطنين متساوين مع كافة ابناء العراق وليس كاقلية بل كشعب اصيل  باني حضارة وادي الرافدين , اعتقد ان المساويء سوف تكون اعظم ...........

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.